سيناريوهات غزة: لا انتصار وإعادة الاحتلال خطوة خطيرة

حسناء بو حرفوش

حذر تحليل بريطاني من أن حرب غزة ستجبر إسرائيل في النهاية على “العيش مع الفوضى” وستحملها ما لا تطيقه على المستويين السياسي والاقتصادي في المستقبل. ووفقاً للمقال الذي نشر في موقع “ديلي ميل” الإلكتروني، “مع استمرار المعارك داخل قطاع غزة، حذر الخبراء من أن إسرائيل قد تضطر الى احتلال القطاع وإثارة المزيد من الادانات الدولية، خصوصاً وأن الاكتفاء بالهدف المعلن أي إطاحة حركة حماس سيعني المخاطرة بالعيش مع حالة من الفوضى ووضع مستقبل قطاع غزة ومعه ملايين الفلسطينيين، على المحك. وكان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو قد أعلن أن إسرائيل ستتولى المسؤولية الأمنية الشاملة عن غزة بمجرد هزيمة حماس، وهو أمر اعتبر أنه قد يتطلب شهوراً تحت وطأة انتشار العنف. ولكن تعليقاته حول الشكل الذي سيبدو عليه مستقبل غزة في ظل سيطرة إسرائيل بقيت غامضة للغاية، ما أثار تكهنات واسعة النطاق حول خطط الحكومة الاسرائيلية اليمينية المتشددة.

واعتبر الخبراء أن إعلان نتنياهو حول نوايا إسرائيل السيطرة الأمنية على غزة وربطه بأجل غير مسمى ترك غامضاً عمداً، لإعطاء الجيش الاسرائيلي الوقت لخوض حربه مع حماس بالتوازي مع السعي الى فرض السيطرة على المدى الطويل. ولكن بغض النظر عن مسار العمل في نهاية المطاف، لا بد من الاشارة إلى أن تخفيف السيطرة العسكرية الصارمة على غزة يعني تقبل احتمال أن تتمكن فلول حماس أو الجماعات الجهادية من إعادة بناء قاعدة قوتها. ومن ناحية أخرى، سيؤدي الحفاظ على وجود عسكري قوي في غزة بصورة شبه مؤكدة الى إدانة دولية واسعة النطاق، حتى من جانب حلفاء إسرائيل، ومن المرجح أن يؤدي هذا إلى تأليب الرأي العام الفلسطيني ضد إسرائيل إلى مستويات أبعد. والسيناريوهات عديدة في هذا الصدد:

– استخدام الجيش الاسرائيلي مجموعة متنوعة من أجهزة الاستشعار عن بعد (مثل الكاميرات والمسيرات وسواها) لمراقبة المراكز السكانية مع إبقاء قواته في الغالب في الضواحي.

– نشر الجنود في كل مكان والسعي الى إبعاد حماس عن السلطة السياسية في غزة بالقوة، ولكن هذا لا يزال يشكل انتصاراً كبيراً بل قد يسهم في تعزيز المزيد من الكراهية لاسرائيل.

وفي هذا السياق، خلص بيتر نيومان، أستاذ الدراسات الأمنية في لندن والولايات المتحدة، إلى أن من المرجح أن يحتفظ الجيش الاسرائيلي بوجود عسكري كبير في غزة، على الرغم من إحجام نتنياهو المزعوم عن “إعادة احتلال” الأراضي. وحتى قبل أربعة أسابيع، كان معظم الجنرالات الاسرائيليين يقول إن إعادة احتلال غزة فكرة رهيبة، وان احتلال غزة لا يصب في مصلحة سكان غزة ولا في صالح إسرائيل. ولكن من الواضح أن المخاطر القادمة من تلك المنطقة تعتبر الآن غير مقبولة. وحذر من أن على إسرائيل أن تفكر مرتين قبل أي تحرك ويمكن حل هذه المشكلة بمبدأ بسيط: يجب أن يتمتع الفلسطينيون بجميع صلاحيات الحكم الذاتي وألا يتمتعوا بأي من الصلاحيات لتهديد إسرائيل، وهو ما يعني في الأساس أن المسؤولية عن الأمن الشامل تقع على عاتق إسرائيل. ومن الناحية العملية، في كل مرة تقوم فيها إسرائيل بسحب قواتها من منطقة ما، يتم التغلب عليها على الفور من حماس أو حزب الله أو الجهاديين الملتزمين بتدمير إسرائيل.

ولكن المراقبين الدوليين حذروا إسرائيل بالفعل من شن عملية عسكرية طويلة الأمد، بحيث أعلنت الولايات المتحدة وهي الحليف الأقوى والأكثر نفوذاً لها، هذا الأسبوع أنها لا تؤيد احتلالاً طويل الأمد لغزة. وبافتراض أن إسرائيل ستحافظ على وجود عسكري على الأرض في غزة، سيتوجب عليها أيضاً تحمل قدر كبير من المسؤولية في ما يتصل بإعادة تأهيل اقتصاد غزة، وإعادة بناء البنية الأساسية، والمساعدة في تنصيب حكومة انتقالية جديدة. وخلص ستيفان ستيتر، أستاذ السياسة الدولية في ألمانيا، إلى أنه سيتعين على إسرائيل في هذا السيناريو أن تتولى هذه المهمة بنفسها مالياً، وهذا يفوق قدراتها. على الرغم من أن مستقبل العملية العسكرية الإسرائيلية والخطة اللاحقة للسيطرة الأمنية لا تزال غير مؤكدة، تبقى التوقعات حول غزة قاتمة بلا شك. لكن جدوى مثل هذا السيناريو، أو حل الدولتين يبقى اليوم أبعد من أي وقت مضى”.

شارك المقال