القمم العربية الطارئة لاستنهاض القضية الفلسطينية

زياد سامي عيتاني

يطلق على القمة التي تنعقد في الرياض اليوم “الطارئة”، على الرغم من أنها بمفهومها العام لم تكن طارئة، لأنها تأخرت 34 يوماً على بدء أكبر وحشية إجرامية ترتكبها قوات الاحتلال الاسرائيلي ضد الفلسطينيين في قطاع غزة. وربما التأخير في تحديد موعد القمة لتذليل الخلافات بين الدول العربية بشأن ما يجب أن يصدر عنها من مقررات وبيان ختامي، فضلاً عن إنتظار ما سوف تسفر عنه الاتصالات والمحادثات الاقليمية والدولية بشأن وقف العدوان والابادة على غزة. فبعد أسبوعين من انطلاق العدوان، بدأت تتشكل مواقف عربية موحدة مثلما حصل في جلسة مجلس الأمن الدولي الأخيرة، خصوصاً من وزراء خارجية السعودية والأردن ومصر ووزير الخارجية الفلسطيني، الذين تحدثوا برؤية عربية موحدة ومتفقة على أن عملية “طوفان الأقصى” لا تبرر السلوك الذي انتهجته إسرائيل، ولا تبرر العقاب الجماعي للمدنيين.

إذاً، بمرور 34 يوماً على العدوان الإسرائيلي على غزة، سيجتمع العرب في العاصمة السعودية الرياض اليوم، وسط غضب عربي جارف، ومطالبة بخطوات جادة لوقف هذه الاعتداءات والابادة الجماعية. وبإنتظار ما سيصدر عنها من قرارات، بشأن جريمة العصر، نعرض لأبرز القمم العربية، التي إنعقدت منذ مطلع الألفية الثانية:

قمة العام 2000 في مصر، التي تناولت التطورات في فلسطين، وفي ضوء ذلك اتفق القادة العرب حينها على مبدأ الانعقاد الدوري لقممهم سنوياً ووفقاً للترتيب الأبجدي، لتصبح عمّان، في آذار 2001، العاصمة الأولى التي تستضيف الاجتماعات وفقاً لهذا المبدأ.

ولعل اللافت في العام الذي تلاه، في آذار 2002، حين عقدت القمة في بيروت، واتفق المشاركون فيها على تبني مبادرة للسلام في المنطقة، طرحها وقتذاك العاهل السعودي الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز، عندما كان ولياً للعهد، لتتحول إلى مبادرة عربية، يتم الحديث عنها حتى اليوم.

وعقدت قمة سرت الليبية الطارئة في 2010، وخرجت بإعلان القادة العرب وضع خطة تحرك عربية لإنقاذ القدس بدعوة المجتمع الدولي، خصوصاً مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي و”اليونسكو”، الى تحمل المسؤولية في الحفاظ على المسجد الأقصى.

وكانت قطر عقدت قمة عربية طارئة، في 2009، عقب الجرائم الاسرائيلية في قطاع غزة، حضرها قادة ووزراء من 12 دولة عربية، في حين ظلت كراسي الدول العربية التي لم تحضر الاجتماع فارغة في قاعة الجلسة، وبينها كرسي فلسطين. وكان سبب الخلاف حينها والانقسام الوضع في غزة، وخصوصاً إزاء الوضع السياسي الفلسطيني الذي كان يشهد تجاذباً حاداً بين السلطة الوطنية الفلسطينية وحركة “حماس”، عقب سيطرة الأخيرة على القطاع.

إذاً، منذ أن تأسست جامعة الدول العربية، في آذار 1945، كأول منظمة للتعاون الاقليمي على الساحة الدولية، خلال الشهور الأخيرة من الحرب العالمية الثانية، عقدت عدة قمم طارئة، ما عدا الرسمية التي يتم إقرارها سابقاً، وتناولت معظمها القضية الفلسطينية، من دون التمكن من إحداث أي تقدم في حلها، إلا أن الأهمية التي يعوّل عليها في قمة الرياض اليوم، التمكن من إعادة إستنهاض القضية الفلسطينية كقضية مركزية للعرب، بعدما كادت أن تدخل الموت السريري منذ ما لا يقل عن عقد من الزمن.

شارك المقال