من لبنان الى القدس… صحافة فلسطينية إنسانية أم مهنية؟

ليال نصر
ليال نصر

تغطي الصحافيات/ون الفلسطينيات/ون في لبنان حرباً هي محور قضيتهن/م وإن رأيناهم موزعين على قرى الحدود الجنوبية اللبنانية، فلأن الحرب الصغيرة امتدادٌ لمعركتهن/م المرتدّة على لبنان ليشارك مع الفلسطينيين في مواجهة الاحتلال مغتصب الأرض والشعب بدعم حركات المقاومة المختلفة. فكيف يتم التعامل مهنياً مع هذه التغطية حتى الآن بحسب ما يجري من أحداث يومية؟ ومن يطغى على الأداء العملي المهنة أو التعاطف الانساني؟

تقول الصحافية الفلسطينية حنان عيسى الموجودة في منطقة رميش لموقع “لبنان الكبير”: ” بالنسبة الى التغطية لا أستطيع القول إني أقوم بتغطية حرب فما زلنا واقفين في مكان آمن ولا نخوض حرباً كحرب العام 2006، حينها كانت المواجهة مباشرة على الأرض مع ما يحصل وكانت هناك حرب فعلية على الأرض والصحافيات/ون يتعرضن/ون لقذائف، ونسبة الخطر كانت مرتفعة جداً وحياتهن/م مهددة إذا كنّ/كانوا يتنقلن/ون على الأرض”.

بينما تغطية معركة “طوفان الأقصى” والأحداث على الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة مختلفة تضيف عيسى: “على الرغم مما يحصل عملياً أنا في أمان وأرى المواقع تضرب عندما يحصل استهداف لأحدها المواجه لقرية رميش مباشرة، يستهدف الموقع وترد إسرائيل على محيط القرى حيث توجد الصحافيات/ون لكن حيث نحن لا شيئ يحصل. نحن نغطّي الخبر ونتابع ونرصد أو ننقل من مكان آمن لجبهة مفتوحة ضمن حدود معينة”.

أما بالنسبة إلى المؤسسة الاعلامية التي تعمل معها وهي قناة “الغد” فتؤكد عيسى أن لا ضغوط لأن الأمور في النهاية “لا تزال ضمن المسار الآمن في نقل الأخبار وتعتمد البيانات التي تصدر عن حزب الله من أجل تأكيد معلومة ما كما أننا نعتمد على ما نراه مباشرة بالعين المجردة”.

وعن التعاطي مع هذه المعركة إعلامياً، فتشير عيسى الى أنها تتعاطى مع الموضوع من زاوية مهنية بحتة وتنقل الواقع الذي يحصل لا أكثر ولا أقل.

أما الصحافي الفلسطيني أحمد ليلى فيقول لموقع “لبنان الكبير”: “نتابع كلاجئين ما يجري في غزة بشعور مختلط بين الأمل والحزن، فما يجري من مجازر إسرائيلية بحق الأطفال والنساء الذين يشكلون أكثر من 85% من مجموع الشهداء يدمي القلب، خصوصاً مع الغطاء الأميركي والغربي للقتل الجماعي للمدنيين في غزة. العالم يعلم والجميع يعلم أن المقاومة الفلسطينية ليست موجودة في الأبنية السكنية وإنما في الأنفاق المحصنة، لماذا يقصفون المباني السكنية؟ اليوم نحن لا نواجه آلة حربية إسرائيلة وحسب، إنما حرب إعلامية مليئة بالكذب والتلفيق لتبرير الجرائم بحق المدنيين”.

ويضيف: “إعلامياً من الناحية الفلسطينية من خلال تواصلي مع العديد من الزملاء فإن معظم المؤسسات لا يمانع أن يعبّر الموظفون عن تضامنهم مع فلسطين، باستثناء بعض المؤسسات الأجنبية الغربية وأخرى في دول خليجية ولديها علاقات مع إسرائيل”.

عموماً، فإن الأداء الاعلامي الفلسطيني تطور كثيراً ويسهم في صورة كبيرة في دحض الرواية الاسرائيلية في الغرب، وهو ما ظهر جلياً من خلال المظاهرات الكبيرة التي خرجت في مدن وعواصم أوروبية على الرغم من القرارات التي تمنع إظهار التعاطف مع فلسطين.

“نحن لدينا الايمان بأن هذه الحرب على الرغم من قساوتها والعدد الكبير للشهداء في غزة، فإنها مقدّمة لحل نهائي للقضية الفلسطينية وعودة اللاجئين”، بحسب ليلى الذي يأسف لأن “الدول العربية تظهر بصورة ضعيفة وجبانة، ورهاننا لم يكن يوماً على القادة العرب إنما على الشعوب الحرة التي تحب فلسطين من قلبها”، قائلاً: “لهذا نحن اللاجئون في لبنان نتمنى من الدولة اللبنانية أن تقف إلى جانب فلسطين إعلامياً وسياسياً، ونثمّن كثيراً وقوف اللبنانيين إلى جانبنا ورفض الرواية الاسرائيلية والغربية الكاذبة. وفي الوقت نفسه نحن نتمنى الأمان والسلام للبنان”.

“هدفنا الآن كلاجئين هو العمل لكسب مزيد من التعاطف الدولي من خلال رفع الصوت عبر التظاهرات ومواقع التواصل الاجتماعي لنؤكد للعالم أن قضيتنا عادلة وأن هناك احتلالاً يرتكب المجازر وجرائم الحرب ولا يطبق قوانين الأمم المتحدة منذ 75 عاماً”.

وترى الصحافية الفلسطينية شذا عبد العال “أننا لا نتعامل مع فلسطين بالطريقة الانسانية كي تصل لنا الرسالة، بل نتعامل مع فلسطين على أنها أحزان وأوجاع ونكبة ممتدة لنا في الشتات. وأنا لست بحاجة الى أن أرى موقفاً إنسانياً كي أتعاطف مع فلسطين إن كانوا نساء أم رجالاً، فالرجال ناس يدافعون عن حقهم وأرضهم وفي الوقت نفسه غزة جزء من أرض فلسطين فأنا لا أنتظر كي أرى نساء تضطهد لأقول حرام الفلسطينية أنا معاهم، بل أنا أشعر أن الوجع والنكبة ممتدين وجرائم الاحتلال التي يرتكبها في غزة هي نفسها التي ارتكبها علي وعلى أجدادي عام 1948، فما يحصل خط واحد مهما كثر الشتات وهو ممتد من مكان إلى آخر”.

أما بالنسبة الى المؤسسة الاعلامية التي تعمل فيها وهي مؤسسة فلسطينية، فتتعامل عبد العال بصورة طبيعية مع ما يجري بعد بدء معركة “طوفان الأقصى” كما تتابع دوماً القضية الفلسطينية، وتغطي أحداثها كما تحصل وكما تغطى كل الأحداث وليس لأن هناك مجازر في غزة حالياً.

هذه إذاً نماذج عن تعاطي الصحافة الفلسطينية من لبنان مع أحداث “طوفان الأقصى” حتى الآن، أما إذا تمددت الحرب أو توسعت وحصل عدوان على لبنان ودخل “حزب الله” الحرب بصورة أوسع فهذا موضوع آخر.

شارك المقال