الجنوب يشتعل اذا انكسرت “حماس”… ولا “خبز” لماكرون عندنا

رواند بو ضرغم

عشية القمة العربية في القاهرة، لا يتوقع أي من القيادات السياسية أي تطور مفصلي في قراراتها، ولن تبارح مواقفها مربّع الأدبيات والتمنيات والمناشدات بوقف التصعيد والمجازر وقتل المدنيين والدعوة الى التفاوض وإدخال المساعدات. الا أن مضامين هذه المواقف العربية لن تؤثر في الممارسات الاجرامية الاسرائيلية وهدفها “المستحيل” بالقضاء على “حماس” ورفضها للهدنة أو لوقف إطلاق النار، ولن تدين مشروع ترحيل الفلسطينيين من غزة وفق عملية “الترانسفير” التي اصطدمت بفيتو مصري آني وأردني استباقي.

تترافق المجازر الاسرائيلية، مع صك براءة دعائية دولية وشيطنة لـ”حماس” على قاعدة “إدانة القتيل وتبرئة القاتل”، بالاضافة الى ضغوط متعددة الأطراف على لبنان لبقاء جبهة الجنوب خارج الصراع الاسرائيلي – الفلسطيني. وعلى الرغم من الحراك الخارجي الضاغط الا أن انطلاقة جبهة الجنوب يحددها الميدان فقط، وتقول مصادر قيادية لموقع “لبنان الكبير”: “لا ارتباط مباشراً بين الغزو البري لغزة والجنوب اللبناني، ففي العمق يكمن الارتباط في كيفية تطور العملية البرية وتصدي المقاومة الفلسطينية لها، وطالما أن البنية العسكرية لحماس متماسكة وقدرتها على التصدي ثابتة، فلا ضرورة لإشعال جبهة لبنان، وفي هذه الحالة يمكن أن يكون الغزو الاسرائيلي البري لغزة بمثابة عمل إنقاذي لحماس إذ يخفف حتماً من وتيرة القصف الجوي واستشهاد الغزاويين، وتُحرج إسرائيل بإنكشاف قدرتها العسكرية وسقوط عدد كبير من القتلى العسكريين في صفوفها. أما في حال الوصول الى مشارف كسر حماس وفقدان سيطرتها على مجريات الصراع، فستشتعل جبهة الجنوب اللبناني وتتحول الحرب المحدودة الى حرب محاور تدخل على خط نارها جميع دول محور المقاومة”.

وعلى الرغم من كل ما تقدم، الا أن احتمالات المعركة الاسرائيلية – اللبنانية لا تزال جدية وقائمة، وخصوصاً في ظل ارتفاع وتيرة الاعتداءات الاسرائيلية على الجنوب وتصدي المقاومة لها وفق قواعد الاشتباك. كما تؤكد مصادر ديبلوماسية لموقع “لبنان الكبير” أن إسرائيل طلبت بصورة رسمية من السفارات كافة في لبنان تزويدها خرائط مواقع سفاراتها وأماكن سكن بعثاتها، وهذا ما يدل على أن لا منطقة في لبنان ستكون بمأمن من الاعتداءات الاسرائيلية في حال شملته الحرب. في حين أن مصادر عسكرية بارزة تضع هذا الأمر في خانة الاجراء الاحترازي الطبيعي، ولا تعتبره دليلاً على حتمية اندلاع الحرب، لأن إسرائيل تخاف مما تخبئه المقاومة من قدرةٍ على غزو المستوطنات الشمالية.

وفي ظل أقوال الصحف العبرية عن زيارة مرتقبة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الى تل أبيب عقب الرئيس الأميركي جو بايدن، نسأل مصادر قيادية لبنانية عن إمكان أن يكون لماكرون محطة في بيروت، فتجيب: “بعد الموقف الفرنسي المنحاز الى إسرائيل، لم يعد لماكرون من خبز لدينا، ولم يعد له أحد في لبنان، فماذا يريد أن يفعل ومن سيلتقيه؟ وماذا سيقدّم للبنانيين بعد أن عبّر جزء كبير منهم عن غضبه بالهجوم على سفارة بلاده في بيروت؟”.

وكانت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا جاءت برسالة رسمية من تل أبيب وأبلغتها الى القيادات اللبنانية، بأن لا تراهن بصورة حاسمة على استمرار اسرائيل في احترام قواعد الاشتباك، ولا ضمانة لدى المجتمع الدولي بألّا تتدحرج الضربات وتتجاوز تل أبيب القواعد الحالية. كما أبلغت كولونا الجهات الرسمية اللبنانية بأن التدخل العسكري في لبنان سيُدوّل المعركة ولن يسمح المجتمع الدولي بهزيمة إسرائيل.

هذا التهديد الفرنسي الذي لم يُصرف لبنانياً، قابلته ديبلوماسية أميركية ضاغطة للتأثير على “حزب الله” والحؤول دون اتخاذه قرار دخول الحرب، ودأبت سفارتها على سؤال من التقته من القيادات اللبنانية: من يؤثر على “حزب الله”؟ فجاءها الجواب: “لا أحد”، ولا خيار أمام المجتمع الدولي الا السعي مع إسرائيل لوقف اعتداءاتها على لبنان والا لا أحد يضمن “حزب الله”.

شارك المقال