عرفات و”حماس”… انتكاسات وتوافقات

حسين زياد منصور

لا يخفى على أحد الديبلوماسية والحنكة السياسية اللتين كان يتمتع بهما الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، فبشهادة أصدقائه وحلفائه وحتى بعض خصومه في السياسة، كان قائدا وزعيماً لكل الفلسطينيين بمختلف انتماءاتهم وتوجهاتهم، وقامة وطنية عالية، وأيقونة للنضال الوطني الفلسطيني.

“أبو عمار” ستتذكره كل الأجيال، الفلسطينية والعربية، وكونه كان زعيماً لكل الفلسطينيين، فعلاقته بكل الأطراف أو الفصائل الفلسطينية كانت جيدة، وكان يقف على مسافة واحدة من الجميع، بغض النظر عن بعض المناوشات والخلافات التي حصلت، خصوصاً بعد اتفاق أوسلو.

فالرئيس الراحل كان من أوائل من نعى زعيم حركة “حماس” ومؤسسها الشيخ أحمد ياسين، داعياً الى التلاحم الوطني والوحدة الوطنية الفلسطينية بين القوى الوطنية والاسلامية كافة لمواجهة هذه الجريمة والمؤامرة الوحشية الاسرائيلية الصهيونية التي فاقت كل حدٍّ وتجاوزت كل الخطوط الحمر.

وفي احدى المقابلات الصحافية، أشار الشيخ ياسين الى أنه على علاقة طيبة بالرئيس عرفات، قائلاً: “إنه الرئيس ونحن أفراد الشعب وليس هناك تنافس بين فرد من الشعب ورئيس السلطة الفلسطينية”.

ولا يزال الكثيرون يذكرون ما قاله رئيس حركة “حماس” يحيى السنوار في غزة، ضمن احدى مسيرات العودة الكبرى “نسير على منهج الشهيد ياسر عرفات”.

تقارب وتنسيق

مدير “مؤسسة العودة الفلسطينية” ياسر علي يقول لموقع “لبنان الكبير”: “لا شك في أن الرئيس الراحل ياسر عرفات زعيم فلسطيني، وأحد منارات القضية والنضال الفلسطيني، لكن العلاقة مع حماس كانت قد شهدت بعض التشنجات، بسبب تبنيه نهج التسوية واتفاق أوسلو. وذروة التشنج والتوتر كانت عندما أراد فرض الاتفاق على كل الفلسطينيين، رافضاً أي عمل قد يخرب التسوية مع العدو”.

ويضيف: “لكن الرئيس عرفات أدرك في مفاوضات كامب ديفيد الثانية أن الاحتلال والولايات المتحدة الأميركية، لن يعطيا الفلسطينيين ما تم الاتفاق عليه وتحديداً العاصمة الأبدية وهي القدس”.

ويلفت علي الى أن رفض عرفات هذا الأمر التقى مع رفض “حماس” التسوية ككل، وبدأ التقارب بينهما من جديد، والتنسيق في الانتفاضة الثانية “انتفاضة الأقصى”، وفي الوقت الذي حوصر فيه الرئيس عرفات كانت علاقته بحركة “حماس” قد تحسنت، مشيراً الى أن “الاتصالات في سنوات عرفات الأخيرة، كانت في أوجها، والعلاقة جيدة، والتنسيق كبير، والتوافق واضح، لدرجة أن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، كان أول من أكد استشهاد الرئيس عرفات اغتيالاً، وحضر جنازته في مصر، قبل نقل جثمانه إلى رام الله”.

ساعد “حماس”

وتوضح مصادر فلسطينية لموقع “لبنان الكبير” أن العلاقة بين عرفات و”حماس” شهدت “طلعات ونزلات”، فعلى الرغم من الفتور في بعض المواقف والاختلاف في طريقة المقاومة، بعد أن سلك طريق التفاوض والضغط الديبلوماسي لتحقيق أهدافه بقيام دولة فلسطين، كانت “حماس” تصر على المسار العسكري.

وتؤكد المصادر أن “انتفاضة الأقصى شهدت دعم عرفات لحماس، ولعب دوراً في إعادة تحريك المقاومة، ومد حماس بالمال والسلاح كي تواصل عملياتها ضد العدو الاسرائيلي، كما الافراج عن عدد من عناصر الحركة وقادتها، وكل ذلك من أجل القضية والمصالح الفلسطينية”.

وتلفت المصادر الى أن “العلاقة تحسنت أكثر بين عرفات وحماس، مع بداية العام 2000، خصوصاً بعد أن تلاقت جهودهما من جديد للحفاظ على المصالح الفلسطينية، وبعد أن تم الغدر به من الأميركيين والاسرائيليين، في ما يتعلق بإقامة دولة فلسطينية، في تلك الفترة تم الجمع بين الضغط السياسي والضغط العسكري، بفضل العلاقة بين السلطة المتمثلة بعرفات من جهة، وحماس من جهة أخرى، لكن بعد وفاة عرفات اختلفت الأمور، وتدهورت العلاقة كثيراً بين فتح وحماس، ثم شهدنا سيطرة الأخيرة على قطاع غزة، والأحداث التي تلتها”.

شارك المقال