حياد لبنان عن حرب غزة… انقسام في الآراء ورفض مطلق!

راما الجراح

يقف لبنان على أبواب حرب تدور في قطاع غزة بين حركة “حماس” وإسرائيل، التي ترتكب مجازر وإبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني لم يسبق لها مثيل، فيما الأبرياء دائماً يدفعون الثمن، اذ تجاوز عدد القتلى الـ ١٠ آلاف شخص أكثر من نصفهم من الأطفال والنساء. وتتزايد المسيرات والحشود في كل دول العالم مطالبة بوقف إطلاق النار رأفة بالشعب الفلسطيني.

وفي لبنان الذي لا يزال القصف على حدوده يتأرجح ضمن قواعد الاشتباك، ويتخطاها أحياناً، هناك تخوف كبير من أي تطور مفاجئ قد يدخله في حرب مدمرة، في ضوء الحديث عن ضرورة الالتزام بالقرار 1701 وتحييده عن الصراع القائم. وانقسمت الآراء بين ضرورة الوقوف على الحياد إزاء ما يحصل في فلسطين وتجنيب لبنان الحرب، وبين رفض الفكرة باعتبار أن القضية الفلسطينية يجب أن تكون القضية الأساسية ورفض ما يحصل بحق الشعب الفلسطيني. فهل مبدأ الحياد في لبنان اليوم يعتبر حلاً ويجب تطبيقه من كل الأطراف؟

النائب بلال الحشيمي رفض فكرة حياد لبنان في ظل التوتر الحاصل على الحدود اللبنانية الجنوبية، موضحاً في حديث عبر “لبنان الكبير” الى أن “هناك إشكاليتين، الأولى حول إمكان لبنان دخول الحرب، والثانية القضية الفلسطينية التي يعتبرها البعض بعيدة عن العرب ولبنان، ويجب على الجميع أن يعتبرها القضية الأساسية، من دون إضعافها وإلغائها بكل الطرق. ما حصل في ٧ تشرين الأول في فلسطين صدم الجميع، وكان عملاً عظيماً، ورفع المعنويات، وبعد كل المجازر التي تقوم بها إسرائيل وإبادة الشعب بكل أنواع الأسلحة الثقيلة، كيف يمكن لأحد أن يتكلم عن الحياد أمام قضيتنا العربية الأساسية، والموافقة على هذه الفكرة التي تؤدي الى نكبة جديدة كما حصل عام ١٩٤٨ وتهجيرهم من أرضهم؟”.

وقال: “حتى لو وقف لبنان على الحياد، العدو الاسرائيلي لن يتركنا في حالنا، وليعلم الجميع أن القضية الفلسطينية، السورية، الليبية، اليمنية، وكل القضايا العربية يجب أن تكون قضيتنا جميعاً، وإذا دخل لبنان الحرب فسنعاني ما يعانيه أهالي غزة ولن يقف أحد إلى جانبنا كما يحصل مع الفلسطينيين. لا يمكن أن نقول في لبنان اننا سنقف على الحياد، ولكن يمكن أن نكون من الداعمين الأساسيين للدفاع عما يحصل في فلسطين ليس بالكلام فقط”.

وأكد عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب الياس اسطفان أن “الطريقة الوحيدة لحماية لبنان من الصراع الذي يحصل في المنطقة هو بتطبيق القرار ١٧٠١ وتحييد لبنان عن الصراع الذي لا علاقة له به. القضية الفلسطينية نحترمها ونناصرها، ونحن ضد الحرب المدمرة التي تستهدف الأطفال والنساء ولكن أولويتنا القضية اللبنانية، وبالتالي لكي نتمكن من الحفاظ على هذه القضية خصوصاً في ظل الانهيار الاقتصادي والمعيشي يجب تحييد لبنان”.

أضاف: “عندما يتحول لبنان إلى منصة صواريخ، للأسف سنصل إلى وقت نشيّع فيه أطفالنا كما حصل في الجنوب، لذلك نطالب بالتحييد ولو خرقت اسرائيل القرار، علينا أن نلتزم به، وأن ينتشر الجيش اللبناني على طول الحدود الجنوبية بمؤازة اليونيفيل، عندها أي اعتداء من اسرائيل يكون خرقاً للقرارات الدولية. ولا شك عندما تكون هناك جماعات مسلحة مثل حزب الله وغيره في قضايا ليس لنا فيها شيئ حتماً سيكون لبنان في خطر، ونحن نتعاطف مع القضية الفلسطينية ولكن نضع أمن لبنان وسلامته أولاً”.

واعتبر المحامي والمحلل السياسي جوزيف أبو فاضل أن “الوقوف عند مبدأ الحياد وتطبيقه في لبنان بعد استشهاد ما يزيد عن ٧٠ لبنانياً والقصف العشوائي الذي يتسبب بقتل النساء والأطفال في غزة يعتبر غير منطقي”، مشدداً على أن “اعتماد الحياد ليس الحل، بعد شهر من المعارك الحاصلة والقصف المتبادل وسقوط ضحايا لا يمكن أن نتحدث بتطبيق هذا المبدأ، لا يمكن أن نعيش بعيداً عن أهلنا وناسنا، للأسف لدينا مشكلة جوهرية تجاه القضية الفلسطينية، وعندما تجلس أميركا والصين وفرنسا وروسيا وجميع الدول على الحياد عندها نطالب بتطبيق هذا المبدأ، وكل شخص يدافع عن قتل النساء والأطفال يعني هو ليس على الحياد. نحن ضد العدو الاسرائيلي منذ ٧٥ عاماً، وفي لبنان دفعنا ثمن القضية الفلسطينية الغالي والنفيس، واليوم لا يمكن كمسيحيين أن نقف على الحياد أبداً، ونريد أن نكون ضمن التسوية والحل المقبل للمنطقة”.

وتساءل أبو فاضل “هل الأطفال الثلاثة وجَدَتهم تم قتلهم في الجنوب لأنهم لم يطبقوا القرارات الدولية التي يطالب بتطبيقها كثيرون مثلاً؟”، داعياً الى أن “نرفع جميعنا القبعة للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الذي دان إبادة الأطفال والنساء والمدنيين الفلسطينين”.

ورأى أن “من يتحدثون عن أن القضية اللبنانية أهم من القضية الفلسطينية مخطئون، لأن لا قضية في لبنان أساساً، هناك قضايا فساد، مكاسب، وسرقة أموال الناس، وجميعهم يعملون لإرضاء الخارج، ولو عملوا للبنان لما وصلنا إلى ما نحن عليه اليوم، وكل لبنان ينتمي إلى محاور خارجية، حتى الذين يطالبون بالحياد، لذلك الحياد مرفوض قطعاً في هذا الوقت، ويجب أن نقف إلى جانب الفلسطينين في هذه المحنة”.

شارك المقال