طرح بري يتأرجح بين المناورة والضرورة… فهل من متلقف؟

ساريا الجراح

شمس “17 تشرين” أخفتها أيادٍ مشبوهة ولا يزال الشعب ينبض بالحياة، أما ثورة فلسطين فما انطفأت يوماً ولكنّ طاعنيها كثر خانوا القضية وباعوا الأرض. “أمام ما يجري في المنطقة وتصاعد العدوان الاسرائيلي على فلسطين وغزة ولبنان، نحن أمام فرصة لانتخاب رئيس للجمهورية فهل نتلقفها؟”، بهذا الكلام خاطب رئيس مجلس النواب نبيه بري رؤساء اللجان النيابية والمقررين، اذ يؤكد أن انتخاب الرئيس ضروري جداً، متناسياً أن المكون المعني والمهم في المعادلة غائب عن السمع ومنتشر على الحدود لينفّذ ما يجول في عقل محركيه.

مصادر مقربة من الحكومة شددت في حديث لموقع “لبنان الكبير” على أن “الرئيس نجيب ميقاتي حريص على تطبيق القوانين والسعي الى انتخاب رئيس في المدى القريب”، مشيرة الى “همة رئيس الحكومة ووصفه الاستحقاق الرئاسي بنقطة لحل الأزمات، وتوجّهه الى القوى المسيحية للاسراع في تطبيق الاصلاحات المطلوبة من المجتمع الدولي”.

وأشارت المصادر الى أن “الحل يبدأ بانتخاب رئيس وبعث الرئيس ميقاتي برسالة جدية الى صندوق النقد والدول الغربية بهدف اعادة فتح المساعدات الدولية للبنان، ومن ضمنها المشروع الذي قدّمه الرئيس سعد الحريري (مشروع سيدر) ويقدّر بقيمة 11 مليار دولار”.

ولفتت الى أن “حكومة ميقاتي تواصل اتصالاتها داخلياً وخارجياً لإبقاء الوضع هادئاً في الداخل، وإبعاد لبنان عن تداعيات الحرب في غزة ما يطرح اشكالية البحث عن رئيس جديد للبلاد”.

وعن الصراع الاسرائيلي – الفلسطيني، قالت المصادر: “لا مصلحة لأحد في القيام بمغامرة فتح جبهة جنوب لبنان، فاللبنانيون غير قادرين على التحمّل لأن لبنان في عين العاصفة، والمنطقة في وضع صعب، ولا يمكن لأحد أن يتكهن بما قد يحصل. ومن خلال الاتصالات، يبدو أن هناك ضغطاً كبيراً للتوصل إلى وقف لاطلاق النار في غزة”.

أما أوساط المعارضة فرأت أن “ما يحصل على الحدود يعرّض لبنان الى الخطر الداخلي والخارجي، ولو سعت الجهات المعنية الى انتخاب رئيس لكان أفضل من الوصول الى هذه النتيجة التي تعوق أخذ قرار موحد لحماية لبنان، لكننا بالمرصاد”. وأكدت أن “القضية اليوم إنسانية تفرض على كل مواطن انساني الاصطفاف الى جانبها”، موضحة أن انسحابهم من الجلسة “أتى بعد رفض بري مناقشة الأوضاع الراهنة في الجنوب واصدار توصيات بشأنها”.

وأعربت الأوساط عن قلقها حيال ما يحدث على الحدود “ما قد يدخل لبنان في دوّامة لا نهاية لها الا الخراب”، مشددة على “ضرورة انتخاب الرئيس لوضع الصلاحيات في نصابها، وإيران لن تنال منا مرة أخرى اذ يكفي ما فعلته مراراً وتكراراً، والصناعة ستكون لبنانية هذه المرّة”.

واعتبر نائب رئيس مجلس النواب السابق ايلي الفرزلي أن “الأوضاع الراهنة ليست سبباً وجيهاً يمنع انتخاب رئيس للجمهورية”، مشيراً الى أن “السبب يتموضع في تمترس النواب في مواقف لا معنى لها وذات طابع وخلفيات شخصية أو اصطفافات على قاعدة كيدية أو حتى الانتماء الى معسكرات ليست لصالح البلد. كما أن الاجتماع لانتخاب رئيس طبيعي جداً وهذا ما شهدناه اليوم على الصعيد التقني واللوجيستي”. ودعا الى افساح المجال أمام استعداد كل الأطراف السياسية التي تمتلك حساً وطنياً لانتخاب رئيس.

وعن انشغال “حزب الله” بأحداث الجنوب وامكان عدم مشاركته في انتخاب رئيس في القريب العاجل بعد تمسكه برئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، قال الفرزلي: “كتلة الوفاء للمقاومة لن تكون في الغد القريب أو المدى المتوسط أقل أهمية مما هي عليه اليوم، فلا مشكلة في حضورها اجتماعات المجلس ولا علاقة للنواب بما يحصل في الجنوب”.

“هذه خطوة في غاية الأهمية” هكذا وصف الفرزلي انتخاب رئيس للجمهورية في الوقت الحالي، “فهي التي تفسح المجال أمام الرئيس المرشّح وخصوصاً اذا كان على علاقة بالمقاومة وموضع ثقتها، فذلك يمكّنه من ضبط إيقاع تطور الأوضاع وامتدادها وعدم الانزلاق الى اتجاهات قد تكون لاسرائيل مصلحة فيها”.

أضاف: “نعم، إنه الوقت المناسب لانتخاب رئيس لأن الصورة أصبحت أكثر اتضاحاً لجهة ما يحاك للمنطقة”. وأوضح أن “الوضوح يخلق الوعي لدى القوى السياسية في استراتيجية اختيار الرئيس وتحديد أبرز المهام التي ستلقى على عاتقه وفي ادراك الاجابة على هذا السؤال: من القادر اليوم على تنفيذ هذه المهام؟”.

وحض الفرزلي على “ترك الخلافات والاتهامات والشخصنة والحقد جانباً والسعي وراء انتخاب رئيس نسبة الى أن القضية المركزية تقع في الجنوب اللبناني من حيث مسألة تحرير الأرض وتثبيت حدودها وحماية البلد ومنع المخطط الاسرائيلي من الامتداد والذي يتهدد المنطقة بأكملها”، متوجهاً الى المعطلين بالقول: “شو هالعقل المتخلف هيدا؟”.

شارك المقال