سلام تعوزه الميثاقية وميقاتي ملتزم سقف بري – الحريري

رواند بو ضرغم

يضحك كثيراً من يضحك أخيراً. عمّت الاحتفالات أسارير قاطني قصر بعبدا وولي عهده فور اعتذار الرئيس المكلف سعد الحريري عن عدم تأليف الحكومة. واعتبرت ثنائية عون باسيل أن انتصارهما على الحريري بمثابة “وان واي تيكت” سياسي… إلا أن الواقع مغاير لتخيلات بعبدا الإلغائية، لأن أي بديل من الحريري لا ينال الغطاء السني سيحترق قبل أن يصل إلى التكليف، هذا بالإضافة إلى أن الخلف سينطلق من الأسس التي وضعها الحريري ورئيس مجلس النواب نبيه بري، وبات العهد يطلب من الحريري أن يزكي اسماً سنياً لترؤس حكومة الإنقاذ، محاكياً حسّه الوطني الذي عزّه عنه طوال ثمانية أشهر من التأليف المفخخ بالشروط المعطلة ومسرحية المشاركة وعدم الثقة.

الاستشارات النيابية الملزمة حددها رئيس الجمهورية ميشال عون الاثنين المقبل متخطياً القاعدة التي أرساها قبل تكليف الحريري “الاتفاق على التأليف قبل التكليف”. فحتى اللحظة لم تُجرَ بعد أي اجتماعات بين الكتل البرلمانية والأطراف السياسية للتداول بشأن الأسماء المرشحة، على الرغم من الاتصالات التي أجريت بين النائب جبران باسيل ومسؤول الارتباط في “حزب الله” الحاج وفيق صفا من جهة، والمعاون السياسي للرئيس نبيه بري النائب علي حسن خليل بالرئيس الحريري من جهة أخرى، إنما من دون التطرق إلى أسماء بديلة لتكليفها.

غادر الحريري بيروت ليلة الأضحى لقضاء عطلة العيد عائلياً، ويعود قبل موعد الاستشارات النيابية الملزمة. ولكن موقفه ثابت بشأن عدم تسمية أي شخصية سنية بديلة، في حال بقي الرئيس نجيب ميقاتي مصراً على عدم ترشحه، وليتحمل عون وباسيل مسؤولية إيصال البلاد إلى هذا المستوى من الاحتقان السياسي المذهبي، وإفراغ البلاد من مؤسساتها الدستورية.

بري يدعم أي خيار يتخذه الحريري، ولن يشارك في حكومة لا غطاء سنياً لها، لئلا يعيد تجربة الرئيس المستقيل حسان دياب. وستبدأ لقاءات الثنائي “حزب الله” وحركة “أمل” من الأربعاء للتداول في الأسماء وفي المرحلة المقبلة. ولا يخفى على أحد رغبة الرئيس بري بإعادة تكليف الحريري من جديد، على اعتبار أن المرحلة تتطلب وفاقاً وطنياً وعلاقات دولية وعدم استضعاف أو تهميش أي مكون لبناني.

“التيار الوطني الحر” برئيسه جبران باسيل يفضل تسمية السفير نواف سلام لترؤس مرحلة إنقاذ ما تبقى من عهد ووطن ومؤسسات لمكانته الدولية وعلاقاته الديبلوماسية، وهذا الطرح يستفز حليفه “حزب الله” وقد يكلفه تداعيات هذا الخيار حد زعزعة التحالف، إلا أن لقاءات ستعقد بين باسيل وصفا لدرس كل الخطوات ولقراءة الأسماء البديلة.

حزبا “القوات” و”الاشتراكي” يدعمان نواف سلام، ولكنه لن ينجح في شتى الأحوال للوصول إلى التكليف لفقدان الميثاقية بحجب الأصوات الشيعية جميعها عنه.

يبقى ميقاتي الأكثر حظاً، على اعتبار أنه مدعوم من الرئيسين بري والحريري، ويلتزم السقف الذي وضعاه، ولكن هل يقبل باسيل بتسميته أو تسهيل مهمته في التأليف وإعطائه الصلاحيات التي حرمها للحريري؟ فللرئيس ميقاتي شروطه التي تحول دون مواجهته للشروط التي واجهها الحريري، وهو لن يكون شاهداً على دفن الطائف ومصادرة صلاحيات رئاسة الحكومة من قبل عون وباسيل، وإلا ستكون طريقه وعرة ولن يدخل بها لئلا يغرق في وحول ممارسات العهد.

إقرأ أيضاً: سعيد مالك لـ”لبنان الكبير”: لا يمكن فرض حكومة على الرئيس المكلف

النائب فيصل كرامي، حرق العهد أوراقه مجرد أن اقنعه بإجراء جولة على الأطراف السياسية قبل اعتذار الحريري ووضع نفسه في مواجهة المزاج السني الجامع. هذا بالإضافة إلى استياء الرئيس بري منه نتيجة نكرانه لمعروف رئيس المجلس الذي تنازل يوماً عن حقيبة أساسية لإرضائه، فاصطف في آخر المطاف إلى جانب عون بوجه بري.

نتيجة كل ما تقدم، لا شيء يوحي بأن عملية التكليف ستشق طريقها يوم الاثنين، واحتمالية التأجيل واردة ومرجحة، فـ”بي الكل” بدل أن يكون الجهة الجامعة لكل الحلفاء والخصوم، شرذم التحالفات وعزز الخصومة السياسية وأينع الكلام الطائفي والحقد الحزبي، وأعاد التاريخ إلى الوراء، فاستعاض عن مجلس الوزراء بالمجلس الأعلى للدفاع، ويسعى إلى القضاء على الجمهورية الثانية، على غرار ما فعل بالجمهورية الأولى.

شارك المقال