في كواليس التقارب بين روسيا و”حماس”

حسناء بو حرفوش

ربط مقال في موقع “كارنيغي” الالكتروني للسياسة الدولية، التقارب بين روسيا وحركة “حماس” بمساعي “موسكو لتعزيز مكانتها في الجنوب العالمي في إطار استراتيجتها التي تعمل عليها منذ فترة طويلة في الشرق الأوسط”.

ووفقاً للمقال، “لوحظ تقارب أكبر بين الحركة والكرملين منذ هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول). وعلى الرغم من مقتل 16 مواطناً روسياً، رفض الكرملين إدانة تصرفات حماس واكتفى بالتعبير عن مخاوفه البالغة. وقد يرى البعض في مبادرات موسكو تجاه المجموعة محاولة لزرع الفوضى، ولكنها تهدف في الواقع، الى تعزيز مكانتها كصديق للجنوب العالمي.

وتتميز علاقة الكرملين بالجماعات المسلحة بتاريخ معقد وعلى سبيل المثال، تتشارك طالبان في هذه الفترة علاقة ودية مع موسكو، بما يتواءم مع مصالح هذه الأخيرة. وفي حالة حماس، ظلت موسكو تتودد منذ فترة طويلة للحركة، ورفضت تصنيفها كمنظمة إرهابية كما فعلت العديد من الدول الأخرى، حتى بعد هجمات 7 أكتوبر، وأوضحت أنها تكره قطع الاتصال معها. كما أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان من أوائل زعماء العالم الذين هنأوا حماس على فوزها في الانتخابات التشريعية 2006.

ملايين الدولارات من موسكو؟

وبعد مرور عام، استضاف بوتين زعيم حماس آنذاك، خالد مشعل، في موسكو، وتلقى الثناء منه على شجاعته ورجولته. وتلقى بوتين الشكر مرة أخرى من حماس بعد هجمات 7 أكتوبر، وهذه المرة على موقفه في ما يتعلق بالعدوان الصهيوني المستمر. وفي حين أن الادعاءات حول نقل روسيا أسلحة إلى حماس لا تزال غير مثبتة، قامت روسيا على أقل تقدير بتسهيل الدعم المادي للجماعة: عشية الهجمات، تلقت حماس ملايين الدولارات من خلال بورصة عملات مشفرة مقرها موسكو”.

نمط تاريخي

ويكمل التحليل: “ينسجم التقارب مع حماس مع نمط تاريخي، بحيث قامت موسكو خلال الحرب الباردة، بتسليح المسلحين الفلسطينيين ودعمهم. ومع ذلك، يبقى دعم موسكو للنضال الفلسطيني مدفوعاً بالدافع نفسه: الرغبة في تعزيز مكانتها في الجنوب العالمي. وتغتنم روسيا الفرصة لتعزيز ادعائها بأنها تتحدى ما يسميه بوتين النظام الاستعماري الجديد للعلاقات الدولية. ومن هنا جاء رد الكرملين الفاتر على الهجمات واستعداده المستمر لإشراك حماس، وعلى نطاق أوسع تواصله مع الفلسطينيين في كل من غزة والضفة الغربية.

وعلى نحو مماثل، تقدم روسيا نفسها باعتبارها صانعة للسلام في سياق سعيها الى المكانة. وتتلخص رسالتها إلى الشرق الأوسط في أن هيمنة الولايات المتحدة على المنطقة أسفرت عن نتائج كارثية، وتحديداً الحرب بين إسرائيل وحماس، وأن روسيا ستكون وسيطاً وشريكاً ديبلوماسياً أفضل كثيراً من أي من القوى الغربية.

وكان بوتين قد أشار في أول تعليقاته على اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس، إلى الصراع باعتباره مثالاً حياً على فشل سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. وفي الوقت نفسه، أدان وزير الخارجية سيرغي لافروف، في اجتماع مع الأمين العام لجامعة الدول العربية، سياسة واشنطن المدمرة بشأن الصراع الاسرائيلي – الفلسطيني”.

زعزعة المنطقة “بحذر”

ومع ذلك، دائماً حسب المقال، “تستهدف روسيا زعماء الشرق الأوسط بصورة دقيقة لأن هدفها ليس زعزعة استقرار المنطقة إنطلاقاً من خوفها من أن أي إرهاب في الشرق الأوسط هو حقيقي وستتسع رقعته وصولاً إليها. والجدير بالذكر في سياق متصل أن روسيا أمضت العقدين الماضيين وهي تبني العلاقات مع إسرائيل وتسعى جاهدة الى الحفاظ على علاقة جيدة حتى في الوقت الذي تتعامل فيه أيضاً مع أعداء البلاد اللدودين في طهران ودمشق وغزة. وفي ظل العزلة الدولية لروسيا في أعقاب غزوها لأوكرانيا، امتنعت إسرائيل بصورة ملحوظة عن فرض عقوبات على موسكو أو تسليح كييف. ونظراً الى ذلك، سيحرص الكرملين على تجنب استعداء إسرائيل، ناهيك عن قطع العلاقات معها. وعلى هذا النحو، في حين أن روسيا قد تتقرب أكثر من حماس بطرق رمزية، ليس هناك سبب وجيه لتوقع زيادة مساعدتها المادية للحركة كما أن الأدلة على ذلك غير موجودة ومن المرجح أن تظل هذه المبادرات على مستوى الخطابة. والحقيقة هي أن الأزمة في الشرق الأوسط، تمثل بالنسبة الى موسكو، فرصة لعرض نفسها على المنطقة والجنوب العالمي الأوسع كشريك ديبلوماسي”.

شارك المقال