“حماس” تملك “غلة” كبيرة من الأسرى… وهدفها تبييض السجون

آية المصري
آية المصري

منذ سنوات طويلة والتاريخ يسجل حروباً اسرائيلية مستمرة على فلسطين، أوقعت آلاف القتلى والجرحى، لكن حفلت بصفقات تبادل الرهائن وأسرى الحرب. فالجانب الإيديولوجي لاسرائيل يعطي أهمية ودوراً كبيراً لكل جندي يعتقله الطرف الآخر، وتعمل بجهد كبير لعدم بقائه ضمن عداد الأسرى، وقامت عدّة مرات باطلاق سراح أعداد كبيرة من المعتقلين لديها مقابل جندي واحد، وأبرز هذه الصفقات صفقة “النورس” التي حصلت في قبرص يوم 14 آذار 1979 بين “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين” – القيادة العامة وإسرائيل، بوساطة اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وأطلق بموجبها سراح 76 معتقلاً فلسطينياً ممن كانوا في سجون الاحتلال من كل فصائل الثورة الفلسطينية، مقابل إطلاق جندي إسرائيلي يدعى أبراهام عمرام، الذي كانت قد أسرته الجبهة يوم 5 نيسان 1978 في عملية الليطاني. 

ومن ينسى صفقة “الفالوجة” مع مصر عام 1949، وصفقاتها المتعددة مع مصر والأردن وسوريا ولبنان والفصائل الفلسطينية، وأبرزها عام 1983 عندما تمت عملية تبادل ما بين الحكومة الاسرائيلية وحركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح”، بحيث أطلق سراح جميع المعتقلين من معتقل أنصار في الجنوب اللبناني، وعددهم 4700 بين فلسطيني ولبناني، و65 أسيراً من السجون الاسرائيلية، مقابل ستة جنود إسرائيليين من قوات “الناحال” الخاصة، أسرتهم في منطقة بحمدون منظمة التحرير الفلسطينية. أما في عملية “الجليل” فأطلقت إسرائيل سراح 1155 معتقلاً كانوا محتجزين في سجونها المختلفة، ناهيك عن صفقة “وفاء الأحرار” لتبادل الأسرى ابل الحصول على الأسير جلعاد شاليط. 

ومن ينسى كوزو أوكاموتو الذي كان من المشاركين في عملية مطار اللد في تل أبيب، والذي سلم الى لبنان بعدما أمضى سنوات عديدة في التعذيب، وسمير القنطار الذي قضى في السجون الاسرائيلية أكثر من ثلاثة عقود قبل أن يطلق سراحه ضمن صفقة لتبادل السجناء مع “حزب الله” عام 2008.

اذاً، غالبية الحروب انتهت بمفاوضات حول الأسرى التي تعد الورقة الرابحة بيد من يعتقلهم، واليوم بعد عملية “طوفان الأقصى” بات لدى حركة “حماس” ما يقارب الـ 250 أسيراً اسرائيليا، فكيف ستتعاطى مع هذا الملف؟ وما هي الاستراتيجية المتبعة تجاههم؟ ولماذا تراجع الناطق الرسمي باسم “كتائب القسام” الجناح العسكري لحركة “حماس” أبو عبيدة عن قتل أسير مع كل ضربة اسرائيلية مثلما أعلن في وقت سابق؟ 

مصادر في “حماس” أوضحت أن “الموضوع انتهى قررنا وتراجعنا عنه لأسباب”.

وحول كيفية التعاطي مع ملف الأسرى، أكدت المصادر لموقع “لبنان الكبير” أن “هذا الموضوع غير مطروح للكلام ولا للنقاش في هذه اللحظة”.

وأشارت أوساط مقربة من “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين” الى أن “عدد الجنود المعتقلين اليوم لدى حماس هائل جداً، ولا شك في أن كل شيئ يجب مقايضته مع اسرائيل حتى بالتفاوض، واذا أرادوا ان يعرفوا حالة الأسرى ان كانوا لا يزالون على قيد الحياة أو لا فيجب أن يكون لهذا الشيئ ثمن، والأمل موجود في أن يتحرر كل السجناء الفلسطينيين خصوصاً وأن من بينهم ضمنهم سجناء منذ 40 عاماً من ضمنهم نساء وأطفال، وهناك أكثر من 6000 أسير فلسطيني داخل السجون التي من المفترض تبييضها”. 

وحول تراجع أبو عبيدة عن قتل الأسرى، اعتبرت الأوساط أنها “كانت بمثابة محاولة للضغط على الكيان الصهيوني خصوصاً وأن الجريمة التي تقوم بها اسرائيل أكبر من كلام أبو عبيدة، ولكنه استدرك هذا الموضوع لاحقاً وتم التخلي عنه ولم يمارس ولن يمارس”، لافتة الى أن “هذه العبارات تستخدم نتيجة شن حرب نفسية وانشاء آلية ضغط من عائلات الأسرى على الكيان الصهيوني ومن الدول أيضا التي تملك أسرى، ولا أعتقد بحدوث أي تفاوض حول الأسرى اذا لم يتم وقف العدوان أولاً”. 

ورأى المدير العام للمركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية” – “مسارات” هاني المصري في حديث لـ “لبنان الكبير” أن “حماس ستتعامل كما تعاملت الفصائل قبلها، وهي تسعى الى صفقة تبادل أسرى، مثلما حدث في صفقة شاليط ولكن هذه المرة هناك غلة كبيرة في يد حماس وستسعى الى تبييض السجون بحيث يتم اطلاق سراح كل المعتقلين الفلسطينيين وهذا كله يتوقف على نتيجة هذه الحرب وكيف ستكون، هل ستنتصر اسرائيل أم المقاومة أم بين بين؟”، موضحاً أن “كل هذا سيظهر بعد أسابيع أو ربما أشهر، الى أين تتجه الأمور ولكن هذه ورقة كبيرة جداً بيد المقاومة لأن هناك حديثاً عن 250 أسيراً والغالبية العظمى منهم جنود وضباط وبعضهم برتب عالية وهذا يعني شيئاً غير مسبوق في تاريخ الصراع مع اسرائيل”. 

وحول التراجع عن قتل الأسرى، قال المصري: “هذا التراجع جاء لأنه كان اعلاناً متسرعاً وخاطئاً وتراجعت حماس عن الخطأ، لأننا لا نقتل كل واحد أعزل وهناك قوانين في التعامل مع الأسرى، وديننا وأخلاقنا وتجربتنا الفلسطينية تنهى عن قتل الأسرى مهما تكن النتيجة، لكن اسرائيل تقتلهم من خلال القصف العشوائي ولا يجب أن نفعل كما تفعل”. 

أضاف: “من الممكن أن تنتهي هذه الحرب الى مفاوضات حول الأسرى اذا صمدت المقاومة واذا انتصرت أو لم تنتصر ولم تهزم لكن اذا هزمت، فالأسرى سيذهبون بين قتيل ومن تستطيع القوات الاسرائيلية أو الأميركية التي أتت لمساعدة اسرائيل في هذه المهمة اطلاق سراحهم، مع العلم أن ثقتنا بشعبنا كبيرة وبمقاومتنا ولكن يجب أن نرى أن الهجمة كبيرة والتأييد الغربي الساحق يشجع اسرائيل على ارتكاب المزيد من الجرائم”.

شارك المقال