غزّة بين العقل والرصاص

الراجح
الراجح

“عندما يبتلي الوطن بالحرب ينادون الفقراء ليدافعوا عنه..

وعندما تنتهي الحرب ينادون الأغنياء ليتقاسموا الغنائم..

عليك أن تفهم أنّ في وطني تمتلئ صدور الأبطال بالرصاص وتمتلئ بطون الخونة بالأموال..

ويموت من لا يستحق الموت على يد من لا يستحق الحياة.”

هذا ما قاله محمد الماغوط كنهاية لما بدأه واصفاً بالغباء كل من يدافع عن وطن لا يملك فيه بيتاً، وأضيف لا يملك فيه شيئاً.

ليست هذه دعوة للإحباط أو للاستسلام لكنها موقف بين العقل والرّصاص، لا بل والصاروخ.

درجت العادة أن ننتظر الى نهاية الحروب لنبدأ بإعطاء الرّأي أو النّقد أو الإدانة.

فلنخرج ولو لمرّة واحدة عن كوننا واعتقادنا أنّنا شجرة فرح ضربها خريف صاعق محاولاً قلعها من الجذور، فالعقل كالنهر الجاري متى استقر تعفن. وأنا من المؤمنين بأنّ في ظروف الطغيان ليست البطولة أن تجلس على ظهر الدبابة بل أن تقف أمامها وتواجه.

لن نضيف ولن نعيد ما قيل عن العمليّة البطوليّة والخارقة لحركة “حماس” في السّابع من أكتوبر الجاري، والّتي هزّت الأركان الثلاثة التي قامت إسرائيل وعاشت على أساسها منذ العام 1948 وحتى السابع من تشرين الحالي. ما هي هذه الأركان؟ أولاً، أسطورة الجيش الذي لا يُقهَر. ثانياً، جهاز مخابرات لا يفوته شيئ مهم كبيراً كان أم صغيراً في هذه المنطقة، وحتى في العالم. وأما ثالثاً، فهو، ومن خلال الركنين المذكورين، السّلام “لشعب إسرائيل”. لا شك في أن عمليّة القسام “طوفان الأقصى” هزت هذه الأركان لكنّها لم تدرك ما يسمى بـ “Plan B” ، وهو ما نعيشه اليوم وتعيشه غزة، القتل ثم القتل والموت لكل شيئ لإثبات نظرية أن الجيش الّذي لا يُقهر لا يُجرح أيضاً. وفي حال الجرح هكذا يكون الرّد، وهذا معناه – المزيد من الموت والمجازر.

ما يؤلم أمام كل هذا الواقع أننا تسابق على من يمثّل الشعب الفلسطيني ومن سيذهب لاحقاً إلى التّفاوض – السلطة الوطنية أم “حماس” والحلفاء من “جهاد إسلامي” وغيرهم؟

ثلاثة أيّام بعد ضربة القسام كانت كافية لوحدة كل القوى السّياسية للعدو ولانخراطها في حكومة طوارئ. ثلاثة عقود يبدو أنها لا تزال غير كافية لوحدة القوى الفلسطينية في مواجهة عدو لا يفرّق أساساً بين منظمة التّحرير، وبكل فصائلها، وبين “حماس” و”الجهاد” وكل محورهما.

في النهاية لمن سيكون النصر، للعقل أم للرّصاص، ومن سيدمّر الآخر؟

شارك المقال