عمليات اجلاء الرعايا من لبنان متسارعة… و90% منها بحرية

حسين زياد منصور

منذ بداية “طوفان الأقصى” والتوترات عند الحدود مع فلسطين المحتلة بين “حزب الله” والعدو الاسرائيلي، وكل السفارات العربية والغربية، تناشد رعاياها مغادرة لبنان فوراً، خوفاً من تطور المناوشات أكثر فأكثر، ودخول لبنان رسمياً في حرب، كما حصل في العام 2006، ويؤكد العديد من المتابعين والخبراء أنها ستكون أفظع من حرب تموز.

بالتأكيد سيشهد هذا الوضع عمليات اجلاء للرعايا الأجانب، كما في المرات السابقة، براً، بحراً وجواً، والمفارقة هذه المرة، أنه لن تكون الى سوريا، حيث كانت بعض الدول في المرات السابقة تجلي رعاياها براً اليها ومن ثم الى دولها، إن كان عن طريق المطارات، أو بحراً من خلال المرافئ. أما اليوم فالوضع مختلف، اذ لم تخرج سوريا من حربها الأهلية بعد، والمطارات القابعة تحت سلطة النظام تضربها اسرائيل بين الحين والآخر.

إذاً، هذه المرة سيتم اجلاء غالبية الرعايا، على الأقل الغربيين، من أميركيين وأوروبيين، من لبنان، في حال وقوع حرب، خصوصاً وأنها ليست المرة الأولى التي يتم فيها ذلك منذ العام 1975، فهو يواجه حروباً وأزمات تكبر عاماً بعد عام، أي منذ الحرب الأهلية، ثم الاجتياحات الاسرائيلية وحرب تموز. هذه الأحداث بالتأكيد دفعت السفارات الى وضع خطط طوارئ لاجلاء رعاياها.

وتوضح أستاذة في علم السياسة لموقع “لبنان الكبير” أن “عمليات اجلاء الرعايا تندرج ضمن هم الدول وأولوياتها لتأمين أبنائها والحفاظ على أرواحهم، وهذه التدابير تلجأ اليها الدول في حال تأزم الأوضاع في دولة معينة، كما يحصل في الجنوب اللبناني، والتخوف من حصول حرب”.

صخر: الاجلاء سيكون على مرحلتين

ويشير العميد الركن المتقاعد والخبير الاستراتيجي يعرب صخر لـ”لبنان الكبير” الى أن “طرق اجلاء الرعايا الأجانب واخلائهم، تختلف بين دولة وأخرى، لكن المؤكد هو أمر واحد، الأساطيل وحاملات الطائرات والبوارج والمدمرات الأميركية وغير الأميركية، أصبحت حاضرة في مياه البحر المتوسط، وهناك حاملة طائرات إنكليزية، وحاملة طوافات فرنسية، الى جانب بعض الدول الأخرى، ولا يمكن نسيان قبرص وصقلية وكريت. وهذا كله يدل على أن الاخلاء أو الإجلاء سيكون 90٪ منه بحرياً وليس برياً وجوياً، الاجلاء البري أو الجوي سيكون عن طريق مطار بيروت فقط، وأن 90٪ من الاجلاء سيكون بحرياً باستعمال الطوافات والقوارب السريعة”.

ويؤكد أن “الاجلاء سيكون على مرحلتين، الأولى تجميع الرعايا عند الساحل اللبناني الشمالي أي عند منطقة جونية أو المعاملتين وجبيل وطبرجا وشمال بيروت، والمرحلة الثانية اجلاؤهم بواسطة الطوافات والقوارب بحراً”.

ويصف صخر عمليات الاجلاء هذه المرة بـ “النشاط غير طبيعي والمتسارع”، لافتاً الى “أننا في مرات كثيرة وماضية، اعتدنا أن يكون هناك اجلاء للرعايا أو دعوتهم الى المغادرة، لكن هذه المرة يحصل ذلك بطريقة متسارعة وكأنه يتم اجبارهم على المغادرة”.

2006

عند الحديث عن عمليات الاجلاء، يعود البعض بالذاكرة الى حرب تموز، على اعتبار أنها أقرب فترة حصلت فيها عمليات كهذه وتعد كبيرة، بحيث نفذت كندا أكبر عملية إجلاء حينها، والغالبية الآن تذكرها.

فخلال حرب تموز، قصف المطار فوراً، وهو ما وضع أمام الدول التي تسعى الى إجلاء رعاياها خيارين فقط، الاجلاء بحراً، أو براً. وهذا ما حصل، فعمليات الاجلاء البحرية كانت تتم عن طريق مرفأي بيروت وجونية، ومن هناك الى قبرص، حيث كان مرفأي ليماسول ولارنكا هما الوجهة، واستقبلا الآلاف من الرعايا من جنسيات مختلفة، ولتخفيف الضغط عن قبرص توجهت سفن أخرى الى ميناء مرسين التركي.

اما من غادر براً، فسلك طريق سوريا، اذ أجلت العديد من الدول رعاياها من لبنان الى دمشق، ومن هناك عن طريق المطار الى دولهم، ومعظمهم كانوا عرباً. كما أجلى بعض الدول رعاياه أيضاً من مرفأي صور وطرابلس.

وشاركت في عمليات الاجلاء حينها قوات من مشاة البحرية الأميركية المعروفة بـ “المارينز”، وكانت المرة الأولى التي تنزل فيها هذه القوات بيروت منذ انسحابها بعد تفجير السفارة الأميركية عام 1983.

في كل مرة يشهد لبنان أزمة، أو حرباً، أو حدثاً أمنياً، نشهد عمليات اجلاء، ففي العام 1976، تم اجلاء أميركيين عن طريق أسطول كبير، إثر اغتيال السفير الأميركي حينها فرانسيس ميلوي، بعدما خطفته مجموعات فلسطينية مسلحة.

والأمر نفسه تكرر مع مختلف الدول، عند كل أزمة يمر بها لبنان، ان كان بين العامين 1978 و1984 وصولاً الى العام 2008، إثر احداث 7 أيار.

شارك المقال