غوتيريش الذي تسعى إسرائيل الى… “قبعه”

حسين زياد منصور
الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش

منذ بداية “طوفان الأقصى”، والرد الاسرائيلي الوحشي والهمجي على قطاع غزة، من خلال القصف اليومي العنيف، كان موقف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، واضحاً، في ما يتعلق بانتهاكات إسرائيل للقانون الدولي الإنساني في غزة، وأن طرفي الصراع ليسا فوق القانون، وهو ما أثار حفيظة الاسرائيليين ضده، مطالبين إياه بالاستقالة.

واعتبر غوتيريش أن لا شيئ يبرر الهجمات المروعة من “حماس”، ولكنه أي هجوم “حماس” لم يأتِ من فراغ، وأن الشعب الفلسطيني يخضع لاحتلال خانق على مدى 56 عاماً، محذراً من العقاب الجماعي للشعب الفلسطيني.

تصريحات غوتيريش الداعمة للشعب الفلسطيني، فوجئ بها الاسرائيليون، وندد بها ديبلوماسيوهم الذين وصفوها بأنها “صادمة”، وحظيت المطالبة الاسرائيلية العلنية باستقالته من منصبه بسبب مواقفه وتصريحاته المناهضة لأفعال إسرائيل، بدعم كبير من سياسيين أميركيين بارزين، وهو ما أكده السيناتور الجمهوري تيد كروز في حديثه لشبكة “فوكس نيوز:” بالطبع يجب عليه أن يستقيل”.

من هو غوتيريش؟

من هو الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الذي وقف العرب الى جانبه في العالم الافتراضي، وثارت إسرائيل عليه في قلب المنظمة التي يقودها؟

غوتيريش، برتغالي الجنسية، ولد في لشبونة عام 1949، يتقن اللغات البرتغالية والانكليزية والفرنسية والاسبانية، ودرس الفيزياء والهندسة الكهربائية في المعهد العالي للتكنولوجيا التابع لجامعة لشبونة. مارس التدريس في المعهد برتبة أستاذ مساعد بعد تخرجه لمدة 3 سنوات، قبل أن يدخل العمل السياسي والديبلوماسية الدولية، بعد الانتساب الى صفوف الحزب الاشتراكي البرتغالي في العام 1974.

له ولدان من زوجته الأولى لويزا اميليا أي ميلو أخصائية العلاج النفسي للأطفال، والتي توفيت إثر معاناة مع السرطان عندما كان رئيساً للوزراء. اما زوجته الثانية كاتارينا دي ألميدا فاز بينتو، فتزوجها عام 2001، وكانت قد شغلت منصب نائبة عمدة لشبونة للثقافة، ووزيرة الثقافة في البرتغال من العام 1997 وحتى العام 2000.

في كانون الثاني من العام 2017، تولى غوتيريش منصب الأمين العام للأمم المتحدة خلفاً لبان كي مون، وحصل حينها على دعم واسع من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، اذ نال دعماً بالإجماع في استطلاع غير رسمي أجراه المجلس. هذا الاجماع عليه حصل في الوقت الذي كان فيه مجلس الأمن منقسماً حول إيجاد حل للأزمة الانسانية القائمة في سوريا.

غوتيريش الذي أعيد انتخابه لولاية ثانية عام 2021، تعددت مواقفه الواضحة والصارمة حتى قبل الحرب على غزة، فخلال الصراع الروسي – الأوكراني، كان يجتمع بصورة منفصلة مع قادة البلدين، ويدعو الى السلام بشكل دائم، فضلاً عن اشاراته وتنبيهاته لانتهاكات حقوق الانسان التي يرتكبها جيش ميانمار.

الى جانب ذلك، لطالما تحدث في طرق معالجة تغير المناخ، والضغط على الدول الكبرى للعمل سوياً وتحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة.

المفوض السامي لشؤون اللاجئين

بين حزيران 2005 وكانون الأول 2015، كان غوتيريش المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وكانت الفترة من أشد الأوقات وأخطرها، خصوصاً بعدما أدت الصراعات في سوريا والعراق واليمن وجنوب السودان وجمهورية إفريقيا الوسطى، الى ارتفاع عدد النازحين واللاجئين من 38 مليوناً في العام 2005 إلى 110 ملايين نازح ولاجئ في أيار 2023، وهذا ما أدى إلى زيادة كبيرة في أنشطة المفوضية.

وخلال فترة تسلمه المنصب، توجه أكثر من مرة إلى الدول الأكثر ثراء، من أجل مساعدة اللاجئين الذين يفرون من مناطق النزاعات. واستمرت فترة ولايته أحد عشر عاماً.

الرئيس والبرلماني والسياسي

بين العامين 1995 و2002، شغل غوتيريش منصب رئيس وزراء البرتغال، وكانت له جهود في ما يتعلق بأزمة تيمور الشرقية. وبين العامين 1991 و2002 كان عضواً في مجلس الدولة البرتغالي.

وفي العام 1976، انتخب لأول مرة نائباً في البرلمان البرتغالي ولمدة 17 عاماً، بقي عضواً فيه. خلال هذه الفترات، ترأس عدة لجان، أبرزها اللجنة البرلمانية للاقتصاد والمالية والتخطيط، ثم اللجنة البرلمانية لإدارة الأراضي والبلديات والبيئة، فضلاً عن كونه زعيماً للمجموعة البرلمانية لحزبه.

وفي العام 2000، وبصفته رئيساً للمجلس الأوروبي قام بدور قيادي في اعتماد “جدول أعمال لشبونة من أجل النمو وفرص العمل”. وبين العامين 1981 و1983 كان عضواً في الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا ورأس لجنة الديموغرافيا والهجرة واللاجئين. كما شارك في رئاسة أول مؤتمر قمة بين الاتحاد الأوروبي وإفريقيا.

يعرّف غوتيريش عن نفسه بأنه مدافع عن التعددية. ولطالما كان شخصية بارزة في الدوائر الاشتراكية الأوروبية، بحيث شارك بنشاط في المنظمة الاشتراكية الدولية، وكان نائب رئيس المجموعة بين 1992 و1999، وشارك في رئاسة اللجنة الافريقية ولجنة التنمية، ومن أدواره السياسية أيضاً وجوده كعضو في الفريق المفاوض لدخول البرتغال إلى الاتحاد الأوروبي عام 1986.

وغوتيريش عضو في نادي مدريد، وهو عبارة عن تحالف قيادي يضم رؤساء ورؤساء وزراء ديموقراطيين سابقين من جميع أنحاء العالم.

شارك المقال