“الطوفان” أفقد إسرائيل “صوابها” ودورها

عبدالرحمن قنديل

“الجيش الاسرائيلي حقق انجازات مهمة خلال الحرب على قطاع غزة لكنه مني أيضاً بخسائر مؤلمة”، هذا الكلام لرئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو بمثابة إعتراف أو إقرار مطلق بهول ما حدث في السابع من تشرين الأول وعواقبه السلبية على إسرائيل، فلم يعد تاريخاً عابراً لأن ما قبله ليس كما بعده في تاريخ الصراع العربي – الاسرائيلي.

كلام نتنياهو جاء عقب مقتل عشرة جنود إسرائيليين في استهداف آلية مدرعة في غزة، وتوعد بمواصلة الحرب حتى تحقيق “النصر”، إضافة إلى مقتل 12 جندياً إسرائيلياً في استهداف عربة مصفحة في شمال غزة، وتزامنت هذه الخسائر مع إعلانه خلال اجتماع الكبينيت دخول الحرب على غزة مرحلتها الثالثة، وتوسيع الاجتياح البري للقطاع.

لا شك في أن عنصر المفاجأة الذي شكلته “كتائب القسام” في عملية “طوفان الأقصى” كان صدمة للجيش الذي كان يقال عنه انه لا يقهر وهز كيان إسرائيل وسطوتها. الخسائر البشرية والمادية التي تكبّدتها إسرائيل في هذه العملية من قتلى وجرحى ورهائن ومعدات عسكرية، أثارت حالة رعب لم تعرفها منذ حرب تشرين الأول عام 1973، وبلغت من اليوم الأول حتى الخامس من المواجهات نحو 1200 قتيل، بينهم عسكريون برُتب متفاوتة، ومستوطنون، مع إصابة أكثر من 2500 آخرين. كما احتجزت”حماس” التي توعدت إسرائيل بأن تكون غزة مقبرة جيشها أكثر من 100 رهينة، في عملية نوعية أدت إلى نزوح جماعي للمستوطنين بالآلاف من “غلاف غزة”.

ووفقاً لاحصائية صدرت عن مكتب الأمن القومي الاسرائيلي عام 2014، ونشرتها صحف إسرائيلية، بلغ عدد قتلى إسرائيل خلال الصراع العربي – الاسرائيلي 23 ألفاً و169 شخصاً، وأن العدد الأكبر كان بين العامين 1947 و1948، بحيث بلغ نحو 6500 شخص. كما قتل خلال حرب الاستنزاف في سيناء بين العامين 1967 و1973، نحو 1000 جندي إسرائيلي، وفي حرب العام 1967 بلغ العدد 750 جندياً، وخلال حرب لبنان الأولى عام 1982 وصل العدد الى 650 جندياً.

عضو قيادة حركة “حماس” في الخارج علي بركة أوضح لـ”لبنان الكبير” أن “عملية طوفان الأقصى شكلت ضربة قوية لاسرائيل اذ خاضها ألفا مقاتل فلسطيني إستطاعوا أن يهزموا فرقة غزة الإسرائيلية التي تضم 12 ألف جندي وضابط وتقود حصار غزة منذ العام 2006 من خلال الهجوم الواسع الذي شنوه على غلاف غزة واستطاعوا تحطيم الجدران العازلة بين قطاع غزة والأراضي المحتلة منذ سنة 1948 ودخلوا إلى مواقع عسكرية إسرائيلية والمستوطنات الموجودة في الغلاف وتمت السيطرة على حوالي 50 موقعاً بين عسكري ومستوطنة”.

ولفت إلى أن “طوفان الأقصى” أظهر الجيش الاسرائيلي الذي يقال عنه انه “لا يقهر” أنه قهر في هذه المعركة وظهر وكأنه “نمر من ورق”، لذا لم يعد يخيف أحداً ولم يعد أقوى جيش في المنطقة بعد هذه الهزيمة النكراء، ما جعل من المشروع الاسرائيلي في المنطقة يهتز ودور إسرائيل كحامٍ للمصالح الأميركية والغربية للمنطقة ضرب لأنهم كانوا يعولون على إسرائيل لحماية مصالحهم في المنطقة ولكن بعد السابع من تشرين فقد هذا الدور.

وأكد بركة أنهم “كانوا يعتبرون إسرائيل عماد المنظومة الأميركية ولكن هذا العماد إنكسر، وتلقى ضربة قاسية وبسبب إنهيار هذه الخيمة رأينا هذا التحرك من الرئيس الأميركي جو بايدن أو من خلال وزيري الخارجية والدفاع الأميركيين بالإضافة إلى مستشار الأمن القومي وحاملة الطائرات”، معتبراً أن “هذه الحرب المجنونة التي يخوضونها ضد غزة دليل على أن عملية طوفان الأقصى ضربت المصالح الأميركية في المنطقة لأن إهتزاز إسرائيل هو إهتزاز لكامل المنظومة فيها”.

وأعرب بركة عن إعتقاده أن عملية “طوفان الأقصى” هي “زلزال حقيقي ستكون له هزات إرتدادية على المنطقة حتى بعد وقف إطلاق النار لأن النظرة الى اسرائيل الآن ستتغير من دول المنطقة لأن دورها ضرب في المنطقة ووجه الشرق الأوسط سيتغير بعد إنتهاء هذه الحرب، فلا شك أن ما بعد السابع من تشرين ليس كما كان قبله”.

أشار الباحث في الشأن الإسرائيلي عصمت منصور في حديث لـ”لبنان الكبير” إلى أنه إذا بحثنا عن عميقاً في أسباب هذه الحرب والبشاعة والقوة والهمجية التي تعتمدها إسرائيل في خوضها فهو بسبب ما حدث في السابع من تشرين الأول،لأن الدور الوظيفي لإسرائيل إنهز في المنطقة في نظر العالم الغربي والولايات المتحدة الأميركية.

ولفت منصور إلى أن لطالما كان لإسرائيل دور وظيفي في المنطقة شكل عامل إستقرار لمصالح الغرب واليد الضاربة للولايات المتحدة الأميركية ومعسكر متقدم في خدمة المصالح الغربية أي ليس فقط فيما يتعلق بالخسائر البشرية إنما أيضاً من خلال الخسائر المعنوية إن كان من خلال الوظيفة أو الدور بالتالي هي تذهب إلى هذا المنحى من خلال الرغبة في الحسم لأجل إستعادة هذا الهدف وهذا الدور.

واعتبر أنه لم يعد باستطاعة إسرائيل بعد اليوم بأن تقول لدول المنطقة بأنها تستطيع حمايتهم من إيران بحال لم تجلب نصر حاسم في هذا الموضوع ولا تستطيع أن تقول للولايات المتحدة أنها قادرة على ضمان مصالحها إن كان من قوة متطرفة أو تغييرات من الممكن أن تحدث في المنطقة وظهور دول معادية لها إذا ما كانت لديها القدرة على الحفاظ على هذه المكانة.

وأعرب منصور عن إعتقاده بأن صورة إسرائيل هي أهم من الخسائر وعداد القتلى في إسرائيل الذي وصل إلى1400 قتيل بعد السابع من تشرين الأول هو عداد غير مسبوق حتى في حروب كاملة وحتى في حروبها مع دول عربية كبيرة ولكن هذا لن يغيير في قرار إسرائيل والخسائر البشرية لم تعد تحتل ذات المكانة والتأثير في القرار الإسرائيلي سواء في الحرب أو السلم.

وأكد أن الجولات السابقة التي خاضتها إسرائيل كانت عبارة عن إستعادة صورة الردع من خلال التحريك وإيصال الرسائل وكانت تقتصر على إعادة ترتيب وتثبيت هدن لذلك كان موضوع الخسائر محسوب ويأخذ في عين الإعتبار لأن كان الهدف منها هو تأديبي و يقتصر على تثبيت المعادلات ولم يكم لديهم رغبة في دفع الثمن مقابل هذا الأمر ولكن الآن الأمر بات مختلف.

شارك المقال