ماذا ننتظر من السيِّد حسن؟

الراجح
الراجح

كان للرئيس الأميركي جون كنيدي قولٌ مأثورٌ نُقِل عنه، بعد أن قضى في البيت الأبيض قرابة ثلاث سنوات على قمة السلطة في أقوى بلد في العالم…

يقول كنيدي: “لقد اكتشفت بعد تجربة طويلة، هنا في البيت الأبيض، أن كل ما كنا نتصوره عن كهنوت إصدار القرارات خرافة لا أساس لها. وأن كل ما أصدرت من قرارات كان مستندا إلى معلومات متاحة لكل من يقرأ ويتابع ما يجري من حوله، وأستطيع أن أحدّد النسبة التالية للمعلومات التي أثَرتَها فيما أصدرت من قرارات. كان 93% من هذه المعلومات معلومات متاحة ومفتوحة وعلانيّة تحت تصرَف كل الناس. وكان 7% فقط من هذه المعلومات يجيئني من مصادر سريّة. إن القرار السِّياسي في عصرنا الحديث لم يعد طلمسًا مغلقا إلّا أمام القلة التي لا تستفيد من المتاح أمامها”.

إذا انطلقنا ممّا تقدم، فإننا نستطيع أن نرصد مسار أي مشكلة أو أزمة دوليّة ونتصور تطوراتها المقبلة، إذا استطعنا أن نرسم صورة حركة لها تشمل ما يلي:

– توصيف علمي دقيق للمشكلة أو الأزمة: أصولها وجذورها ومراحل نموّها حتى وصولها إلى ما هي عليه.
– تحديد مفصَّل لكل الأطراف الداخلية في عملية صنع أي قرار مّتصل بالمشكلة أو الأزمة، بما في ذلك القوى الدولية ومدى تأثيرها على العناصر الداخلية، ويشمل ذلك التكوين الطبقي والفكري والسياسي والنفسي للقيادات التي يصدر القرار عنها وباسمها.
– الأهداف القريبة والبعيدة التي تريد أطراف المشكلة أو الأزمة تحقيقها من خلال عملية إدارة الأزمة، سواء كانت هذه الأهداف معلنة تنطق بها الأقوال، أو غير معلنة تفصح عنها التصرفات العملية واليومية.
– موازين القوى بين أطراف المشكلة في المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية، وما تتيحه هذه الموازين من حرية في الحركة والمناورة.
– المناخ المحيط بالمشكلة محليا وإقليميا ودوليا وإعلاميا ودرجة الأولوية التي تحظى بها المشكلة في الاهتمام العالمي العام.

هذه العوامل الخمسة هي “الصورة المحركة” بالنسبة لأي مشكلة في العالم الآن، وربما كانت هناك عوامل غيرها تنطبق على مشكلة الشرق الأوسط (فلسطين). ألا أن ذلك بحث طويل لا هذا مكانه ولا هنا مجاله.

والأكيد أن غيري أقدَر على القيام والإحاطة والعلم بما يتوجب طرحه وتأكيده.

أما النقاط التي أريد أن أطرحها فهي كالآتي:

لقد تم في ما أظن توصيف كامل لنقاط أزمتنا الحالية، وهي في صميم الصميم أزمة شعب فلسطين وأرضه التي هي جغرافيا وتاريخ… ونزول قومية غريبة، على افتراض أن الصهيونية حركة قومية، على هذا الجسر الجغرافي والتاريخي. فهو بالنسبة لشعوب الأمة العربية يصنع مأزقا تاريخيا يخطّىء هؤلاء الذين يتصوّرون أو يتوهمون وجود حل سهل لهم.

أريد بهذه الخلاصات ان أصل إلى نتيجة محددة، مؤداها أننا إذا أردنا أن نقوم بعملية رصد المسار للحرب الدائرة الآن في غزة وإلى أين تسير بنا، فإن علينا أن نتوقف أمام الأوضاع والظروف والحركة المحتملة لموقف ثلاثة أطراف بالتحديد من أطراف المشكلة المؤثِّرين على صنع القرار، أي قرار متصل بها:

– الولايات المتحدة الأميركية
– إسرائيل
– ايران

إذا حاول الأمين العام وبأقصى قدر من الموضوعية والدِّقة رؤية المرحلة، فلا بد أنَّه يستطيع أن يحسب وبغير مجال لخطأ كبير ما سوف يحدث غدا وبعد غد في السياسة، وعندها لن نسمع مقولة لو كنت أعلم لمرة ثانية…

شارك المقال