“17 تشرين” ثورة منسية في الشوارع وباقية في الأذهان

حسين زياد منصور

17 تشرين الأول 2019، يوم خرج الآلاف من اللبنانيين للتظاهر في شوارع بيروت، قبل أن تمتد الى كل المناطق اللبنانية، تحت شعار “كلن يعني كلن”، معارضين السلطة ومن فيها.

4 سنوات على هذه التحركات، واليوم كدنا ننسى ذكراها السنوية، لعدة أسباب، بدءاً من المشكلات والأزمات التي يواجهها اللبنانيون منذ سنوات، وصولاً الى “طوفان الأقصى”، ومواكبة ما يحصل في فلسطين المحتلة وربطه بالجنوب اللبناني، وفرضية دخول لبنان في الحرب الدائرة حالياً.

أين هي “الثورة” الآن، وما الذي حققته لكل من انتصروا لها، ونزلوا الى الساحات والشوارع للالتحاق في صفوفها؟

تغيب “17 تشرين” عن أذهاننا، حتى أننا نسينا تاريخها، تشرين الأول أم تشرين الثاني، أين هم الثوار؟ أين هم التغييريون الذين وصلوا الى الحكم والنيابة؟ ولماذا لم نشعر بعد بنشوة التغيير؟ أين هي “17 تشرين” حتى نسيناها وما الذي تبقى منها؟

ربما لا تزال “الهيلا هيلا هو” في بالنا، وأكثر ما يذكرنا بتظاهرات 17 تشرين.

تشتتت مجموعات الثورة منذ سنتين تقريباً، انحسرت التظاهرات والتحركات والمطالب، ثم شهدنا دخولاً درامياً لمجموعة من النواب الذين توحدوا في البداية تحت مسمى “نواب التغيير”، ليتفرقوا بعدها هم أيضاً.

يرى البعض ممن كان في الصفوف الأمامية للثورة أنها لم تحقق شيئاً، بل على العكس كانت سبباً وشريكاً في ما وصلنا اليه من حال تعيسة، فيما يرفض آخرون تحميل الثورة كل هذه المشكلات، فهي ليست السبب في كل ما يحصل، وهدفها الاصلاح وكشف الفساد ومحاربته والتخلص منه.

القعقور: من التراكمات الى الوصول للتغيير الجذري

النائبة حليمة القعقور تجيب عن سؤالنا: “أين هي ثورة 17 تشرين؟”، بالقول: “17 تشرين حدث مجيد وأسست لنهج جديد في تاريخ لبنان، ولمجموعة كبيرة من الناس طالبت بإسقاط النظام الطائفي، وبحقوق الانسان والحريات العامة، وبدولة حديثة، هذه هي 17 تشرين، التي ليست مجرد ناس عبّروا عنها في الشوارع، فهي لا تزال في وجدان الناس، وهم لا يزالون موجودين”.

وتضيف: “كيف تترجم 17 تشرين؟ هل تترجم بعدد النواب داخل البرلمان فقط؟ هذا جزء من الترجمة، لكنه أيضاً ليس شيئاً، فالتغيير لا يأتي من البرلمان وحسب، الأساس في التغيير هو المجتمع، التغيير الثقافي الاجتماعي، البنى التحتية المجتمعية هي التي تؤمن التغيير المستدام، كذلك في النقابات والمجالس الطلابية وأي مكان يحدث فيه تغيير”.

وتؤكد القعقور في حديثها لـ “لبنان الكبير” أن “17 تشرين لا تزال مستمرة في كل شي أقوم به، داخل البرلمان وخارجه، وكنت أصلاً موجودة في ساحات 17 تشرين. 17 تشرين لم تقم بتغيير جذري وكان من المستحيل أن تقوم به، لكنها من التراكمات التي سيراكم عليها في المستقبل للوصول الى التغيير الجذري”.

عباس: رسالة مستمرة لتوعية الناس

ويعتبر عضو “المرصد الشعبي لمكافحة الفساد” المحامي علي عباس أن “ثورة 17 تشرين لا تزال مستمرة بالنسبة الينا، وهي ليست ثورة، خفتت قليلاً بسبب ظروف البلاد والأوضاع التي تمر بها منذ 4 سنوات، ما أدى الى حصول أحداث تطغى على الثورة”، مشيراً الى أن “المنظومة اليوم تمكنت من تعويم نفسها دولياً من خلال الصفقات التي قامت بها وبيع نفط لبنان وغازه، ثم الهجوم على الثورة بعد أن كانوا يهربون من عيون الناس، الآن يلعبون على الوتر الطائفي والمذهبي للناس، مع تفقيرهم كي يصبح هم المواطن فقط تأمين ربطة الخبز والدواء، لذلك تغيرت الأولويات لدى الناس منذ 17 تشرين 2019”.

ويؤكد عباس أن “17 تشرين رسالة مستمرة لتوعية الناس ومن نزل الى الشارع حينها كان بسبب وجع كل الناس من المنظومة الفاسدة”، مشدداً على أن “الثورة حققت من أهدافها، وأقلها الانصهار الوطني بين أبناء الشعب اللبناني، الذي في حال أصبح واعياً فمن الممكن أن يعيش في دولة وطنية جامعة لكل أبنائه”.

ويتمنى “أن نعود الى الساحات كما في 17 تشرين لكن الأمور تختلف ولا تكون كما البداية ودائماً في نقطة بتفور الكباية، وهذه النقطة لا نعرف متى قد تكون وطبيعتها، فنحن نريد بناء وطن بمبادئ الثورة، المساواة بين الجميع، قضاء مستقل ومن دون زبائنية، بحيث كل مواطن يأخذ حقه ويعطي الدولة حقها، فلا نريد دولة الدكاكين والمزارع والدولة الطائفية”.

المزبودي: الثورة على النفس قبل الغير

أما الناشط في “17 تشرين” محمد المزبودي فيشير الى أن “17 تشرين بكل بساطة هي في عقولنا لأنها ثورة حق والحق لا يموت، بغض النظر عن تلاشي المجموعات وهجرة بعض الشباب، فلا يمكننا اليوم حصر الثورة بمجموعة أو بشخص أو نائب، فالثورة هي على كل النواب والزعماء الحرامية والسارقين”، معتبراً أن “الثورة اليوم هي ثورة على النفس قبل الغير، وثورة وعي ولا تزال موجودة”.

ويتمنى “أن تكون الناس في الانتخابات المقبلة وعيت أكثر فأكثر”.

شارك المقال