الاجتياح البري لغزة… عوائق كثيرة وأثمان باهظة (١)

زياد سامي عيتاني

في الوقت الذي تواصل فيه القوات الاسرائيلية القصف التدميري لقطاع غزة وتنفيذ سياسة الأرض المحروقة، وشن حرب ابادة ضد الشعب الفلسطيني في القطاع، والحشود العسكرية على الجبهات، وحصول تل أبيب على دعم ديبلوماسي أميركي وأوروبي، واعلان حالة الحرب وتشكيل حكومة طوارئ، تزداد المؤشرات على أنّ إسرائيل تستعدّ لاجتياح بريّ للقطاع، وذلك بعدما أعلنت الادارة الأميركية إرسال حاملة الطائرات الهجومية “جيرالد فورد” إلى شرق المتوسط، وتأكيد وسائل إعلام وصول طائرات (A-10) الأميركية إلى منطقة الخليج، لدعم إسرائيل في حال نشوب أي نزاع إقليمي.

وفي هذا الاطار، تؤكد المعلومات أنّ ضباطاً رفيعي المستوى وخبراء استخبارات عسكرية أميركيين وصلوا إلى إسرائيل، وانضمّوا إلى غرفة عمليات في مقر وحدة الاستخبارات العسكرية، للمساعدة في تحليل المعطيات الميدانية، وبالتالي فإن حاملة الطائرات “جيرالد فورد” باتت على صلة بغرفة عمليات الجيش الاسرائيلي، وهي حاضرة لمواجهة احتمالات توسع المواجهة لتشمل “حزب الله” أو أي دعم إقليمي.

وتبريراً لاجتياح غزة، كتبت الباحثة في الدراسات الاستراتيجية والأمنية بنينا شوكر، مقالاً في صحيفة “يسرائيل هيوم”، أكدت فيه أن تجارب الماضي في العمليات العسكرية ضد “حماس” أثبتت أنه لا يمكن تحقيق أي هدف من خلال القصف والغارات، وعليه لا بد من أن يقوم الجيش بتوغل بري في غزة. وفي ظل الضربة الموجعة التي وجهتها “كتائب القسام” الى إسرائيل، تعتقد بنينا أن الأخيرة ملزمة بعملية برية، مشيرة إلى أن هذه المرة، وعلى النقيض من العمليات العسكرية السابقة مع “حماس”، يبدو أن المستوى السياسي ممثلاً بحكومة الطوارئ و”كابينت الحرب”، سيصدر أمراً لعلمية برية واسعة، وهذا ما يعززه أولاً تشكيل حكومة وطنية، والتعبئة غير المسبوقة لقوات الاحتياط، مع إعلان حالة الطوارئ.

ورجحت بنينا، سيناريو توغل بري في قطاع غزة على الرغم من حجم الخسائر البشرية المتوقعة في صفوف جيش الاحتلال، قائلة: “إن ذلك يعود الى الهدف الاستراتيجي بتقويض حكم حماس في غزة. انّ الجانب الاسرائيلي سبق أن أجرى دراسة حول عملية اجتياح برّي للقطاع، قدّرت أن كلفة العملية ستكون أكثر من 500 جندي إسرائيلي وعشرات الضباط، إضافة الى تدمير آليات ودبابات وطائرات مسيرة، لكن عملية طوفان الأقصى أظهرت أنّ الكلفة ستكون مضاعفة”.

الأسئلة التي تطرح نفسها في هذا السياق: هل تتحمل اسرائيل الكلفة الباهظة التي تنتظرها؟ هل تغامر بالهجوم وهي تجهل قدرات المقاومة؟ هل تدخل الحرب وقد فشلت أمنياً واستخبارياً في معرفة أي معلومة عن عملية “طوفان الأقصى”؟ هل تدخل الحرب وهي تعرف أن هناك مفاجآت تنتظرها؟ الاجابة عن هذه الأسئلة قد لا تخضع للمنطق إزاء المأزق الذي يعيشه الكيان الصهيوني، جراء الهزيمة المعنوية والعسكرية التي لحقت به في أعقاب عملية “طوفان الأقصى”. فلا خيار أمام الحكومة الاسرائيلية ورئيسها تحديداً الا القيام بعمل عسكري داخل غزة، لاستعادة بعض من هيبة المؤسسة العسكرية الاسرائيلية، على الرغم من معرفتها المسبقة أن كل الخيارات “إنتحارية” لها، لذلك فان النقاش يتركز على “الانتحار” الأقل إيلاماً، لاتخاذ القرار النهائي بشأن العملية الانتقامية تجاه غزة.

لا شك في أنّ عقبات كثيرة تقف أمام الاجتياح البري لقطاع غزة، نتيجة النتائج الكارثية التي سيتسبب بها أي قرار تتخذه الحكومة الاسرائيلية، ومن هذه العقبات:

  • وجود معلومات لدى إسرائيل عن خلايا نائمة في عمق فلسطين المحتلة.
  • الجنود الاسرائليون فاقدون للمعنويات، يقتلون بعضهم بعضاً من الرعب، وهاجس بروتوكول “هنيبعل” أي قتلهم حتى لا يتم أسرهم يخيم عليهم.
  • مخاطر قتال الشوارع في المناطق المبنية ذات الكثافة السكانية.
  • الخشية من تعدد الجبهات ووحدة الساحات.
  • معلومات المخابرات الاسرائيلية عن وجود ٥٠٠ كلم من الأنفاق تحت الأرض.
  • عدم الاعتماد على سلاح الجو والدبابات خلال المواجهات وجهاً لوجه في الشوارع والأزقة.
  • عجز الجيش الاسرائيلي النظامي عن تحقيق التقدم في القتال في المناطق الآهلة، في ظل الاختلاف التقني بين الجيوش المنظّمة ومجموعات المقاومة (حرب العصابات).
  • مناورة المقاتلين في غزة أسرع وأكثر سهولة من جيش نظامي، مضطر للتحرك مع الآليات الثقيلة.

كل هذه العوامل ستجعل الجيش الاسرائيلي إذا ما قرر إقتحام غزة مكشوفاً بالمفهوم العسكري، خصوصاً مع شح المعلومات المخابراتية عن القدرات والامكانات والمفاجآت العسكرية التي بحوزة المقاومين، ما سيعوق تقدمه ويكبده خسائر فادحة وأثماناً باهظة.

شارك المقال