قصف إسرائيلي على سوريا يهز شمال لبنان

إسراء ديب
إسراء ديب

عاش الشماليون أجواء مرعبة عند فجر اليوم الثالث من عيد الأضحى، وذلك بعد أصوات مخيفة صدرت بعد الساعة الواحدة صباحًا، ما أقلق المواطنين الذين اعتقدوا أنّ انفجارًا ما قد وقع أو هزة قوية قد أدّت إلى إصدار هذه الأصوات المخيفة التي سمعت بوضوح من طرابلس، القلمون، الكورة، المنية الضنية وصولًا إلى عكار وقراها لا سيما في وادي خالد وأكروم، ليتضح فيما بعد أنّها تعود إلى تصدّي وسائط الدفاع الجوي في الجيش السوري لصواريخ إسرائيلية استهدفت منطقة القصير بريف حمص.

يُمكن القول، إنّ اللبنانيين وبعد انفجار مرفأ بيروت يوم 4 آب والصوت القوي الذي تزامن مع المأساة اللبنانية، تغيّروا كثيرًا وباتوا يخشون من أيّ صوت جديد غير مألوف قد يصدر من أيّ منطقة أو حيّ في لبنان، وبالفعل بعد سماع هذه الأصوات ليلًا خرج الكثير من المواطنين إلى الشارع لمعرفة مصدر هذا الصوت وبعض المعلومات الأوّلية التي قد تُزيح هذا الخوف عن قلوبهم.

ولم يقتصر هذا الاعتداء السافر على أجوائنا بالأصوات المرعبة فحسب، بل سقطت بقايا صاروخين إسرائيليين في بلدتَيّ لحفد – جبيل والمجدل – الكورة، دون وقوع إصابات، واقتصرت الخسائر على الماديات، ولكن الفضيحة كانت كالعادة أكبر والرعب كان أضخم بكثير، وذلك مع تكرار الاعتداءات المعادية للبنان برًا وبحرًا وجوًا، ما يُعدّ خرقًا واضحًا لقرار مجلس الأمن الرقم 1701.

ومع صمت المؤسسات والدول الخارجية، تعرّض المواطن اللبناني أمس إلى حالة رعب ولكنّها متوقعة نظرًا لاعتياد لبنان واللبنانيين على دفع ثمن السياسات الإقليمية والدولية، وارتباط بعض الجهات الداخلية بهذه المحاور التي لم تجلب إلى لبنان سوى الحسرات والويلات التي تجعل المواطن تحت ضغط شديد يُضاف إلى مجموعة أزمات يُواجهها قدر الإمكان.

ليست المرّة الأولى التي يقوم فيها العدو باستهداف سوريا مستخدمًا الأجواء اللبنانية لينتهك سيادة الدّولة التي لم تتخذ حتّى اللحظة قرارًا حاسمًا يحمي أراضيها ويُشعر مواطنيها بالأمان والسلام، ولا تقوم إلّا بإصدار بيانات استنكارية لا تُسمن ولا تغني من جوع، ولا تُغيّر من الواقع شيئَا.

الأمن على كف عفريت

لا يُخفي المواطنون خوفهم على الوضع الأمني في البلاد والذي يرونه أنّه بات “على كف عفريت”، وتقول رنا ع. من الضنية لـ”لبنان الكبير”: “ألّا يكفي أنّ وضع لبنان سيئ للغاية على الصعد كافة، هل يجب أن نتحمّل أيضًا الصواريخ التي تستهدف سوريا؟ نشعر فعليًا بالمأساة التي يُواجهها الشعب السوري الذي ما زال يعيش في بلاده والخوف الذي شعر به من الضربات الإسرائيلية المتكرّرة، ولكن في الوهلة الأولى اعتقدت أنّ القصف في لبنان لا في سوريا بسبب الصوت المروّع الذي هز الشمال كلّه”.

أمّا آلاء خ. من التبانة، فتقول: “اعتقدنا أنّ انفجارًا قريبًا من منزلنا قد وقع، لقد اهتز المبنى الذي نسكن فيه بكامله، لدرجة أنّنا خرجنا إلى الباحة الخارجية لنستكشف مصدر الصوت… نشكر الله أنّه لم يتأذ أيّ إنسان بسبب هذه المأساة”.

بدوره، يرى محمّد ع. من حمص سوريا ولكنّه يعيش في الزاهرية، أنّ لبنان بات يتحمّل الكثير من الضغوط في الآونة الأخيرة، ويقول: “دائمًا ما يقوم العدو بخرق السيادة اللبنانية، ولكن لنسأل لم لا تتصدّى القوى العسكرية اللبنانية كما فعلت السورية مثلًا بأجوائها؟ سوريا في حالة حرب منذ 11 عامًا أيّ أنّ الصراعات الدولية والإقليمية على أرضها قد أنهكتها بالفعل، ولكنّها قامت بخطوة ما لمنع معظم هذه الصواريخ، ومهما كانت التوجهات السياسية في سوريا أو في لبنان، لا بدّ من خطوة ما لمواجهة عدو مشترك لا ندرك ما قصده وأهدافه بهذا الخرق الفاضح”.

القصف الإسرائيلي مستمر

وفق مصدر عسكري، فإنّ الضربات المعادية على سوريا لا تستهدف لبنان وأنّ الحرب مع لبنان والتي تقوم دائمًا إسرائيل بإصدار بيانات عن قرب وقوعها ليست جاهزة بعد لاندلاعها ومستبعدة حاليًا، أمّا عن تلك الموجهة إلى سوريا فتستهدف مواقع تابعة لإيران وأيّ عناصر لبنانية أو دولية تابعة لهذا المحور، وذلك رغبة منها بتقليص وتحجيم دور طهران العسكري داخل سوريا.

إقرأ أيضاً: الجنوب اللبناني صندوق رسائل؟

ويقول لـ”لبنان الكبير”: “منذ عام 2020، وإسرائيل تقوم بتوجيه ضربات متتالية إلى مناطق مختلفة في سوريا كما أنّ هذا القصف كان يُوجّه أيضًا إلى الجيش السوري الذي يزعم أنّه أسقط معظم هذه الضربات”، متوقعًا حصول المزيد من الضربات في الأيّام المقبلة، دون أيّ ردة فعل دولية عليها، معتبرًا أنّ الصمت الدولي هو جزء من المخطط الذي يستفيد من هذا القصف الذي لن يضرّ سياسته ولن يصيبه بأيّ ثغرة، “فأيّ دولة أو محور سيستفيد من ضرب محور آخر أو دولة أخرى مهما بلغت قوتها من أجل تحجيمها أكثر في مقابل التوسع في البلاد التي يتنازعون عليها، وسوريا باتت أرضًا خصبة لهذه الصراعات الدولية والإقليمية”، وفق ما يقول المصدر.

شارك المقال