تهديد نصر الله للأميركيين استعراض كلامي وعلاجهم لصواريخه محسوم!

جورج حايك
جورج حايك

من يسمع تهديدات الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصر الله للأميركيين الذين حشدوا أساطيلهم البحرية إلى البحر الأبيض المتوسّط، يظن أن الحرب واقعة لا محالة، ومن المتوقّع أن يستثمر نصر الله في كلمة السبت المقبل أكثر في هذا الموضوع طالما أن “لا جمرك” على الكلام، ولن تكون هناك مواجهات مع الأميركيين ولن تتوسّع الحرب المحدودة مع الاسرائيليين على الحدود الجنوبية.

لا يكفّ نصر الله عن التلاعب بمصير لبنان خدمة للمشروع الايراني، وإذا كان جدياً بتهديداته في مواجهة الأميركيين، فهو يضع لبنان في عين العاصفة، معتمداً على ترسانته الصاروخية الكبيرة، إلا أن تقارير غربية أكّدت أن الاستخبارات الاسرائيلية والأميركية لديها تفاصيل عن سلاح “الحزب”، وهي تعترف بأن هناك تطوّراً نوعياً لديه بالمقارنة مع حرب تموز 2006، فما هو حقيقي وخيالي في ترسانة “الحزب”؟

يعرف الاسرئيليون والأميركيون أن “الحزب” يمتلك نماذج صاروخية إيرانية، مثل صواريخ “رعد”، وصواريخ “الفجر”، وصواريخ “الزلزال”، التي تتمتع بحمولة أقوى ومدى أطول من صواريخ الكاتيوشا، وقد خضعت لورشة توسيع أنظمة التوجيه الدقيقة لجعلها صواريخ دقيقة. لكن هذه الصواريخ تفيد “الحزب” في استهداف المدن الاسرائيلية، لكن ستفقد دقتها إذا استهدفت حاملات الطائرات الأميركية المتموضعة في البحر المتوسط على مسافات بعيدة.

وهناك الصواريخ المضادة للطائرات وقد استخدمها “الحزب” في اسقاط المسيّرات الاسرائيلية، وهي صواريخ أرض – جو محمولة على الكتف، إلا أن سرعة الطائرات الحربية الأميركية وتطورها يبطلان مفعول هذه الصواريخ.

ويمكن لـ”الحزب” استخدام المسيّرات، بما في ذلك نماذج “أيوب” و”مرصاد” المجمّعة محلياً، في الغالب للاستطلاع، على الرغم من أنها يمكن أن تحمل حمولة صغيرة من الذخائر.

وربما يتطلع “الحزب” إلى الصواريخ المضادة للسفن كتلك التي استخدمها في قصف السفينة الاسرائيلية ساعر 5 على بعد 16 كيلومتراً قبالة الساحل اللبناني ما أسفر عن مقتل أربعة أفراد إسرائيليين وإلحاق أضرار بالسفينة.

كل هذه الترسانة لا تخدم “الحزب” في مواجهة الناقلات البحرية الأميركية في البحر، ويقول الخبير العسكري والاستراتيجي خالد حمادة: “ان الحزب لا يستطيع أن يُكرر ما فعله بسفينة ساعر 5 التي لم تكن بوضعية قتالية آنذاك، بل كانت مهمتها مراقبة دخول بواخر تحمل أسلحة، أي أن أجهزة الحماية الخاصة بها كانت مطفأة، وهذا خطأ اسرائيلي، حتماً القطع البحرية الأميركية الموجودة الآن في البحر المتوسّط كلّها بوضعيّة قتالية، وقادرة على أن تُسقط أي صاروخ موجّه إليها من”الحزب. فما يحصل مع اسرائيل بسبب صواريخ حماس لا ينطبق على الأميركيين، لسبب أساس أن حماس تطلق آلاف الصواريخ دفعة واحدة في فترة زمنية قصيرة ما يُربك نظام القبة الحديدة وخصوصاً أن المسافة الجغرافية لا تتجاوز العشرة كيلومترات، أما صواريخ حزب الله التي ستستهدف القطع البحرية الأميركية فعليها أن تعبر مسافة 300 كيلومتر، ما يجعل للأميركيين أفضلية بإسقاطها، علماً أن الصواريخ مصنّعة محلياً وتتفاوت أشكالها وأوزانها ولا تسير بطريقة منتظمة، ولا بد من أن تسقط في البحر”.

لكن حمادة يستطرد: “ليس هناك قواعد عسكرية أميركية في لبنان ليستهدفها الحزب، إنما قد تكون فعالية صواريخ الحزب أكبر إذا استهدفت القواعد الأميركية الثابتة المنتشرة في المنطقة مثل قاعدة التنف والبوكمال في سوريا، وعين الأسد في العراق، وغيرها، مع ذلك، هذا لا يشكّل خطراً على الأميركيين”.

هذا كلّه من دون الأخذ في الاعتبار القدرات الأميركية العالية بقصف قواعد صواريخ “حزب الله” أينما كانت، وتعطيل كل إمكنياته في المواجهة وبسرعة فائقة.

إلا أن ثمة من يروّج وربما بإيعاز من “الحزب” بهدف التأثير النفسي على الأميركيين بأنه أصبح يملك صواريخ روسية قوية مضادة للسفن بإمكانها إجتياز مسافات طويلة وإصابة الناقلات البحرية الأميركية في البحر، والمقصود بهذا الكلام صاروخ “ياخونت” الروسي الصنع الذي يصل مداه إلى 300 كيلومتر.

وتشير تقارير مرتبطة بوسائل إعلام محور الممانعة الى أن “الحزب” حصل على صواريخ “ياخونت” في سوريا بعد نشرها هناك منذ أكثر من عقد من الزمن لمساعدة الرئيس السوري بشار الأسد في خوض حرب أهلية. لكن “الحزب” نفسه لم يؤكد ولم ينفِ امتلاكه لهذه الصواريخ، إلا أن الأمر لو كان صحيحاً لقامت اسرائيل بقصفها في سوريا، قبل أن تصل إلى يد “الحزب”.

أما الولايات المتحدة فتتعامل جدياً مع هذه التهديدات وتأخذها في الاعتبار، وما أكده المسؤولون في واشنطن أن القوة البحرية الأميركية التي تم نشرها مؤخراً في المنطقة تتضمن دفاعات ضد الصواريخ القادمة.

نسأل حمادة، هل أتت زيارة المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين إلى لبنان لتحذير المسؤولين اللبنانيين و”حزب الله” من القيام بأي عمل عسكري متهوّر ضد القوات الأميركية؟ يجيب: “أنا أعتقد ليس هناك أي عمل عسكري سيحصل، إنما كل الأمور متفق عليها بين الولايات المتحدة وإيران، وزيارة هوكشتاين تأتي كإخراج لما هو متفق عليه ضمنياً، فالوضع في الجنوب سيبقى على حاله، وكلام نصر الله موجّه إلى الداخل لإنقاذ معنويات جمهوره والإستمرار في إقناع اللبنانيين بأن سلاحه لا يزال حاجة ماسة، وكلمته السبت المقبل ستكون عالية النبرة لأن الكلمة السابقة تأثيرها كان مُحبطاً لبيئته، لكن سيكرّر كلامه وتبرئة نفسه من حماس، ومرجعية نصر الله هي إيران، وبالتالي ما يُتّفق عليه بينها وبين الولايات المتحدة التي ترسم خريطة النفوذ في المنطقة، لا تأثير لنصر الله فيه. وأظن ان طهران لم يعد لها علاقة بحماس في غزة، بل هي تتعامل مع الجناح السياسي لها الذي يقوده اسماعيل هنيّة، علماً أن الأخير لا تطأ قدماه غزة ولا حتى مصر والسعودية”.

ويختم حمادة: “أي تصعيد لنصر الله سيكون خلافاً للأجواء الايرانية التي تبدو خارج رهانات خوض الحروب والمواجهات وخصوصاً مع الولايات المتحدة، ولم ننسَ حتى الآن صفقة الـ6 مليارات دولار بين الولايات المتحدة وإيران، والقبول الأميركي برفع التخصيب الإيراني من 6 في المئة إلى 30 في المئة، وإصرار الادارة الأميركية على أن إيران لا دخل لها بعملية طوفان الأقصى والحرب الدائرة في غزة، إضافة إلى رضوخ أميركي ضمني للهيمنة الايرانية على لبنان بواسطة حزب الله… كل هذه المكتسبات تعرفها إيران ولن تغامر بها، وعينها على جزء من حصة التسوية الفلسطينية – الاسرائيلية التي ستحصل في المستقبل، لذلك مهما ارتفعت نبرة نصر الله وتهديداته لن تخرج من إطار الكلام الاستعراضي، وغداً لناظره قريب”.

شارك المقال