أهمية قمة الرياض (١)… تحشيد عربي وإسلامي لمنع تصفية القضية الفلسطينية

زياد سامي عيتاني

إكتسبت القمة العربية – الاسلامية في الرياض أهمية إستثنائية، في ضوء الوضع الراهن في غزة، على خلفية العدوان الوحشي الذي تشنه قوات الاحتلال الاسرائيلي، الذي تحول إلى حرب إبادة جماعية للقطاع جغرافياً وديموغرافياً، من خلال مخطط التدمير الشامل، معطوفاً على جرائم القتل الهمجي، وتهجير سكانه، تنفيذاً للمخطط الصهيوني الهادف إلى تصفية القضية الفلسطينة إلى غير رجعة، عبر تقويض حل الدولتين. وعلى الرغم من كل التحليلات الخبيثة التي تناولت دمج القمتين العربية والاسلامية في قمة واحدة، فإنها جاءت “استجابة للظروف الاستثنائية التي تشهدها غزة، وبعد تشاور المملكة العربية السعودية مع جامعة الدولة العربية ومنظمة التعاون الاسلامي”، حسب البيان الصادر عن وزارة الخارجية السعودية.

ولعل الأهمية الأبرز للقمة المشتركة تتمثل في تحقيق قدر من الحشد في مواجهة الأهداف التي تتبناها الدولة العبرية، وعلى رأسها إنهاء القضية الفلسطينية، وهو ما بدا واضحاً في الدعوة المشبوهة التي أطلقتها السلطات الاسرائيلية لتهجير سكان القطاع، ما يعكس رغبة ملحة في تفريغ الأرض من أهلها، وتجريد الدولة المنشودة من أبرز أركانها، وهو الشعب، ويفتح الباب أمام مزيد من التوسع والاستيطان، فيجردها كذلك من الأرض.

وتعد قمة الرياض بمثابة استكمال مهم للدور الذي بدأته مصر، عبر قمة “القاهرة للسلام”، باعتبارها استجابة للنداء الذي سبق وأن أطلقته القمة العالمية، برفض تهجير السكان، باعتباره محاولة مكشوفة لتصفية القضية، بحيث نجحت في تحقيق توافق دولي، حول هذا الأمر. كذلك، فان الدول العربية سعت خلال الفترة الماضية إلى إنشاء قاعدة ديبلوماسية بالتواصل المباشر مع الأطراف الدولية والاقليمية الفاعلة في الصراع.

وانعقاد القمة العربية الاسلامية أيضاً، بما تحمله في طياتها من ثمار الاستقرار النسبي، في منطقة الشرق الأوسط، عبر اجتماع خصوم الأمس في قاعة واحدة، في العاصمة السعودية تحديداً، لمناقشة القضية المركزية العربية، تمثل رسالة مهمة للعالم، مفادها الرفض المطلق لمحاولات “إعادة تدوير” الفوضى، وإعادة الاقليم الى نقطة الصفر مجدداً، وهو ما يمثل “خطاً أحمر”، في ضوء العديد من التداعيات الكبيرة جراء تصفية القضية، وعلى رأسها جر المنطقة بأسرها إلى حرب إقليمية.

وعودة الروحية “الوحدوية” الى الجامعة العربية، كمظلة أمان تجمع في فيئها جميع الدول العربية، لتكون منظمة إقليمية ومنظومة عربية مشتركة، كي يستعيد العرب دورها التقريري في المنطقة، في أعقاب حالة انعدام الاستقرار التي شهدتها إبان “الربيع العربي”، خلال العقد الماضي، والتي ساهمت بصورة كبيرة في ظهور تهديدات تحمل طابعاً وجودياً لأمن الدول، أدت بالطبع إلى تراجع فلسطين وقضيتها من موقعها المركزي، لصالح الأوضاع الداخلية التي هددتها مخالب الإرهاب والانقسام والتي وصلت في بعض الدول إلى حد الحرب الأهلية.

قمة الرياض سوف تشكل منطلقاً لمسار عربي جديد من خلال رؤية عربية مشتركة بالتنسيق مع الدول الاسلامية لمنع تصفية القضية الفلسطينية، من خلال التمسك بحل الدولتين، كمنطلق ثابت لاستقرار المنطقة.

شارك المقال