الطفولة تفضح نفاق الغرب وانسانيته المفقودة

حسين زياد منصور

يواصل العدو الاسرائيلي عدوانه على قطاع غزة، بعد شهر من عملية “طوفان الأقصى”، وتجاوز عدد القتلى الـ 10 آلاف، بينهم أكثر من 4 آلاف طفل. كل هذا يجري تحت أنظار الغرب، الذي لم يحرك ساكناً لردع إسرائيل وايقافها عن إجرامها ومجازرها بحق المدنيين، بل على العكس، وعلى الرغم من بعض الدعوات الى وقف إطلاق النار، الا أنه يواصل دعمه لإسرائيل مادياً وعسكرياً ومعنوياً.

أكثر من 4 آلاف طفل فلسطيني راحوا ضحية الوحشية الاسرائيلية، لم تحرك إنسانية الغرب ومشاعره، وهو الذي لطالما حمل راية حماية حقوق الأطفال والانسان. أكثر من 4 آلاف طفل فلسطيني لم “تكركب” العلاقات الغربية، في حين أن طفلة بريطانية تبلغ من العمر 8 أشهر كادت أن توتر الأجواء بين بريطانيا وإيطاليا، ودفعت بالحكومة الايطالية الى عقد جلسة استثنائية برئاسة رئيسة الوزراء جورجا ميلوني.

طفلة مقابل 4 آلاف طفل

في الوقت الذي يتحول فيه أطفال غزة الى أشلاء على مرأى ومسمع من الغرب، كادت الرضيعة البريطانية إندي غريغوري، أن تشعل صراعاً بين بريطانيا وإيطاليا. فهذه الطفلة التي تبلغ من العمر 8 أشهر فقط، تعاني من مرض خطير ونادر يسمى مرض المتقدرات أو الميتوكوندريا، أي أن خلاياها لا تولد ما يكفي من الطاقة.

ووفق أحد المستشفيات الانكليزية فلا جدوى من الاستمرار في علاجها، ووافقت المحكمة العليا في إنكلترا على ذلك، وقضت لمصلحة الرضيعة بفصلها عن أجهزة دعم الحياة، بعدما رفضت طلباً من والديها للسماح لهما بنقلها إلى مستشفى للأطفال يديره الفاتيكان في روما.

ما الذي حصل؟ تدخلت إيطاليا في القضية، وعقدت الحكومة الإيطالية اجتماعاً طارئاً برئاسة جورجا ميلوني، وعلى جدول الأعمال بند واحد فقط، منح الجنسية للرضيعة غريغوري، وقد تم.

بالحركة الإيطالية هذه ستتمكن الرضيعة من الحصول على الرعاية في مستشفى “بامبينو جيسو” للأطفال، وعرضت الحكومة الايطالية أن تتحمل هي تكاليف العلاج في المستشفى.

وبحسب الحكومة الايطالية سيتمكن والدا الطفلة من تقديم التماس إلى القنصلية الايطالية في بريطانيا لطلب نقل الطفلة إلى إيطاليا، لكن بريطانيا غير ملزمة بالموافقة على الطلب.

على الرغم من ذلك، لولا تحرك إيطاليا لما منع الأطباء من فصل أجهزة دعم الحياة عن الرضيعة.

معايير العدالة سقطت

وفي حديث مع موقع “لبنان الكبير” يعلق أحد أساتذة القانون الدولي (رفض ذكر اسمه) على ذلك بالقول: “سقطت معايير العدالة وحقوق الطفل والانسان والديموقراطية التي كان ينادي بها الغرب بسبب تصرفاته الاستنسابية في ما يتعلق بغزة، وحتى قبل قضية الطفلة غريغوري، شهدنا التمييز والتفرقة بين أطفال غزة وأوكرانيا”.

ويضيف: “ظهر هذا العالم على حقيقته، إنسانية مزيفة، وتجلت بعد تحييد أطفال فلسطين عن كل الاتفاقات المتعلقة بحقوق الأطفال”.

ويؤكد أن “الغرب أصبح عنواناً للتمييز والعنصرية والتفرقة وتجاهل حقوق الانسان، وكل الشعارات التي يطلقها لا يطبقها، وهو يدعم محتلاً ومستعمراً يستبيح أراضٍ ليست له، مخالفاً القانون الدولي”.

اننا نشهد اليوم على إبادات جماعية بحق أهالي غزة، وغالبيتهم من الأطفال، وظهر الغرب بأنه مجتمع كاذب بمبادئ كاذبة، من دون رحمة، فأطفال غزة متروكين للموت، ولا أحد يلتفت اليهم، والغرب “الديموقراطي الانساني”، يواصل دعمه لاسرائيل مادياً وعسكرياً ومعنوياً، من دون العمل على ردعها.

وأصدق ما يمكن قوله هو ما أعلنه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بأن “قطاع غزة أصبح مقبرة للأطفال”. مع العلم أن الأطفال وأهالي غزة لا يطلبون المستحيل، بل يريدون حقوقهم والعيش آمنين.

شارك المقال