بعد خيبة السيد… هل تقود “حماس” المحور؟

عاصم عبد الرحمن

منذ انفجار “طوفان الأقصى” في السابع من تشرين الأول الفائت وحتى خطاب الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصر الله الذي غيّب نفسه عن الشاشة تحت شعار “صمتك يرعبهم”، تفيض التحليلات وتنسج السيناريوات عن كيفية تخطيط العملية التي قامت بها “كتائب القسام” الجناح العسكري لحركة “حماس” وتمويلها وتجهيزها وتنفيذها، وعن انخراط الحزب في قلب المعركة غير المسبوقة في تاريخ المواجهات بين العدو الصهيوني والشعب الفلسطيني إلى أن أكد السيد مرة جديدة في خطابه أمس شعاره الشهير “لم أكن أعلم”، مضيفاً إليه بعض المنكهات السياسية والمصطلحات التجييشية التي احتوت على ما مفاده “لا دخل لنا” بل هو شأن فلسطيني وحمساوي على وجه الخصوص.

خيّب السيد نصر الله أمل جماهير المقاومة خصوصاً في فلسطين التي تقاوم باللحم الحي وما تيسر من عتاد مسلحين بقوة العنفوان والكرامة. السيد الذي بنى امبراطورية “حزب الله” من أحجار القضية الفلسطينية الكريمة ها هو يثبت اليوم لمن كان لا يزال متردداً في إدراك حقيقة التجارة بأن قضيته هي في مكان آخر في كل مكان من هذا العالم يخدم الجمهورية الايرانية ومشاريعها العقائدية والتوسعية ولو في الصين إلا القدس، فهي كما كاد أن يقول شأن فلسطيني وحمساوي حصراً.

إلا أن خطاب السيد لم يخيّب آمال قادة “حماس” وكتائبها التي يبدو أنها أقسمت على أن تبقي عملية الطوفان ومحاورها وكل ما يتعلق بها بعيداً من متناول تجار القضية الذين لم يقدموا لها سوى الخطابات الرنانة والشعارات البراقة من قبيل إزالة إسرائيل والاحتفاظ بحق الرد إلى يوم القيامة. قطع خطاب السيد شك القادة في “حماس” بيقين عدم الثقة بالذين اعتقدوهم رفاق سلاح في المقاومة من إيران إلى العراق وسوريا واليمن ليتبين لهم خيط الوعود الالهية الأبيض من خيط المصالح والمشاريع الغريبة عن بلادنا الأسود.

كان واضحاً ملاقاة السيد للمصالح الايرانية التي حتمت عليها البقاء خارج ساحات القتال وبعيداً من خلف أكياس رمل مواجهة أعتى الميليشيات الصهيونية على مر التاريخ في إسرائيل، فالولايات المتحدة التي لا تزال تمسك بالعصا الايرانية التي تمتلك هزها متى شاءت تحت ضغط المصالح الاقتصادية التي ترزح تحت ركام العقوبات الدولية في طريقها نحو تتويج المفاوضات النووية التي تنتظر الإخراج المناسب في الشكل والتوقيت.

إذا كانت إيران تعتقد أن التضحية بحركة “حماس” مقابل الحفاظ على “حزب الله” ومصالحه ودوره فلا شك في أن لـ “حماس” كلاماً آخر، هذه الحركة التي أنعشت قلوب المسلمين والعرب الجوعى إلى انتصار يشفي بعضاً من جراح تراكمت ولا تزال منذ عقود مضت، كلام ستكتبه “كتائب القسام” بالدماء التي تبذلها في سبيل تحرير الانسان قبل الأرض، ولأن الزعامة ملك للشعب هو الذي يمنحها وهو نفسه مَنْ يحجبها فزعامة محور المقاومة الحقيقية والصادقة توجت بها “حماس” فهي لا تحتاج إلى دول أو أحزاب ذات مصالح وحسابات وفق مقاس مشاريع الدول الكبرى.

ولأن الطوفان عادة يجرف كل ما قبله لترسو وقائع جديدة في ما بعده، فمن المؤكد وبعد نهاية الملحمة الكبيرة التي تسطرها القسام ستخرج “حماس” من تحت عباءة محور الممانعة لتبني بشعوبها ومصداقيتها محور مقاومتها الخاص رفقة الغيارى والصادقين في حضرة القضية الفلسطينية، فهل يقود الملثمون الذين يعشقهم المؤمنون بالحق الذي يدافعون عنه محور المقاومة الحقيقي؟

شارك المقال