جحيم غزة يحاصر بايدن (١)… إحتجاجات تعم الولايات منددة بالانحياز لجرائم إسرائيل

زياد سامي عيتاني

أصبحت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن محاصرة في الداخل والخارج بسبب حرب غزة، بحيث تشهد مختلف الولايات موجة من التظاهرات والمسيرات الداعمة للفلسطينيين، في وقت تزايدت فيه الهجمات على القواعد العسكرية الأميركية في المنطقة، وتحديداً العراق وسوريا، ما دفع المسؤولين الى إجراءات طارئة لعملية اجلاء جماعي للأميركيين من الشرق الأوسط. بالنسبة الى موجة الاحتجاجات في الولايات الأميركية، فقد شهدت تزايداً ملحوظاً في أوساط الأميركيين، دعماً للقضية الفلسطينية واستنكاراً للمجازر الوحشية التى يرتكبها جيش الاحتلال بحق المدنيين في قطاع غزة.

ففي العاصمة الأميركية واشنطن، تجمع آلاف المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين، واحتجوا أمام البيت الأبيض هاتفين “حرروا فلسطين”، ورافعين أعلاماً فلسطينية ولافتات مكتوباً عليها “أوقفوا الاحتلال” و”أوقفوا إطلاق النار الآن”. وفي نيويورك، معقل أكبر عدد من السكان اليهود خارج إسرائيل، تجمع مئات في بروكلين للاعراب عن استيائهم من الهجوم الاسرائيلي رافعين لافتة كتب عليها “اليهود يقولون: أوقفوا الابادة الجماعية ضد الفلسطينيين”. وتظاهر عشرات الأميركيين في ميدان “التايمز” في نيويورك، للتضامن مع الشعب الفلسطيني والمطالبة بإنهاء الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية. وتجمّع عشرات المحتجين من مختلف الأعراق وسط الميدان وهم يرفعون العلم الفلسطيني ولافتات تؤكد الحق في مقاومة الاحتلال وأخرى ترفض وصفها بالارهاب، وتطالب بتحرير فلسطين وإطلاق سراح جميع الأسرى في السجون الاسرائيلية وإنهاء الدعم الأميركي لاسرائيل.

واعتلقت السلطات فى نيويورك أكثر من 100 متظاهر من بينهم عضو مجلس مدينة وعضو مجلس شيوخ الولاية فى مسيرة مؤيدة لفلسطين، كانوا يحملون أعلاماً تدعم فلسطين، وذلك بحسب ما نشرته صحيفة “نيويورك بوست”. وتم القبض على سيناتور ولاية بروكلين الجعبري بريسبورت، 36 عاماً، وعضو مجلس المدينة شاهانا حنيف، 32 عاماً، بعد أن وصلت المجموعة الى حديقة براينت بزعم تعطيل حركة المرور في “مسيرة وقف إطلاق النار الآن من أجل غزة”، وكشفت شرطة نيويورك، أن إجمالي 139 شخصاً احتجزوا خلال تلك المسيرة، فضلاً عن إصدار أوامر استدعاء الى المحكمة الجنائية. وأكدت المجموعة الناشطة التي يقودها الفلسطينيون، والتي نظمت هذا التجمع، أن المتظاهرين تعرضوا لـ”هجوم وحشي” من شرطة نيويورك، وشاركت مقطع فيديو على “إنستغرام” يظهر اللحظة التي دفع فيها العديد منهم على الأرض في سلسلة من ردود الفعل.

الاحتجاجات الشعبية داخل الولايات المتحدة ضد المجازر الاسرائيلية لم تتوقف عند هذا الحد، فقد سار آلاف اليهود الأميركيين وحلفائهم في “الكابيتول هيل”، وحملوا الأعلام الفلسطينية واحتشدوا لدعم الحقوق الفلسطينية، ونظم هذا الحدث الصوت اليهودي من أجل السلام وIfNotNow، وهما من أكبر المجموعات اليهودية الأميركية التي تدعو إلى حل عادل وسلمي للصراع الاسرائيلي – الفلسطيني. وانطلقت في ولاية نيوجيرسي الأميركية مسيرة حاشدة في مدينة باترسون، وجاءت المظاهرات اعتراضاً على تضامن الولايات المتحدة مع إسرائيل في قتل الأطفال والنساء والشيوخ، وتهجير غزة من أهلها، وأصحاب الأرض الأصليين. وندد المتظاهرون بدعم عضو الكونغرس في المقاطعة بل بسكرل لإسرائيل، رافعين شعارات تطالب بوقف دعم الولايات المتحدة لها، ووصفوا الرئيس بايدن، بـ “الكاذب والمضلل والمنتهك لحقوق الإنسان، وعدم احترام القانون الدولي، واستخدام حق الفيتو في غير محله”. كما انطلقت في إحدى ضواحي مدينة ديترويت في ولاية ميشيغان مظاهرات منددة بالمجازر الاسرائيلية والحرب على غزة، وتجمع متظاهرون أمام مكتب نائبة المدينة، منددين بالحرب وما يتعرض له أهالي القطاع، رافعين لافتات “أوقفوا إبادة غزة، الحرية لفلسطين” ومطالبين بوقف الدعم الأميركي لاسرائيل في حربها.

هذه الاحتجاجات المتزايدة، التي تخالف تماماً توجهات البيت الأبيض والاعلام الأميركي المنحاز الى تل أبيب، دفعت كريستوفر راي مدير مكتب التحقيقات الفديرالي، الى الاعتراف بأن “التهديدات الارهابية تتطور بسرعة في الولايات المتحدة”. وقال إنه لا يستبعد قيام “المنظمات الارهابية الأجنبية” (حسب تعبيره) باستغلال الصراع لدعوة مؤيديها الى شن هجمات على الأراضي الأميركية. وأشار إلى زيادة في التهديدات المبلغ عنها ضد الأميركيين المسلمين والأميركيين اليهود والمؤسسات ودور العبادة في الولايات المتحدة.

في موازاة ذلك، أفادت تقارير إعلامية أميركية، باستقالة بعض موظفي وزارة الخارجية واستيائهم، احتجاجاً على نهج إدارة بايدن في الدعم المطلق لاسرائيل في حربها على قطاع غزة. فقد أعلن جوش بول، مدير مكتب الشؤون السياسية والعسكرية فى وزارة الخارجية استقالته الأسبوع الماضي بسبب “الخلاف حول السياسة المتعلقة بمساعدتنا الفتاكة المستمرة لاسرائيل”.

الجدير بالذكر إزاء هذه الاحتجاجات، أن الذاكرة الأميركية لا تنسى التأثير القوي للاحتجاجات والمعارضة ضد تدخل الولايات المتحدة في حرب فيتنام عام 1964، بحيث تحولت تلك الاحتجاجات إلى حركة اجتماعية واسعة على مدار السنوات القليلة التالية، ساهمت فى إنهاء الحرب على الرغم من الأساليب العنيفة للشرطة الأميركية في فض التظاهرات السلمية.

فهل يتكرر المشهد في الأزمة الحالية بعد الانحياز الكامل لبايدن والدعم بالأموال والسلاح وإرسال أكبر حاملات الطائرات الأميركية إلى مياه البحر المتوسط؟ الأمر يتوقف على مدى استمرار المظاهرات وتصاعدها وموقف العرب والمسلمين من بايدن، فالتقارير تكشف عن حالة من الاستياء والغضب من عرب أميركا ومسلميها من موقفه ويطالبونه حالياً ببذل المزيد من الجهد لمنع الأزمة الانسانية في قطاع غزة من التوسع، وإلا سيخاطر بخسارة تأييدهم في انتخابات الرئاسة لعام 2024، وشددوا على بايدن للضغط على إسرائيل لوقف القصف على القطاع المحاصر.

شارك المقال