حركة “أمل” لاسرائيل: عدتم فعدنا

محمد شمس الدين

منذ عملية “طوفان الأقصى” والتوتر يتصاعد يومياً في الجنوب اللبناني، فيما يطرح التساؤل من الكثيرين: أين حركة “أمل” وعناصرها مما يجري؟ البعض سأل عن حسن نية، والبعض الآخر بخباثة، لتعلن الحركة أول من أمس عن استشهاد أول مقاتليها، أثناء القيام بواجبه الجهادي في منطقة رب ثلاثين الحدودية، وهو الشاب علي داوود، من بلدة مليخ قضاء النبطية، والذي شُيّع أمس في مأتم حاشد. وصودف استشهاده مع ذكرى فاتح عهد الاستشهاديين أحمد قصير، الذي فجر نفسه بمبنى الحاكمية العسكرية الاسرائيلية في صور، بتخطيط من قائد حركة “أمل” في حينه الشهيد محمد سعد العقل المدبر للعديد من العمليات العسكرية للحركة في فترة الثمانينيات، وكان قائد التحرير الأول للمقاومة عام 1985، والذي تحرر به نصف الجنوب، قبل أن يُستكمل التحرير عام 2000.

اللافت أن داوود من منطقة النبطية، واستشهد في منطقة رب ثلاثين بعد استهداف مربضه في التلة، الذي كان يديره مع عناصر مقاتلين زملاء له، أصيبوا خلال القصف، وكان قائد وحدة “هاني ابن عروة”، وهي احدى الوحدات العسكرية الحركية المنتشرة على الحدود، منذ بدء العمليات العسكرية. وانتشرت مقاطع فيديو للشهيد أثناء تدريبه وتجهيزه، وهي ضمن المناورات التي أجرتها “أمل”، منذ العام 2019، حين شهدت فيه الحركة تكثيفاً للتدريبات، بعد خطاب ناري لرئيس الحركة رئيس مجلس النواب نبيه بري، دعا فيه عناصرها إلى الاستعداد لقتال العدو الاسرائيلي، متوقعاً اعتداءات إسرائيلية في المستقبل المنظور. وكان الشهيد حاضراً بين الجماهير عندما ألقى بري خطابه، وزاد الأمر من حماسه للتوجه إلى ساحات الجهاد، لا سيما أن عمه هو أحد القادة الشهداء في “أمل”، حسن داوود “نسر الجنوب”.

وتنتشر عناصر الحركة في القرى الجنوبية، على درجات عالية من الجهوزية لمقاتلة إسرائيل، وهي جزء من غرفة العمليات المشتركة لفصائل المقاومة. وعلى الرغم من أن الحركة لم تنشر أي بيانات عن عملياتها العسكرية في الجنوب، إلا أن الأخبار تتداول بين القرى عن شهود عيان يرون مقاتلين يتقدمون باتجاه الحدود، ويقومون بعمل ما، ثم تسمع أصوات القذائف والاشتباكات بعدها. ومع غياب البيانات الرسمية من المكاتب الاعلامية والعسكرية للحركة، إلا أن الرئيس بري، أعلن عن الأمر بصراحة مطلقة، إن كان لوسائل الاعلام أو أمام سفراء الدول الذين يزورونه من حين الى آخر يسائلونه عن الجبهة في الجنوب. ويقول بري في لقاءاته إن الحركة لا تدعم المقاومة، بل هي من صلب هذه المقاومة وتقف إلى جانبها في كل المعارك، مؤكداً أن دور الحركة لا يقتصر على الدفاع المدني الذي أظهر بسالة في إنقاذ الجرحى وسحب الجثامين على الرغم من تعرضه لاعتداءات إسرائيلية.

عقيدة حركة “أمل” العسكرية تبغض الاعلام إجمالاً، ولا تنشر إلا ما ترى أن من المناسب نشره لإفادة الميدان، ويقول قادة “أمل” ان القائد الشهيد محمد سعد كان يردد دوماً “الاعلام عدو المقاومة”، وكان يرى في ذلك الحين، أن العدو يجب أن يبقى في حالة ضياع. وكانت الحركة نادراً ما تعلن عن عملياتها في ذلك الزمن، إلا إذا كان الأمر يخدم الميدان، ولعل الصدفة خير دليل، بحيث أنها لم تعلن عن عملية الشهيد أحمد قصير، الذي صادفت ذكراه بالتزامن مع الشهيد “لواء”، إلا بعد فترة طويلة من الزمن.

وفيما تداولت بعض وسائل الاعلام ما تنسبه عن مصادر أن “أمل” سترد على قتل أحد قادتها، يقول بعض العارفين ان الأمر ليس رداً أو غير رد، فالحركة موجودة منذ اليوم الأول، وتنفذ عمليات عسكرية، وكُشف بالأمس عن وحدة أخرى من وحداتها اضافة إلى “قوة العباس”، وبالتالي أي عملية ستقوم بها الحركة مستقبلاً ليست رداً بقدر ما هي ضمن سياق المعركة، والحساب مع إسرائيل طويل، وعمره عقود من الزمن، وليس وليد اليوم بعد أن قتلت أحد القادة، بل ان الحركة تعتبر أنها لم تنتقم بعد لأول شهيد لها ارتقى أمام العدو الاسرائيلي، فكيف عن المجازر بحق المدنيين، والقادة الآخرين في “أمل”، من محمد سعد وخليل جرادي، مروراً بحسام الأمين، وهاني علوية الذي استشهد في حرب تموز وصولاً إلى الشهيد داوود؟

وفيما علق الاعلام الاسرائيلي على قتل داوود، بأن الحركة قريبة من “حزب الله”، قال الحركيون رداً على هذا الكلام: “لم تتمكنوا من نسياننا، فأنتم من كنتم تصفون عناصر أمل بالمجانين الذين تصدوا لكم في خلدة وبيروت، ونقلوا لبنان من العصر الاسرائيلي إلى عصر المقاومة في انتفاضة 6 شباط، وأنتم من غابت اعتداءاتكم منذ تموز 2006، وعندما عدتم عدنا، كما عاهدنا دائماً”.

شارك المقال