حكومة نتنياهو سقطت مع “طوفان الأقصى”… وأميركا تمسك بزمام المبادرة

آية المصري
آية المصري

بعد الهزيمة المدوية التي تعرضت لها اسرائيل من حركة “حماس” عبر عملية “طوفان الأقصى”، بدأت تلجأ الى كل الوسائل للدفاع عن نفسها والصمود أمام جمهورها وشعبها، ولم تتوانى عن ارتكاب المجازر والهجمات الوحشية على غزة من دون أن تستثني الأطفال والنساء والشيوخ.

وفي ظل الأوضاع المتأزمة في إسرائيل أعلن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو وزعيم حزب الوحدة الوطنية المعارض بيني غانتس،  في بيان الأربعاء، عن تشكيل حكومة طوارئ خلال الحرب مع قطاع غزة، ضمت الى نتنياهو وغانتس وزير الدفاع الحالي يوآف غالانت، وكلاً من القائد السابق للجيش من حزب غانتس، غادي آيزنكوت ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر بصفة مراقبين. وسرعان ما أقر الكنيست الإسرائيلي الخميس، تشكيل حكومة الطوارئ طوال مدة الحرب، ليبقى السؤال ماذا يعني تشكيل حكومة الطوارئ هذه؟

مدير “مركز تطوير للدراسات الاستراتيجية والتنمية البشرية”، الباحث الفلسطيني هشام دبسي أوضح في اتصال عبر “لبنان الكبير”، أنه “يُمكن النظر الى تشكيل حكومة الطوارئ من زاويتين، الزاوية الأولى أن حكومة نتنياهو الأساسية سقطت مع المفاجأة التي وجهتها حركة حماس عبر عملية طوفان الاقصى، بحيث سقطت تلك الحكومة سياسياً وأمنياً وعسكرياً من المعايير كافة، نتيجة الصدمة التي واجهتها قيادة نتنياهو ومجموعاته في السلطة. وعلى أثر هذه الصدمة في اسرائيل هناك يُقال بلغتهم ان المستوى السياسي أحد أركان مثلث عميق في الدولة الاسرائيلية، الضلع الاَخر فيه المستوى الأمني والضلع الأساس هو المستوى العسكري، وبهذا المعنى عندما يكون هناك اهتزاز عميق في دولة اسرائيل بصدمة على المستويات الثلاثة، الأمني والسياسي والعسكري فلا بد من اعادة تشكيل التوازن الداخلي الاسرائيلي لمواجهة الحدث الصاعق”.

وأشار الى أن “هذه اللحظة مرتبطة أيضاً باعادة انتاج حكومة من المعارضة التي كانت ترفض مشاركة نتنياهو بشروطه لتشكيل حكومة، وأعتقد خلفها الادارة الاميركية ونفوذ هذه الادارة التي أمسكت بزمام المبادرة في كل هذه الحرب التي تدور الاَن ضد الشعب الفلسطيني، وبهذا المعنى أعتقد أن وزن الادارة الاميركية راهناً يفوق وزن هذه الحكومة في القرارات الاستراتيجية والسياسية، والقرارات ذات الصلة بالاقليم أي الدول العربية وفي محيطنا الايراني والتركي والأوروبي”.

وأعرب دبسي عن اعتقاده “أننا نشهد الاَن قيادة أميركية مباشرة للامساك بكل خيوط التناقضات الرئيسة في الشرق الأوسط، ما بين محور الممانعة والدول العربية التي أطلقت مبادرات متعددة مثل المملكة العربية السعودية ومصر والأردن مع السلطة الوطنية الفلسطينية لاعادة مسار المفاوضات بهدف انتاج حل حقيقي للمسألة الفلسطينية، بحيث أن الادارة الأميركية نفسها شهدت على انهيار كل مبادرة لحل المسألة الفلسطينية وبهذا المعنى يمكن الفهم الاَن، لماذا رفعت شعارات القضاء على حركة حماس التي تساوي الى حد ما، القضاء على القوى الفلسطينية بكل أشكالها ليس في ما يتعلق بالحركة في محاولة لتركيع الشعب الفلسطيني كمحاولة لاجبار الدول العربية على القبول بحلول رفضها هذا الشعب”.

واعتبر أن “عملية طوفان الأقصى هي تعبير واضح عن عمق الرفض الفلسطيني للسياسات الاسرائيلية والأميركية في تسوية المسألة الفلسطينية، لأنهم منذ فترة طويلة وهم يمارسون سياسات استعلاء وتحقير واستغلال سواء للشعب الفلسطيني ككل، أو للسلطة الوطنية الفلسطينة أو لحركة حماس نفسها”، مذكراً بأنهم “عندما حاولوا انتاج هدنة دائمة في غزة، فشلوا لشدة الشروط الاسرائيلية العالية التي جعلت حركة حماس لا تستطيع تحمل أو تسويق هدنة ليس فيها فوائد حرب سياسية أو اقتصادية حقيقية تحل مشكلة الفلسطينيين في غزة على الأقل”.

أضاف دبسي: “بتقديري نقل الصراع الى حالته العنيفة بعد عملية طوفان الاقصى لندخل في منعطف الحكومة الاسرائيلية الحالية التي تريد سحق الفلسطينيين في الضفة الغربية، قبل قطاع غزة وتريد انهاء أي فرصة لبناء دولة فلسطينية في الضفة من خلال تقطيع أوصال المنطقة ومحاصرة المدن واستباحة القرى واطلاق المستوطنين المسلحين باعتبارهم ميليشيات متوحشة منفلتة على الفلاحين الفلسطينيين في منازلهم وقراهم وأراضيهم”.

ولفت الى “أننا أمام نمطين من السلوك الذي نراه بعد تشكيل هذه الحكومة، نمط تدمير قطاع غزة عن بكرة أبيه، ومحاولة دفع على الأقل مليون ونصف المليون من السكان الى صحراء سيناء ومحاولة تقطيع الضفة الغربية، وحصر المدن لجعلها معازل وسجوناً كبيرة نابلس، الخليل، طولكرم، بيت لحم، أريحا ورام الله، وجعل كل مدينة غزة وحدها وعلى شاكلة غزة وحدها، حتى يقضوا على الحل السياسي للمسألة الفلسطينية الذي يجب أن يكون على قاعدة حق تقرير المصير وبناء دولته”.

أما العميد الركن خالد حمادة فأشار عبر “لبنان الكبير” الى أن “حكومة الطوارئ تشكل عادة من وزارات معنية بالأزمة (الحرب) ويختاروا الوزارات التي لها عمل في أيام الحرب أكثر من غيرها، على أن تكون شخصيات موثوقة ولها رصيد في اسرائيل لكي يقدموا للناس نوعاً من الطمأنينة والثقة بالحكومة، ويجب أن يكون فيها وزير دفاع موثوق، وزير للأمن موثوق، وزير مالية أي الحقائب المتصلة بالعملية العسكرية”.

وأكد حمادة أن “هذه الحكومة عادة لا تكون كبيرة الحجم لأنهم يريدون اتخاذ قرارات بسرعة، وتعطى صلاحيات استثنائية من دون العودة الى مجلس النواب كي تستطيع أن تكون حكومة متخصصة صغيرة ورشيقة وتعطى صلاحيات استثنائية لاتخاذ قرارات بسرعة خارجة عن المألوف”.

شارك المقال