الأسد يتاجر بقضية فلسطين وغير معني بالانخراط في حرب غزة

آية المصري
آية المصري

مرّت قرابة شهر على عملية “طوفان الأقصى”، ولا تزال إسرائيل تقصف الفلسطينيين بكل وحشية ولاانسانية، موقعة الآلاف من القتلى والجرحى ولا سيما من الأطفال والنساء، فيما التضامن الشعبي ودولياً يمتد يومياً على مساحات واسعة من العالمين العربي والغربي، الا أن اللافت كان غياب الموقف السوري عن هذا التضامن، ومن كل ما يحصل في فلسطين والمنطقة.

أشار رئيس “حركة التغيير” إيلي محفوض في حديث عبر “لبنان الكبير” الى “أننا نسأل عن نظام لم يعد متماسكاً ويتأرجح ما بين الترنح الروسي بعدما توّغلت روسيا في الحرب الأوكرانية وبين وضع بشار الأسد الذي أصبح غير ثابت لناحية بقاء النظام أو عدم بقائه، وقد قدم الكثير من الدفعات على حساب الأسد، وعلى سبيل المثال عندما قُتل قاسم سليماني بالشكل الذي قتل فيه، من الطبيعي أن تكون للمخابرات السورية يد على الأقل لجهة تزويد الجهة المعينة ببعض المعلومات”.

وقال: “لا شك في أن وضع بشار الأسد لا يُحسد عليه وبالتالي حتى رصاصة لم يطلق من بوابة الجولان وهذا يؤكد أنه منذ أن باع حافظ الأسد الجولان، كان ثمنه البقاء في السلطة حتى آخر عمره ويُعيد بشار التجربة نفسها، وهو لا يعتبر أن له علاقة بأي شكل من الأشكال بما يجري في فلسطين من عملية قصف ودمار وتعذيب وتهجير للشعب الفلسطيني، وفي المحصلة لم يفعل شيئاً لفلسطين ولا أحد ينتظر منه أي مبادرة إزاء ما يجري فيها”.

ورأى أن “حضور بشار الأسد بالجسد فقط، طالما أن سوريا لم تعد سوريا بعدما كانت البوابة والمنصة الأساسية للدفاع عن القضية الفلسطينية، بحيث لم يعد هناك سوري من دون روسي ولا سوري دون ايراني، وبالتالي في أي عملية عسكرية صاحب القرار ليس النظام السوري والا لكنا رأينا على الأقل عملية الهاء”.

وعلق على كلام الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصر الله في ما يتعلق بالصواريخ السورية التي قصفت اسرائيل، بالقول: “عن أي صواريخ سورية يتحدث؟ قُصف مطار حلب أكثر من مرة، سوريا لم تعد موجودة بمعنى سوريا الأسد أو سوريا نظام البعث، هناك اليوم أشلاء لدولة اسمها سوريا وأصبحت سوريا التركية والايرانية والروسية، وسوريا داعش”.

أما الصحافية عالية منصور فلفتت الى أن “بشار الاسد تلقى اتصالاً بعد عملية طوفان الأقصى وبدء الحرب على غزة من الرئيس الاماراتي وصدرت أخبار بأنه طلب منه عدم إقحام سوريا في الحرب الدائرة”.

وكشفت منصور عبر “لبنان الكبير” أن الأسد بحسب معلوماتها “خارج دمشق وخارج قصره، منذ بداية العملية أي هو غير موجود وهناك تخوف من اغتياله من جهات أو دول تسعى الى توسيع رقعة الحرب. وبالنسبة الى ايران الأسد هو خط أحمر ومن الممكن أن تتدخل في حال حاولوا اغتياله أو أحد الشخصيات العراقية المحسوبة عليها”، موضحةً أن الأسد “قبل الحرب على غزة كان ينشر فيديوهات show off على الاعلام واختفى مباشرة وحتى البيانات فكل يوم هناك مجزرة”. واعتبرت أنه “يتاجر بقضية فلسطين منذ وقت تسلم أبيه، وظهر ثلاث مرات على صفحات السوشيال ميديا التابعة للرئاسة السورية وأكثر من ذلك لم يصدر أي بيان أو موقف عنه، مع العلم أن لا أحد يطالب بفتح جبهات، ولكن من كان يُتاجر بقضية فلسطين وقتل أكثر من مليون ونصف المليون سوري واعتقل مئات الآلاف وهجر أكثر من نصف الشعب السوري؟ هو يتهم العالم بالعمالة والخيانة وعندما يُقتل اليوم الفلسطيني وتحدث إبادة في غزة لا يعود الأسد معنياً بها”.

في المقابل، رأى المحلل السياسي فيصل عبد الساتر أن “الموقف السوري من كل ما يجري في المنطقة لا يزال الموقف نفسه في تأييد الحق الفلسطيني والوقوف الى جانب فلسطين، وسوريا أكثر الدول التي دفعت أثماناً باهظة نتيجة هذا الموقف، ولأن سوريا لم تذهب الى هذا الحلف العربي المطبع الذي باع فلسطين والقضية، فوجئت بهذه الحرب الكونية عليها منذ العام ٢٠١١. وقبل ٢٠٠٣ عندما هدد الرئيس الأسد بصورة واضحة بأنه اذا لم يمشِ بالتطبيع وقبول الخيار الأميركي في المنطقة فستتعرض سوريا لما تعرضت له، وبالفعل صدق ذلك ووضعت سوريا في هذه المعادلة”.

وقال: “بعد كل هذه الجراح التي عصفت بسوريا والحرب المجنونة التي ضربتها، لا ننسى أن حماس كانت جزءاً من الحرب على سوريا ولم تكن أبداً خارج الفعل، وقد فعلت ما فعلته في سوريا وخالد مشعل تحديداً عندما كان رئيساً للمكتب السياسي لحماس ترك جرحاً كبيراً، وعلى الرغم من ذلك كله السوريون وعلى رأسهم الرئيس السوري لم يلتفتوا الى هذا الأمر وتجاوزوه، وتركوا الجراح ماضياً”.

وأشار الى أن “السيد نصر الله كشف أن صواريخ الكورنيت التي تواجه بها حماس اليوم في غزة هي صواريخ من مخازن الجيش العربي السوري وقد أخذت بناء على طلب نصر الله وأعطيت لحماس. واليوم بعد أن أطلقت صواريخ متعددة من الجولان أثناء العدوان على غزة، رأينا كيف أن العدو الاسرائيلي وجه رسائل قاسية الى سوريا باستهداف مطاراتها في حلب ودمشق لأكثر من مرة، وكأنها رسائل تقول لسوريا: يكفيكي ما فيكي فلا تفتحي نار جهنم عليكي. ولا أحد يمكن أن يقف مع سوريا وحتى الدول العربية أو الذين يسمون أنفسهم معارضة ويقولون انهم مع غزة كانوا يعدّون العدة في شمال سوريا للهجوم مجدداً على المناطق التي بحوزة الحكومة والدولة”.

أضاف: “سوريا في وضع لا تحسد عليه ولن أدخل الآن في جدلية الدفاع المطلق أو التخوين المطلق أو جدلية أين هي سوريا، الأمر تقرره هي وتدرك ما الذي تقوم به وتعرف حساباتها تماماً. لكن اذا كان هناك من سؤال يوجه الى سوريا فهي لم تقصر يوماً، ومن الأجدر أن نوجه أسئلة الى دول عربية أخرى لم تستطع أن تُدخل شاحنة من الوقود الى غزة حتى الآن، وجامعة الدول العربية لم تستطع أن تجتمع الا بعد شهر وأسبوع من طوفان الأقصى وكأنها تقول للعدو الاسرائيلي أقتل ما شئت من مقاومي شعب فلسطين ونحن سنجتمع يوم السبت المقبل”.

وأوضح عبد الساتر أن “الموقف السوري أعلنه الرئيس الأسد أكثر من مرة وم يتحدث حتى الآن، لكن هذا ليس بالشيئ الجديد، فهو لا يعمل بايقاع الأحداث أو المناسبات، والسيد نصر الله تحدث بعد ٢٥ يوماً من عملية طوفان الأقصى وهو الأكثر حضوراً في المشهد الفلسطيني، لكن عملياً كان حزب الله في الثامن من تشرين يشارك في كل العمليات ضد العدو الاسرائيلي مساندة لغزة، وبالتالي سوريا في قلب المعادلة، فلا نستعجل الآن في اطلاق الأحكام لأنها تفعل ما تقاربه مع المقاومة في لبنان، والأخيرة تفعل ما تفعله مع فلسطين وبالتالي هذا الموقف واضح”.

شارك المقال