إبنة بشير تقطع الطريق المسيحي على “تاجر الحرب”

رواند بو ضرغم

“اذا فرضت الحرب علينا فسوف نقف الى جانب كل لبناني مهما كانت طائفته أو رأيه أو انتماؤه. لا لون لوطنيتنا ولا حدود بين قرانا ومدننا على الـ١٠٤٥۲ كلم٢”.

كلمات وطنية قالتها كريمة الرئيس الراحل بشير الجميل، قطعت من خلالها الطريق على جولة رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل على القيادات السياسية الذي يسعى من خلالها الى فرض نفسه زعيماً مسيحياً، يستفرد في توحيد اللبنانيين على دعم المقاومة في وجه إسرائيل، ويفتح قراه ومدنه المسيحية أمام الجنوبيين.

كان باسيل يريد أن يسلّف “حزب الله” موقفاً في الحرب ليقرّشه سياسياً في السلم، الا أن يمنى بشير الجميل أثبتت أن المسيحيين مهما اختلفوا مع المسلمين ايديولوجياً وتخاصموا سياسياً وتباعدوا اجتماعياً، فإن الطائفية تسقط عندما يداهم الخطر منطقة أو بيئة أو طائفة، تماماً كما حصل عند مواجهة “داعش” أو في حرب تموز عام ٢٠٠٦.

وفي جولته، وإن كان عنوانها حماية لبنان والوحدة الوطنية، الا أن المضمون لم يقتصر على الوضع الأمني في الجنوب وانعكاس حرب غزة على لبنان، إنما تطرق الى الاستحقاق الرئاسي والشغور الذي يهدد قيادة الجيش، بعد شغور منصب رئاسة الأركان.

وفق معلومات موقع “لبنان الكبير” وعلى الرغم من الضغط الدولي من خلال السفراء والمبعوثين للحفاظ على استقرار المؤسسة العسكرية، لا يزال باسيل يرفض التمديد للعماد جوزيف عون وتعيين رئيس للأركان من حكومة تصريف الأعمال، ويتمسك بتكليف صاحب الأقدمية اللواء الركن بيار صعب المحسوب عليه سياسياً، ضارباً عرض الحائط بقانون الدفاع ومفرّطاً بصلاحيات الموقع الماروني الأول عسكرياً، وغير مبال بشغور مركز أساس في ظل حرب تواجهها البلاد.

تناغم رئيس الحزب “الاشتراكي” السابق وليد جنبلاط مع باسيل في اقتراح المرشح الثالث “رئاسياً” طالباً منه تسهيل مهمة تعيين رئيس للأركان، الا أن الأخير رفض التعيين محافظاً على تموضعه المعرقل للحلول. وكما في كليمنصو كذلك في السرايا الحكومية، تحدث باسيل أمام رئيس الحكومة عن ضرورة انتظام المؤسسات في ظل الوضع الخطير الراهن بدءاً من انتخاب رئيس للجمهورية، فوافقه الرئيس نجيب ميقاتي وأحاله على المعنيين من رؤساء الكتل النيابية للتفاهم في ما بينهم، على اعتبار أنه لا يمتلك نواباً في المجلس الحالي، ولكنه من أشدّ الداعين الى انتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت.

أما في عين التينة، فلم يأخذ باسيل من رئيسه أكثر من تقدير موقف التيار مما يحصل في فلسطين والجنوب اللبناني، في حين أن الاستحقاقات الدستورية رئاسياً وعسكرياً، بقي مضمون موقف الرئيس نبيه بري منها على حاله، وحاول باسيل إثارة الملف الرئاسي من باب المخاطر التي تهدد البلاد وجعلها فرصة تاريخية لانتخاب رئيس. ولكن ما لم يقدمه باسيل لتسهيل الحوار، لن يحصل عليه بجولة صورية صفرية لا تكتنز الحلول.

اللقاء الأهم في جولة باسيل، يفترض أن يكون لقاءه برئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، بهدف توحيد الموقف المسيحي في الوضع الأمني الراهن ولصياغة تفاهم ثنائي، يواجهان به المكونات الوطنية ويكسران الاستفراد الشيعي في الاستحقاقات الدستورية كما يزعم باسيل، الا أن الأخير وفق مصادر قواتية لموقع “لبنان الكبير” لم يتجرأ على طلب موعد من معراب للقاء جعجع، لا بالمباشر ولا بغير المباشر، لأنه بحسب المصادر يعلم أن “الحكيم” لن يستقبله ولن يعطي فرصة لمن خان توقيعه وتناسى أن الكلمة شرف الرجال، فكيف اذا كانت الكلمة مقرونة بتوقيع؟

وبعيداً من منطق “أنا أجول يعني أنا موجود” الذي لن يقدم أو يؤخر، يبقى المشهد الأساس جنوباً، إذ بات واضحاً أن وتيرة التطورات تحافظ على قواعد الاشتباك، وتحكم أداء طرفي الصراع إرادة غير معلنة بألّا تتدحرج الأمور وأن تبقى في صورتها الحالية وضمن قواعدها.

شارك المقال