“هرطقة” المجلس الأعلى للدفاع بديلاً من الحكومة

هيام طوق
هيام طوق

منذ ما قبل اعتذار الرئيس سعد الحريري كان الكلام عن تعمد رئيس الجمهورية ميشال عون إفشال مهمته بهدف بقائه “الشرعي الوحيد” في السلطة التنفيذية بوجود حكومة مستقيلة تصرّف الأعمال، فيتحقق له الانفراد بالسلطة كما يشتهي أساساً وبما يخالف الدستور والأعراف.

وإذ يستبعد كثيرون امكانية تشكيل حكومة في وقت قريب لاعتبارات داخلية عونية بحتة، فالخوف من أن يتحول المجلس الأعلى للدفاع الذي يرأسه رئيس الجمهورية إلى مجلس وزراء مصغر أو إلى سلطة تعطي الأوامر.

بحسب الدستوريين فإن القرارات مناطة حصراً بالسلطة التنفيذية، والمجلس الأعلى للدفاع يرفع توصياته إلى مجلس الوزراء الذي يبقى السلطة التي تقرر. ما هي صلاحيات المجلس الأعلى للدفاع في ظل حكومة مستقيلة؟ هل يمكن أن يتحول إلى سلطة تنفيذية؟

محفوض: الدستور معلق اليوم

يجيب رئيس “حركة التغيير” إيلي محفوض عن أسئلة ” لبنان الكبير” ، مشدداً على أن “المجلس الأعلى للدفاع يعقد لاتخاذ تدابير أمنية طارئة، وفي حالة كوارث محددة، لكن لا يمكنه اتخاذ قرارات بل مجلس الوزراء من يتخذ القرارات، ومجلس الأعلى للدفاع يرفع توصيات لأنه ليس السلطة التنفيذية في البلد، مثلاً لا يستطيع إعلان حالة الطوارئ بل مجلس الوزراء الذي يعلنها. المجلس الأعلى للدفاع هو هيئة أمنية دفاعية ترفع توصياتها إلى مجلس الوزراء الذي هو صاحب القرار. العنوان العريض لا سلطة تحل محل السلطة التنفيذية في البلد، والسلطة التنفيذية هي مجلس الوزراء مجتمعاً. الدستور واضح لا يقبل التأويل والترجمة والتفسير”.

وعن قانونية انعقاد مجلس الوزراء المستقيل واتخاذ القرارات خصوصاً في ظل الظروف الاستثنائية التي يعيشها البلد، اعتبر محفوض أن “حكومة تصريف الأعمال هي في الحد الضيق للكلمة أي تسيّر أمور البلاد والعباد في الحد الأدنى. هي لا يمكنها القيام بتعيينات أو ترقيات أو أن تبرم اتفاقيات بين لبنان والخارج، لكن إدارة البلاد أمر منوط بالحكومة، وإذا لم يقم مجلس الوزراء بهذه الخطوات، فعلى كل وزير أن يتحمل تبعات مسؤوليته. إن ما نراه اليوم يوضع في خانة التقاعس والتلكؤ والانكفاء عن قيام مجلس الوزراء بدوره”.

ويتحدث محفوض عن العهد الذي لا ينتظر غياب حكومة لاختزال المؤسسات حيث إن “الدستور معلق اليوم في لبنان بكل ما للكلمة من معنى، ورأينا الخرق الكبير إن كان لناحية تشكيل الوزارة وإدارة التشكيل والتعاطي مع الاستحقاقات الكبيرة، وبالتالي المسألة ليست مسألة مجلس أعلى للدفاع الذي استخدم كإطار ليطلّوا من خلاله لأنهم بحاجة إلى إطلالة خاصة. ورئيس الجمهورية يعرف أن الصلاحيات مناطة بمجلس الوزراء مجتمعاً، وبالتالي فهو يتلطى خلف هذه المؤسسة تحت ذريعة أننا في ظرف استثنائي، ومن المفترض اتخاذ قرارات استثنائية”.

زكور: هرطقة يجب أن تنتهي

ويختصر رئيس مركز liberty للدراسات القانونية والدستورية محمد زكور ما يجري “بمحاولة إحلال مجلس الدفاع الأعلى مكان الحكومة المستقيلة الذي يعتبر تعدياً سافراً على الدستور وعلى دور الحكومة المستقيلة، ويحمل وزره دستورياً رئيس الجمهورية الذي يدعو إلى الاجتماع ورئيس مجلس الوزراء الذي يرفض القيام بدوره”.

ويتحدث زكور عن الدستور اللبناني الذي بات وجهة نظر بالنسبة للبنانيين، والقوانين أيضاً، مشيراً إلى “صراع بين رئيس الجمهورية وبين مجلس الوزراء، والذي تسبب بتطيير تعديل المرسوم 6433 الذي يعدل حدودنا البحرية، إذ كان من المفروض أن يمضي مجلس الوزراء على المرسوم، ونرسله إلى الأمم المتحدة. لم يوقعه مجلس الوزراء بحجة أنه مستقيل، علما أنه مرسوم تعديلي ويستطيع مجلس الوزراء المستقيل توقيعه، لأنه ليس بمرسوم جديد، وأُرسل إلى رئيس الجمهورية الذي رفض توقيعه وأعاده إلى مجلس الوزراء، وبالتالي مرّ 95 يوماً على عدم توقيع المرسوم، لأن مجلس الوزراء يريد الاستقالة من دوره ورئيس الجمهورية يقذف له الكرة”.

إقرأ أيضاً: قراءة في الدستور

ويصف المجلس الأعلى للدفاع “بالهرطقة التي يجب أن تنتهي لأن ليس من صلاحياته إدارة شؤون البلاد. فهو على الطريقة اللبنانية يأخذ القرارات في ظل غياب أي طعن بهذه القرارات. الحكومة المستقيلة هي التي يجب أن تصرف الأعمال وليس المجلس الأعلى للدفاع، الذي صلاحياته، وبمرسوم تشكيله وقانونه، محددة بالكوارث الطبيعية وبإدارة الأزمات وفي لجم أي فتنة أو أي حرب ممكن أن تحصل وليس أن يحل محل حكومة تصريف الأعمال”.

شارك المقال