“وعد بلفور” المشؤوم… 106 سنوات والمجازر مستمرة! 

راما الجراح

تحل الذكرى السنوية 106 لصدور “وعد بلفور” في ظروف استثنائية تعيشها القضية الفلسطينية بالتزامن مع حرب مدمرة على قطاع غزة متواصلة منذ 27 يوماً، وفي ظل دعم غربي لاسرائيل من بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وكندا. ويعتبر هذا الوعد من أهم الأحداث التي مهدت للوجود الاسرائيلي في فلسطين على النحو الذى جرى منذ تقسيمها، مروراً بحرب 1948 وغيرها من الأحداث التي تلت ذلك مثل نكسة 1967 وحتى الأحداث الجارية في الوقت الحالي في قطاع غزة.
وتعيش بريطانيا، صاحبة هذا الوعد الصادر في 2 تشرين الثاني عام 1917 وضعاً استثنائياً بين رأي عام مساند لقضية فلسطين ومتضامن مع شعبها من خلال مسيرات ضمت مئات الآلاف وكانت الأكبر في العالم، وبين قرار سياسي يقدم الدعم المطلق لاسرائيل ويرفض إلى الآن الدعوة إلى وقف إطلاق النار.

منذ 7 تشرين الأول يشن الجيش الاسرائيلي غارات جوية مكثفة دمرت أحياء سكنية بالكامل، وقتل فيها أكثر
من 9 آلاف بينهم 3760 طفلاً و2326 امرأة.
كما قتل 132 فلسطينياً واعتقل نحو 1900 في الضفة الغربية، بحسب مصادر فلسطينية رسمية. وتقطع إسرائيل منذ اندلاع الحرب إمدادات الماء والغذاء والأدوية والكهرباء والوقود عن سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليوني فلسطيني يعانون في الأساس من أوضاع متدهورة للغاية جراء حصار إسرائيلي متواصل للقطاع منذ 17 عاماً.

وعد بلفور
منح وزير خارجية المملكة المتحدة آرثر جيمس بلفور هذا الوعد المعروف في الأدبيات السياسية والتاريخية بوعد “من لا يملك لمن لا يستحق”، بإرساله رسالة إلى اللورد ليونيل وولتر دي روتشيلد يشير فيها إلى تأييد الحكومة البريطانية إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، وهي الرسالة التي عرفت باسم “وعد بلفور”، وكانت نقطة الانطلاقة الرئيسة للقضية الفلسطينية والتي نتج عنها فيما بعد الاحتلال الاسرائيلي.

في 2 تشرين الثاني من العام 1917 أرسل بلفور رسالته إلى اللورد روتشيلد الصهيوني المعروف وصديق حاييم وايزمان قائلاً: “حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل عظيم جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية”.

بلفور زعم في رسالته أن بريطانيا ستحافظ على حقوق القوميات الأخرى المقيمة في فلسطين، وهو ما لم تلتزم به. وتزامن الوعد، مع احتلال بريطانيا لكامل أراضي فلسطين التاريخية خلال الحرب العالمية الأولى (1914-1918).

وبعد مرور عام، أعلنت كل من إيطاليا وفرنسا موافقتها عليه، لتتبعها موافقة أميركية عام 1919، ثم لحقت بها اليابان في العام نفسه. وكان تأثير “وعد بلفور” على مسار أحداث ما بعد الحرب فورياً، فوفقاً لنظام “الانتداب” الذي أنشأته معاهدة فرساي لعام 1919 عُهد إلى بريطانيا إدارة فلسطين على أساس أنها ستعمل فيها نيابة عن سكانها العرب، وخلال فترة الاحتلال البريطاني لفلسطين حتى العام 1948، عملت لندن على استجلاب اليهود من دول العالم كافة، وتنظيمهم وتقديم الدعم لهم لتأسيس دولة إسرائيل.

إذاً، “وعد بلفور” أسس لاقتلاع الشعب الفلسطيني وارتكاب المجازر بكل أنواعها لفرض وقائع على الأرض، وهو أكثر من مجرد ما منحته بريطانيا للحركة الصهيونية لإنهاء الشعب الفلسطيني بكل مكوناته، بل يتجلى اليوم في الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة والدول الاستعمارية بما فيها بريطانيا لاسرائيل في حربها على غزة، والجريمة لا تزال مستمرة مع توفير الغطاء لعمليات القتل الممنهجة بحق المدنيين.

شارك المقال