“الحزب” عين على غزة… وعين على الدوحة

رواند بو ضرغم

لن يبادر “حزب الله” الى إشعال جبهة الجنوب اللبناني طالما أن المقاومة الفلسطينية مستمرة في التقدم على قوات الاحتلال الاسرائيلي في قطاع غزة، وهو مستمر مبدئياً في استراتيجية التماثل وقواعد الاشتباك، وعينه على مسارين: الأول، المفاوضات التي تقودها أميركا بواسطة قطر، ومطلب محور المقاومة محصور كمرحلة أولى بفك الحصار عن غزة ووقف إطلاق النار؛ والثاني، العمليات الميدانية العسكرية ومدى قدرة حركة “حماس” على الاستمرار والصمود. أما إذا انقلبت المعادلات الميدانية واسترد الاسرائيلي قدرته على السيطرة وهدد وجود المقاومة الفلسطينية، فعندئذ تُفتح جبهة الجنوب اللبناني حتماً على مصراعيها، والآتي أعظم مما شهدناه في حرب تموز ٢٠٠٦، والمقاومة مستعدة لهذا الاحتمال ضمناً.

حتى اللحظة لا تزال “حماس” تدكّ تل أبيب بصواريخها المنطلقة من مناطق فلسطينية هدّتها إسرائيل على قاطنيها، وهذا ما يُعدّ تفوقاً عسكرياً للحركة وضعفاً للجيش الذي قُهر وأفرغ غضبه في المجازر بحق المدنيين العزّل من الفلسطينيين.

انطلاق الحرب في لبنان إذاً، قرار أكبر من الأطراف الداخلية أو الحكومة اللبنانية، وفتيل شرارتها بيد “حزب الله”. وعليه، يتحرك الأميركي من أجل تأكيد موقف إدارة بلاده الرافضة لفتح جبهة الجنوب. أما “حزب الله” فلم يكن حاسماً برفض الحرب ولم يعطِ أي ضمانات، إنما أبلغ موقفه للأميركي عبر رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي: قواعد الاشتباك ستُحترم وفق قاعدة التماثل، والأمر مفتوح على حرب وفق تطورات غزة، ليس بغزو بري وحسب، إنما أيضاً حين الاستشعار بضربة قاضية لـ”حماس” أو لمجرد الشعور أنها مزروكة.

أما الضمانات بشأن غزة فلم تُبحث في لبنان إنما في قطر، بسبب وجود قيادات “حماس” في الدوحة من جهة، ولقدرة قطر على التواصل مع الأطراف الدولية كافة وعلى رأسها أميركا وإيران من جهة ثانية.

المنطقة على صفيح حرب، ورئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل يعتقد أنه يستطيع فرض معادلاته الرئاسية على “حزب الله” بما يتلاءم مع مصالحه الشخصية، وتوجه اليه بالقول: “واهم من يعتقد أن نتائج حرب غرة ستفرض رئيساً خارج المعادلات الداخلية”. في حين أن الثنائي الشيعي غير آبه بباسيل ومعادلاته، ووفق مصدر قيادي فإن الرئاسة جُمّدت ووُضعت جانباً حالياً نتيجة حرب غزة. وما بعد الحرب، سيصبح الثنائي متمسكاً أكثر من أي وقت مضى برئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، وضمان عدم الطعن بالمقاومة بات أولوية.

ويسأل القيادي عبر “لبنان الكبير” مَن مِن المرشحين تجرأ على إعلان موقف داعم للمقاومة وحق الفلسطينيين بأرضهم غير فرنجية؟ لا الياس البيسري ولا جوزيف عون ولا جهاد أزعور ولا زياد بارود ولا نعمت افرام تجرؤوا على مناصرة حق الفلسطينيين في معركة استرداد أرضهم. أما فرنجية فأعلن موقفه منذ اللحظة الأولى وقناعته الوطنية والقومية، ولم يُقم أي حساب للمعركة الرئاسية ولا للمجتمع الدولي.

ووفق معلومات موقع “لبنان الكبير” فإن الموفد القطري جاسم آل ثاني التقى الثنائي الشيعي في اليومين الأولين من عملية “طوفان الأقصى”، وكانت لقاءاته محصورة باستطلاع الرأي حول ما إذا كانت حرب غزة تسرّع من وتيرة انتخاب الرئيس في لبنان أو تعرقل مساره… وتبيّن لأبو فهد أنه “فين” والرئاسة “فين”.

شارك المقال