“حل الدولتين”… طرح ينشده الجميع وتقوّضه اسرائيل

آية المصري
آية المصري

لا يزال الصراع القائم بين فلسطين وإسرائيل مستمراً منذ عهود، مع استمرار هذا الكيان الصهيوني في شن أبشع الهجمات والمعارك وقتل أطفال فلسطين وشبابها ونسائها وشيوخها من دون أي رحمة أو إنسانية لا يعرف معناها، وسط الدعوات الى تطبيق الحل الأنسب لهذه الحروب التي يذهب ضحيتها الآلاف وهو حل الدولتين الفلسطينية والاسرائيلية.

هذا الحل تمثل بالمبادرة العربية لتي أطلقها العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز للسلام في الشرق الأوسط بين إسرائيل والفلسطينيين، وكان هدفها إنشاء دولة فلسطينية معترف بها دولياً على حدود 1967 وعودة اللاجئين وانسحاب اسرائيل من هضبة الجولان المحتلة، مقابل الاعتراف وتطبيع العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل.

هذه المبادرة أطلقت في القمة العربية في بيروت عام 2002، ونالت تأييداً عربياً واسعاً فيما رفضتها إسرائيل قبل أن يجف الحبر الذي كتبت به، واليوم يعيد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان طرح هذا الحل المنطقي، كما أكد الرئيس سعد الحريري أن لا حل سوى حل الدولتين الذي يرفضه بنيامين نتنياهو، فهل لا تزال هذه المبادرة قابلة للحياة؟

في هذا السياق، ثمّن الوزير السابق رشيد درباس في حديث عبر “لبنان الكبير” بعض المواقف العربية التي “استعادت بعض رويتها ولم تذهب بعيداً في الاندفاع نحو التطبيع، لأن هذا الكيان لا يمكن أن نعطيه هذه الورقة الغالية والثمينة اذا لم تكن هناك تسوية للقضية الفلسطينية، وأولها حل الدولتين لأن بوجود دولة فلسطينية يصبح التعاطي بين دولة ودولة أقل دموية وأكثر عقلانية”.

وأوضح أن “كل المجتمع الدولي يعلم تماماً أن العرب قد تراجعوا كثيراً عن حقوقهم التي اغتصبها الصهاينة بتواطؤ دولي خطير غير مسبوق لأن أرض فلسطين انتزعت من أصحابها وأرسلوا الى الشتات والملاجئ، وكانت اسرائيل دولة مرفوضة وخصوصاً أنها قامت على العدوان والوحشية وانتهاك حقوق الانسان، ولا زلنا نذكر ماذا فعل الصهاينة عندما بقرت بطون النساء وذبح الأطفال لكي يرهبوا المواطنيين الفلسطينيين ويحثونهم على الهجرة الى الخارج، كما قامت دولة اسرائيل التي اعتدت على مصر واحتلت سيناء في العدوان الثلاثي الشهير”.

وذكر درباس بأن “إسرائيل قامت بالاعتداء على الدول العربية في العام 1967 بالاضافة الى الاعتداءات المتكررة على الدولة اللبنانية، فهذا كيان عدواني مغتصب وعلى الرغم من ذلك قامت الحرب عام 1973 ووقع الرئيس المصري أنور السادات بسوية معهم واعترف بهم. واعترف بعد ذلك الأردن ثم بدأ التطبيع يأخذ أشكالاً مختلفة ولكن دائماً بصورة ثنائية وهذا يعني أن الدول العربية كانت على استعداد للتنازل عن حقوقها التاريخية والتي هي حقوق لأبناء شعب فلسطين بأرضه وقبلوا بحل الدولتين عندما اجتمعت القمة العربية في بيروت وأعلنت مبادرة الملك عبد الله بن عبد العزيز”.

وقال: “في ذلك الوقت انتظرنا أن يتجاوب المجتمع الدولي لكي يضغط على اسرائيل ولكنها لم تلتفت، والمجتمع الدولي لم يقم بالضغط المطلوب بل على العكس من ذلك، عندما كانت تأتي الحكومات المتطرفة كان الضغط على الفلسطنيين يزداد وقد ضربت السلطة الفلسطينية وحوصر ياسر عرفات في المقاطعة ومات مسموماً ومنع من المغادرة، وبعد ذلك بدأوا يتحكمون بالايرادات التي كانت تصل الى الشعب الفلسطيني وأفقروه، وحاصروا غزة حصاراً تاماً الى أن سمعت منذ عشرة أيام من شخص كان مدير مكتب جو بايدن عندما كان سيناتوراً أن اسرائيل دأبت على دفع الفلسطينيين الى الوراء حتى لم يعد أمامهم أي خيارات، وهذه هي القضية التي ننظر اليها قام المقاومون في حماس بعملية في 7 من الشهر الحالي، زلزلت الكيان الاسرائيلي وهزت الضمير العالمي لكي يكتشف أن الاهمال اذا بقي متمادياً بحق الفلسطينيين ومحاولة طمس القضية الفلسطينية فان هذه القضية كفيلة بأن تولد في كل فترة أزمة جديدة تأخذ شكلاً جديداً”.

أضاف درباس: “اسرائيل تدافع عن قضية خاسرة اذا بقيت على تعنتها هذا، ولم تلاحظ حتى الآن أن الديموغرافية الفلسطينية أصبحت تشكل أكثر من 5 ملايين نسمة، ناهيك عن الفلسطينيين في الأردن، اذاً الشعب الفلسطيني متمسك بأرضه، وعليه، هذه الحالة الديموغرافية المستعصية لا تستطيع اسرائيل أن تتغلب عليها، وهي تحاول الآن أن تستخدم التهجير”.

ورأى القيادي في حركة “فتح” سرحان سرحان عبر “لبنان الكبير” أن “حل الدولتين هو ما اتفق عليه العرب في القمة العربية التي عقدت في بيروت عام 2002، بحيث كانت مبادرة الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز، وللأسف الشديد اسرائيل قبل أن يجف الحبر الذي كُتبت به المبادرة رفضتها، ومن هنا لا أعتقد بامكان حصول مبادرات لتسوية سلام طالما إستمرت في عربدتها في فلسطين وغزة والضفة والقدس”.

وتمنى “أن يصحح العرب الذين طبعوا مع الكيان الصهيوني ويعودوا الى هذه المبادرة وأن تكون مطلباً عربياً واسلامياً”، مشيراً الى أن “حركة فتح ومنظمة التحرير تريان أن المطلب الأسلم هو حل الدولتين، ولكن اسرائيل أسقطت أوسلو وهذا الحل والمبادرة العربية، وفي هذه الظروف يجب أن يكون هناك اجماع عربي على هذه المبادرة”.

في المقابل، لفت ممثل حركة “حماس” في لبنان أحمد عبد الهادي الى أن “العدو الصهيوني لم يوافق يوماً على المبادرة العربية لحل الدولتين من جهته، وفي الفترة الأخيرة قبل الحرب لم تقبل الحكومة الصهيونية المتطرفة بأقل منها وكان مشروعها الحسم لتصفية القضية الفلسطينية بالكامل، واعتبرت أن فلسطين لهم والضفة يريدون أن يبنوا فيها مستوطنات ليهيمنوا عليها”، معتبراً أن “هذا الطرح لحل الدولتين غير قابل للحياة من الكيان الاسرائيلي”.

وقال عبد الهادي: “بالنسبة الينا كحركات مقاومة، نحن لا نؤمن بحل الدولتين ولا بوجود كيان دولة الاحتلال، ولا نؤمن بحقها في أن تكون على سنتيمتر من أرضنا”. وشدد على “أننا نسعى كحركات الى تحرير كل أرض فلسطين، ولكن الحديث ممكن عن دولة فلسطينية على الـ 67 ضمن مسار تحرير الأرض بصورة كاملة ومن دون الاعتراف بالكيان وحق العودة والسيادة الكاملة على أرض الـ 67 وعاصمتنا القدس، هذا في اطار الواقعية والعمل السياسي، ولكن ليس على قاعدة الاعتراف بالاحتلال ومع ذلك هي غير قابلة للحياة لأن العدو الصهيوني لم يقبل ولم يوافق عليها وبالتالي ليست لها أرضية أو بيئة”.

شارك المقال