يا نبض الضفة لا تهدأ أعلنها ثورة

حسين زياد منصور

تواصل اسرائيل حربها العدوانية على قطاع غزة، مرتكبة أفظع الجرائم الانسانية، وآخرها استهداف المستشفى المعمداني، الذي خلف وراءه أكثر من 500 شهيد، فضلاً عن مئات الجرحى، وهو ما أجّج الشارع الفلسطيني والعربي أكثر فأكثر، اذ شهدت مختلف المدن العربية تظاهرات تضامنية مع الشعب الفلسطيني وأهالي غزة، وكان أبرز التحركات في الضفة الغربية، حيث عبّر أبناؤها عن غضبهم تجاه ما حصل، وتضامنوا مع إخوانهم.

انتفاضة الضفة أكدت أن الفلسطينيين لا يزالون موحدين، ويريدون الهدف الواحد الذي يجمعهم، التحرير وقيام دولتهم على أراضيهم كاملة.

ينتهج الاحتلال الاسرائيلي في حربه على غزة سياسة الأرض المحروقة، والابادة الجماعية، من قصف وتهديم منازل لعائلات بأكملها، وقد تجاوز عدد الشهداء 3300، وقرابة 12 ألف جريح، غالبيتهم من الأطفال والنساء.

ويعوّل الكثيرون على انتفاضة الضفة، وكيف سيكون مسارها ودورها في الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة، من الناحيتين السياسية والعسكرية.

دور الضفة جماهيري ومقاوم

يشير الباحث المتخصص في الشأن الإسرائيلي فراس ياغي في حديث لموقع “لبنان الكبير” الى أن “تحرك الضفة الغربية على مستوى الحدث والمعركة التي تحصل في قطاع غزة هو تأكيد أن الشعب الفلسطيني شعب واحد والساحات الفلسطينية تلتحم مع بعضها البعض في مواجهة العدوان الاسرائيلي المستمر الآن على شعبنا وأهلنا في قطاع غزة، والذي أصبح الآن هدفه الابادة الجماعية لأهالي القطاع”.

ويعتبر أن “ما يميّز تحرك الضفة الغربية عن غيره أنه في قلب أراضي الاحتلال الاسرائيلي وبالتالي سيكون له تأثير كبير على هذا الاحتلال من حيث اضطراره الى إدخال العديد من الكتائب العسكرية وزيادتها في الضفة الغربية من أجل حماية المستوطنات وفرض الأمن داخل الضفة، وهي لم تستطع خلال مدة سنة حصلت فيها مواجهات ضد قوات الاحتلال والمستوطنين، ولن تستطيع، وبالتالي ستؤلم الاحتلال أكثر حتى من غزة حيث التماس والاشتباك مباشران وليست هناك مسافات بين الفلسطينيين والمستوطنين والاحتلال، وحتماً سيؤثر ذلك على الوضع الداخلي في إسرائيل وبصورة كبيرة على مجريات المعركة داخل غزة إذا ما تطورت المسائل في الضفة الغربية ووصلت الى ما كانت عليه في الانتفاضة الثانية”.

ويقول ياغي: “من الناحية السياسية الضفة الغربية تقول للاحتلال ان ما يحدث في غزة هو ضد كل الشعب الفلسطيني وليس وفق ما هو معلن انه ضد حماس، باعتبار أن ما يحدث من معركة في القطاع يهدف الى تصفية القضية الفلسطينية، فالعيون كلها على الضفة الغربية والقدس، وهي تريد أن تشكل إسرائيل الكبرى وبالتالي تقوم بتهويد الضفة الغربية وضمها بما فيها القدس الى داخل إسرائيل، لذلك من الأهمية بمكان أن يكون هناك تحرك حقيقي وجماهيري للشعب الفلسطيني في الضفة الغربية في مواجهة هذا المخطط”.

ويضيف: “من منطلق آخر انها ستفرض نفسها على العالم العربي والدولي باعتبار أن هناك قضية اسمها القضية الفلسطينية، وأن ما يحدث في غزة ليس انتقاماً لعملية 7 أكتوبر، انما هي ضد كل الشعب الفلسطيني في أماكن وجوده كافة، وخصوصاً في الضفة الغربية والقدس. لذلك، تحرك الضفة الغربية اذا ما انطلق كما كان ليلة امس فإنه لن يتوقف وسيؤثر بصورة كبيرة على مجريات الأحداث، وإسرائيل ستحسب مليون حساب باعتبار أن الضفة الغربية ستوجع إسرائيل أكثر من غيرها ليس باعتبارها قريبة وحسب، ولكن من المنطلق السياسي لأن القضية قضية وطنية شعبية وحق فلسطيني يطالب بالحرية والاستقلال وليست بعيدة عما يجري من مخططات على أرضها واستغلال الفرصة من خلال هذه الحرب الابادية ضد شعبنا في قطاع غزة”.

ويؤكد ياغي أن “الشعب في الضفة الغربية يرد على الاحتلال ويقول له ان هذه الحرب ليست ضد تنظيم أو عملية قامت بها حركة حماس وكتائب القسام ضد إسرائيل، انما هذه حرب ضد كل مكونات الشعب الفلسطيني، الذي ينتفض في مواجهة هذه الهجمة المسعورة التي يقوم بها نتنياهو وحكومته بضوء أخضر أميركي وغربي، من أجل القضاء بصورة تامة على القضية الفلسطينية، وتحقيق ما أسموه شرق أوسط جديداً بعيون أميركية وتوجهات إسرائيلية في المنطقة”.

ويلفت الى أن “الشعب يفرض على القيادات السياسية أن تتوحد، وتصطف في صف واحد وتنهي الانقسام البغيض الذي أدى الى تدهور سمعة الشعب الفلسطيني، وعدم وجود برنامج مشترك يمثل الجميع في المواجهة مع الامبريالية الأميركية والاحتلال الاسرائيلي، لذلك تعوّل المقاومة في قطاع غزة ويعوّل كل محور المقاومة على أن يكون للضفة دور جماهيري وأيضاً دور في مقاومة عسكرية ضد الاحتلال”.

ويوضح ياغي “أننا نلمس أن هناك تحركاً كبيراً داخل الضفة الغربية في هذا الخصوص ويومياً هناك العشرات من الاشتباكات والاحتكاكات مع جيش الاحتلال الاسرائيلي”.

إسرائيل لن تتوقف حتى اسقاط حكم “حماس”

ويرى الخبير في الشؤون الاسرائيلية عصمت منصور أن “كل شيئ من الممكن أن يؤثر في الأحداث. والأحداث في غزة وضعت لها أهداف باتت واضحة وهي القضاء على حكم حماس وليس حماس، لأن القضاء على حماس أمر متعذر حالياً، وبالتالي انهاء حكمها في القطاع، وهذا ما يتوافق عليه الأميركيون والاسرائيليون، وربما دول في المنطقة، ولن تتوقف إسرائيل قبل تحقيق هذا الهدف ومن خلفها الولايات المتحدة”.

ويقول منصور: “التحركات السياسية التي تحصل والوفود الخارجية التي تأتي لن يكون لها تأثير، أما بالنسبة الى التحركات الشعبية، وإمكان تفجر الأوضاع في الضفة والأردن ومصر، وحصول اضطراب فسيؤثر، ويشكل عامل ضغط ويسرّع في الاحداث، وفي هذه الحالة لن تستطيع الولايات المتحدة أن تمشي في مسار تعرض فيه استقرار بعض دول المنطقة التي تعد حليفة لها وأمنها للخطر”.

ويشير الى أن “عاملين من الممكن أن يؤثرا في الأحداث، الأول انتفاضة أو حركة شعبية كبيرة في العالم العربي وخصوصاً في مصر والأردن وفي الضفة، والثاني فتح الجبهة الشمالية. هذان العاملان من الممكن أن يؤثرا على الاحداث بصورة دراماتيكية، وأن يشكلا عامل حاسم في الحرب”، مشدداً على أن “إسرائيل لن تتوقف حتى اسقاط حكم حماس في غزة”.

ما يحصل في الضفة لم يرتقِ لحجم الجريمة

الكاتب الفلسطيني والمختص بالشأن الاسرائيلي حسن لافي يرى أن “ما يحدث في الضفة الغربية سيساعد بالتأكيد بصورة كبيرة في مسارات الحرب على غزة في الاتجاه الايجابي لصالح الشعب الفلسطيني”، لكنه يأسف لما يحصل في الضفة “لأنه لم يرتقِ الى حجم الجريمة والحرب التي تخوضها اسرائيل ضد غزة”.

ويضيف: “الضفة الغربية جزء من الشعب الفلسطيني وليست جغرافيا بعيدة عنه، والجريمة تحاك ضد كل الشعب، لذلك في الدفاع يجب أن يشترك كل الفلسطينيين في كل الساحات والمناطق”، آملاً “أن تكون الضفة الغربية بداية تحرك مهم ولكن حتى الآن لم تتحول الى ساحة اشتباك تؤثر على الخاصرة الرخوة للأمن القومي الاسرائيلي”.

شارك المقال