الغواصة النووية الأميركية… تهويل أم تهديد بالقوة؟

عبدالرحمن قنديل

أعلنت القيادة المركزية الأميركية مساء أمس، أن الغواصة النووية من طراز “أوهايو” وصلت إلى منطقة مسؤوليتها في الشرق الأوسط، وستنضم إلى حاملتي الطائرات “أيزنهاور” و”جيرالد فورد” ومجموعة السفن الحربية التابعة لهما والتي سبق أن نشرهما الجيش الأميركي في المنطقة.

وتعتبر “أوهايو” من ضمن الغواصات الضخمة التي تستخدم للردع النووي، وهي قادرة على إطلاق الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز، كما تعدّ من أكبر غواصات الصواريخ الباليستية في العالم، إذ تستطيع كل غوّاصة أن تحمل 24 صاروخ “ترايدنت” النووي، بالاضافة إلى العديد من الأسلحة التقليدية.

وقد صمّمت للعمليات السرية والقتال تحت الماء، ولديها القدرة على البقاء تحته لمدة تصل إلى 3 أشهر. وكانت بنيت 18 غواصة من هذه الفئة بين العامين 1976 و1997، ولا يزال نحو 14 منها في الخدمة حالياً. ويعتبر هذا النوع من الغواصات التابع للبحرية الأميركية بمثابة رادع نووي متنقّل، وتزامن وصول هذه الغواصة مع الخطاب الأخير للأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصر الله وتهديده القواعد الأميركية.

مدير المنتدى الاقليمي للدراسات والاستشارات العميد الركن خالد حمادة رأى في حديث لـ”لبنان الكبير” أن “وصول هذه الغواصة لتلتحق بحاملتي الطائرات الأميركيتين هو دليل على إصرار أميركا على إعادة ترسيم نفوذها في المنطقة وتثبيته بالقوة”، معتبراً أن “هذه الحشود ليست لقلب موازين القوى في غزة ولكن لتثبيت النفوذ الأميركي بقوة السلاح وقوة القدرات الأميركية العسكرية في المنطقة، وهذا الموضوع ينسحب على كل الدول من دون إستثناء لأن لا صديق أو عدو للولايات المتحدة الأميركية في المنطقة، ولكن أميركا تعتقد أن كل المنطقة يجب أن تخضع لما تريده وما تريد رسمه”.

ولفت الى أن “هذه الحشود في البحر هي للقول بأن ما يطلبه الأميركييون ليس موضعاً للنقاش، لذلك نرى أن الزيارات والتواصل الديبلوماسي الذي يحصل مع كل الدول في المنطقة يتم من خلال عنوانين واضحين: حماية المصالح الأميركية من خلال قول أميركا بأنها لا تقبل بأن يتعرض أحد لمصالحها، والمسألة الأخرى هي أن ليس هناك وقف لاطلاق النار في غزة قبل أن يحقق الجيش الاسرائيلي أهدافه لذلك تصر أميركا على الهدن الإاسانية”.

وأعرب حمادة عن إعتقاده أن “الموضوع لن ينتهي إذا إنتهت الحرب في غزة وهناك خطوات عملية أخرى ستأخذها الولايات المتحدة حفاظاً على نفوذها في المنطقة وتثبيتاً لما تريد أن تصوغه لها بما يتناسب مع معاركها المفتوحة مع الصين وروسيا، وبالتالي غزة هي جولة في جولة السيطرة الأميركية على المنطقة”.

وكشف أن “لبنان لا يعطى أهمية في هذا السياق أكثر من غيره ولا حتى غزة هي الجولة الأولى باعتبار أن في داخلها فصيلاً خارجاً عن السيطرة الأميركية، أما باقي دول المنطقة فلا تخاطب بهذه الطريقة بل بطريقتين، اما بطريقة الحكومات الضعيفة كلبنان وسوريا والعراق واليمن، أو بطريقة الأذرع المسلحة وتتم مخاطبتها عن طريق السلطة التي تديرها، فالفصائل المسلحة التابعة لإيران تخاطب عن طريق طهران، فإذا خضعت الأخيرة ستخضع كل الفصائل المسلحة، وبالتالي ليس عند حزب الله ما يقدمه أو ما يقاتل به فالموضوع عند إيران إذا قالت انها خارج ما يجري في غزة ولا تريد توسيع القتال إذاً ما يجري في الجنوب سيبقى كما هو قائم ولا علاقة للغواصات بالجنوب اللبناني فلا أحد يكبر الحجر”.

أما العميد المتقاعد أمين حطيط فأشار لـ”لبنان الكبير” الى أن “هناك أمرين لافتين، الأول إرسال الغواصة بحد ذاتها إلى الشاطئ الشرقي للمتوسط، والثاني الاعلان عن موقعها وعادة أميركا تتكتم عن مواقع الغواصات النووية التي تحركها”، معتبراً أن السبب الرئيس للإعلان “هو تلمس أميركا جدية حزب الله في الذهاب إلى حرب مفتوحة في حال إستمرت الأوضاع في غزة بالتدهور ومضي إسرائيل قدماً في حرب الابادة الجماعية”.

وقال: “الغواصة هي للضغط والتهويل والتهديد بعد جدية حزب الله بإمكان الدخول في حرب مفتوحة وخصوصاً أن أميركا واكبت ذلك في تسريب خبر أنها أبلغت وسطاء بأنها ستتدخل في الحرب إن تدخلت إيران أو حزب الله في القتال”.

وأوضح حطيط أن خطاب الأمين العام لـ “حزب الله” أوحى بجدية الحزب في الذهاب نحو الحرب المفتوحة “لأن أخطر ما في خطابه أنه وضع أميركا وإسرائيل أمام خيارين إما وقف الحرب أو الحرب المفتوحة، وطالما أنهما لا يريدان أن يوقفا الحرب فهذا معناه أننا ذاهبون الى الحرب المفتوحة”، معرباً عن إعتقاده أن “الحرب المفتوحة لا تريدها أميركا لذلك أتت بالغواصات للتهديد والتهويل”.

شارك المقال