صحافيو غزة لـ”لبنان الكبير”: نحن أموات أحياء واشارتنا لم تشفع لنا

آية المصري
آية المصري

“مثُلنا في غزة كمثل جماعة كبيرة من الناس حُكم عليها بالاعدام جماعات جماعات تفجيراً وتقطيعاً لأجسادهم، وقبل القتل حشروا في مكان ضيق ومنع عنهم الماء والدواء والغذاء كي يموتوا وهم جياع عطشى متعبون، يُنفذ الحكم في مجموعة، وبقية المحكومين عليهم انتشال الأشلاء ودفنها وتنظيف المكان، ثم يأتي الدور على المجموعة الأخرى، وهكذا دواليك حتى يفنى الجميع”، هكذا عبّر المصور الميداني منتصر الصواف عن حالهم في غزة في اليوم الـ22 من “طوفان الأقصى”.

وقال الصواف في حديث خاص لموقع “لبنان الكبير”: “كل مجموعة تظن أن الدور قد جاء عليها من دون أن تعرف توقيت التنفيذ بالضبط فتبقى تترقب القنابل في أي لحظة، إلا أنها لا تموت مستسلمة، ربما لأن لا خيار أمامها غير ذلك، الحاكم هو أميركا والعالم الظالم، والجلاد إسرائيل، ولا قيمة للشهود، ونحن ما زلنا أحياء حتى هذه اللحظة”. واعتبر أن “الجميع في هذه المدينة بحاجة الى علاج نفسي، لأن أوضاعنا صعبة جداً والظروف والمشاهد التي نعيشها في غزة صعبة ولا توصف اطلاقاً”.

أضاف الصواف: “نحن أموات ولكننا أحياء نعيش مثل النازحين تغطية 24 ساعة ويمكن أن ننام في أي مكان فراش على أرض المستشفى أو على كرسي السيارة أو في الشارع المجاور للمستشفى وفي أي مكان ممكن”. وأشار الى أن “المستشفيات ليس فيها مياه صالحة للشرب أو للاستخدام، ولا كهرباء، وتعمل على المولدات عن طريق الوقود وفي أي لحظة يمكن أن تتوقف في حال عدم توافره”.

وبالنسبة الى رفع المواد قبل قطع الاتصال والانترنت عن غزة، أكد الصواف أن “هناك معاناة كبيرة جداً في توفير الانترنت فهو غير متوافر في كل مكان وبجودة عالية، وذلك لعدة أسباب منها قطع التيار الكهربائي بصورة كاملة، وأيضاً القصف المتواصل وتدمير مبنى شركة الاتصالات والبنى التحتية، وهناك خط انترنت جيد في مجمع الشفاء نرفع من خلاله المواد عبر لابتوب واحد يتبع للاعلام الحكومي، بالاضافة الى من يخرج الى مكان بعيد عن مجمع الشفاء الطبي من أجل رفعها.، اذاً نحن أحياء جسدياً وليس لدينا احساس أو مشاعر لكثرة المشاهد الصعبة التي تمر علينا، أصبحنا نسمع أخبار اقربائنا وأصدقائنا وزملائنا كأنه خبر عادي أو نشاهد ذلك كأنه مشهد عادي”.

وحول تبرع الصحافيين بالدم، لفت الصواف الى أن “هناك قسماً خاصاً داخل مجمع الشفاء الطبي للتبرع بالدم، وأي شخص يريد يستطيع الفحص والتبرع”.

ونفى رؤية أي من الاغاثات التي أدخلت من معبر رفح وما وصل الى المناطق الجنوبية من مساعدات، ولا شيئ لوزارة الصحة، قائلاً: “بإختصار قمامة المخازن وبواقي كورونا أرسلوها وهي لا تنفع وزارة الصحة، اما عن المساعدات الاغاثية فجزء كبير منها مياه وأمور غير مفيدة، كما أنهم أرسلوا لنا أكفاناً، والناس في غزة لا تريد المساعدات بل تريد وقف الحرب”.

“إشارة الصحافة لم تشفع لنا، ولا أحد محمي وكلنا مستهدفون من الاحتلال الاسرائيلي”، هكذا وصف الصحافي والمصور محمد العمور الموجود في مستشفى ناصر الطبي، حالهم، قائلاً عبر “لبنان الكبير”: “نتمالك أنفسنا ونحن نتجول بين أشلاء الاطفال والشيوخ والنساء، ونحاول حبس دموعنا في كثير من الوقت حتى نظهر تمساكنا لنستمر في نقل الصورة، لكن من هول المشاهد تغلبنا أحياناً قوة الدموع فنبكي في مكان ما بعيداً عن المواطنين، لكن يبقى هدفنا الأسمى هو نقل صورة الشعب الفلسطيني، مع العلم أن حالتنا النفسية سنتلمس آثارها السلبية بعد انتهاء الحرب بحيث ستبقى أصوات الاستهداف ومشاهد المجازر راسخة في عقل الشخص وتفكيره”.

وبالنسبة الى كيفية تدبير أمور التغطية الصحافية، لفت العمور الى أنهم يحاولون تدبر الأمور قدر الامكان ولكن إسرائيل قطعت الانترنت والمياه والكهرباء، مشيراً الى أنه يتحدث معنا وبطارية هاتفه 20% وليس لديه كهرباء، وقبل قطع الانترنت نهائياً كان يستغرق رفع المواد ساعات بعدما كانت ترفع في دقائق قبل الحرب.

وأكد العمور أن “المساعدات الاغاثية التي دخلت الى القطاع لا تكفي لـ3% من سكان غزة، وليس فيها وقود وهي عبارة عن أدوية وأكفان للشهداء، كما هناك أزمة كبيرة في الخبز والمياه”، كاشفاً عن أمنيته بأن لا يفقد زملاءه أو أصدقاءه “لأننا كل يوم باتنا نفقد زميلاً أو صديقاً”.

الأوضاع تزداد سوءاً في قطاع غزة نتيجة وحشية اسرائيل وإنعدام إنسانيتها، وهذه ليست سوى نبذة مصغرة عن حياة صحافيي غزة ومصوريها، فيومهم يمر وهم ينتظرون الشهادة الا أنهم مستمرون في عملهم الجبار لفضح إجرام هذا العدو الغاشم.

شارك المقال