هذا هو سرّ الخسائر البشريّة المرتفعة لـ”الحزب”… والحلّ بالـ1701!

جورج حايك
جورج حايك

لم يعد خافياً على أحد أن حجم الخسائر البشرية التي يتكبّدها “حزب الله” منذ بداية حرب غزة، بات كبيراً، إذ يكاد يُلامس الـ60 قتيلاً. ويبدو أن عدد الضحيا سيزداد أكثر، إذا استمر في التكتيك نفسه ضمن معادلة “قواعد الاشتباك”. حتماً ما يحصل مبرر بالعلوم العسكرية “الحزب” يعرف هذا الأمر، إلا أن هامش المناورة ليس كبيراً، وحرية التصعيد مضبوطة على الساعة الايرانية، وبالتالي ستبقى الاحتكاكات بين الاسرائيليين وعناصر “الحزب” ضمن “قواعد الاشتباك” حتى إشعار آخر، ولو كبرت فاتورة الضحايا، فالاستشهاد في سبيل المقاومة ذات الأهداف الايرانية يأتي في صلب العقيدة. أما رؤية المعارضة اللبنانية وتحديداً “القوات اللبنانية” الداعية إلى تطبيق القرار 1701، فلا تجد آذاناً صاغية لدى “الحزب”.

إذاً ماذا يجري على الحدود اللبنانية – الاسرائيلية؟

يقول الخبير العسكري والاستراتيجي العميد خالد حمادة: “حزب الله يقاتل اليوم بطريقة الجيوش الكلاسيكية ومواقعه ظاهرة ومكشوفة على الحدود، والمفارقة أن الجيوش عادة تبني تحصينات، أما عناصر الحزب وغيره فيتحركون تحت أنظار الجيش الاسرائيلي، وهذا الأمر يتطلب غرفة عمليات يبدو أنها غائبة، تكون مهمتها السيطرة على تحركات العناصر وتوجيههم، وما يحصل أن الاسرائيلي يرصد موقع انطلاق صاروخ الكورنيت، فيُرسل مسيّرة تقصف وتقتل العناصر”.

وقد تكون المناوشات وفق معادلة “قواعد الاشتباك” خاسرة بالنسبة الى “الحزب”، إذ تضطر عناصره للاقتراب من الحدود إلى مسافة 2 أو 3 كيلومترات لاطلاق صواريخ الكورنيت، ما يضيّق من هامش المناورة أمام المجموعات التي تقوم بإطلاق الصواريخ ويسمح للعدو باستهدافها.

ليس معروفاً ما إذا كانت خسائر “الحزب” ستدفعه إلى تنفيذ عمليات نوعية انتقامية، وربما لديه معلومات أن خسائر الاسرائيليين لا تقل فداحة، إلا أنهم لا يتكلمون عن خسائرهم، وقد يكون هذا الأمر جزءاً من تكتيكاتهم، ولا شيئ يمنع “الحزب” من توسيع الحرب وتجاوز “قواعد الاشتباك”، لكن لحمادة رأي آخر، ويقول: “أولاً لو كان عدد ضحاياه يستفزه لبادر إلى تغيير طريقة القتال. ثانياً، توسّع القتال مرتبط بأهداف سياسية ايرانية لها علاقة بغزة، ولا شيئ يجبره على الاكتفاء بصواريخ الكورنيت لأن لديه صواريخ كبيرة ونوعية تصل إلى حيفا وتل أبيب، لماذا لا يستعملها؟ وبرأيي ان كل ما يحصل على الحدود مضبوط إيرانياً، بدليل أن الأميركي لا يزال يبرئ الايراني مما فعلته حركة حماس في معركة طوفان الأقصى”.

واللافت أن “حزب الله” لم يفعل شيئاً للحد من خسائره، إلا أن حمادة يرى أن “الحزب” سيستثمر في خسائره في الداخل اللبناني لاحقاً، متذرعاً بأن ضحاياه سقطوا في الدفاع عن لبنان، وهذا للأسف ما يسمى “اللعب القذر”.

من الواضح أن ايران تقدّم خدماتها عن طريق لجم “حزب الله” على الحدود اللبنانية – الاسرائيلية، وتعرض على الولايات المتحدة خدمات منها تهدئة الجبهة إذا أرادت مقابل أثمانٍ تحددها إيران!

ونتساءل: ما هو الثمن الذي تبحث عنه إيران؟ يجيب حمادة: “الثمن أن تكون جزءاً من التسوية في غزة، بل جزء من القرار الفلسطيني المستقبلي”.

ميدانياً، حصل تطور لافت بالأمس وهو توغّل اسرائيلي بري في غزة، ما قد يؤدي إلى ارتفاع حرارة التصعيد على الحدود اللبنانية -الاسرائيلية! من جهته، لا يعتبر حمادة أن هذا التوغل خطير وله انعكاسات، فهو يسمّى بالعلوم العسكرية “استطلاع بالنار”، أي تتوغل الدبابات الاسرائيلية لتستكشف نوع المقاومة التي ستواجهها، ونوع الأسلحة التي ستستخدم، وردود فعل “حماس” وانتشارها.

ويشير إلى أن “حماس لم تقع في الفخ الاسرائيلي، واختارت الصمت والجمود، لعدم كشف أوراقها، لكن هذا لا يعني أنها ليست موجودة، وعند ساعة الحقيقة سيكون لها رد فعل قوي، طبعاً هؤلاء مقاتلون محترفون وليسوا هواة”.

قرار توسّع الحرب إلى لبنان، وفق العميد حمادة، في يد إيران، وكل ما يحصل نتيجة الارتباك الأميركي، قد يفضي إلى تسوية. إذا بقيت إيران خارجها، فستأخذ قرارها بتوسيع الحرب، وفتح كل جبهات الممانعة، وربما تتوسّع إلى الخليج أو البحر الأحمر أو سوريا أو لبنان.

في المقابل، أطلت “القوات اللبنانية” في مبادرة أمس بإمكانها منع تكرار حرب تموز 2006 تكمن في دعوة الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي إلى ترجمة أقوالهما بالالتزام بالقرار 1701 إلى أفعال من خلال الطلب من الجيش اللبناني الانتشار في منطقة عمل القوات الدولية، كذلك دعوة بقية المسلحين، سواء أكانوا لبنانيين أم فلسطينيين، إلى الانسحاب من هذه المنطقة.

وتؤكد مصادر “القوات” أنها الطريقة الوحيدة لدرء شبح الحرب عن لبنان من خلال منع استمرار المواجهات العسكرية بين “الحزب” والفصائل الفلسطينية التي تقاتل تحت إمرته من جهة، والجيش الاسرائيلي من جهة أخرى، والمجازفة بالوضع اللبناني، ومنع إسرائيل من شن حرب مفتوحة وشاملة في وجه “الحزب” بهدف إزالة الخطر على حدودها بالتزامن مع إزالة الخطر من داخل كيانها.

وسيؤدي تطبيق القرار 1701 إلى منع إيران من فتح مواجهة مع إسرائيل بالتزامن مع دخولها البري إلى غزة أو قبل ذلك أو بعده من أجل تشتيت عنصر القوة الاسرائيلي ومنعه من الحسم على “حماس”.

وتلفت مصادر “القوات” إلى أنها الطريقة الوحيدة لإسقاط حجة إيران وإسرائيل في الحرب في آن معاً، وفي حال رفض “الحزب” هذه المبادرة سيتحمّل أمام الشعب اللبناني مسؤولية تدمير لبنان كما دمرّه في العام 2006.

شارك المقال