تاريخ 11/ 11

لينا دوغان
لينا دوغان

لم تظهر ألغاز هذا اليوم كما ألمح كثيرون خصوصاً في ما يتعلق بغزة، التي بلغ عدد شهدائها ١١ ألفاً بينهم عدد كبير من النساء والأطفال، وهي لا تزال تعيش الحرب التي يشنها عليها بنيامين نتنياهو مدعوماً من جو بايدن كما بات معروفاً، ووصلت الى حد استهداف المستشفيات في القطاع والتي يموت فيها الأطفال والرضّع.

لم يكن هذا ما توقعه البعض، وما قالوا انه سيحصل لم يحصل، وكان عبارة عن فيديو قديم لرئيس “حماس” في قطاع غزة يحيى السنوار يقول فيه: “سجلوا على المقاومة الفلسطينية وحماس وكتائب القسام رقم 1111، وستذكرون هذا الرقم جيداً حين تُعلن التفاصيل”. وبدأ الكل يفكرون في هذا التاريخ ودار الجدل حول الرقم وما اذا ستكون هناك تحركات جديدة لـ”حماس” كما حدث في ٧ تشرين أو حتى أكبر من هذا الأمر، لكن شيئاً لم يحصل على الأرض الموجوعة والمفجوعة، على الرغم من نضال أهلها وبسالتهم في مواجهة الاجرام الاسرائيلي.

الا أن هذا اليوم سجل حدثين: الأول كان القمة العربية – الاسلامية التي جمعت كل الأطراف حتى المتناقضة، والحدث الثاني هو الكلمة الثانية للأمين العام لـ “حزب الله” حسن نصر الله والتي لم تحمل جديداً عن سابقتها.

هي ثلاث قمم وليست قمة واحدة، وعلى أجندتها بند أساس هو فلسطين وغزة، وقد اتجهت كل الأنظار الى الرياض التي وصلها كل زعماء العالم العربي والاسلامي والإفريقي، ليجتمعوا تحت السقف السعودي الذي منذ بداية الهجمات الاسرائيلية على غزة وهو يدعو عبر كل المنابر الى ضرورة وقف اطلاق النار والدعوة الى اجتماع للسلام يوصل الى قيام الدولة الفلسطينية. البيان الختامي للقمة العربية – الاسلامية ركز في أولى نقاطه على ضرورة كسر حصار غزة وفرض إدخال قوافل مساعدات إنسانية عربية وإسلامية ودولية إلى القطاع بصورة فورية. وقد اتفق المجتمعون على نقاط أخرى أبرزها رفض اعتبار هذه الحرب دفاعاً عن النفس، كما الطلب من المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية البدء بتحقيق فوري في جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية التي ترتكبها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، كذلك مطالبة المجتمع الدولي بتحميل إسرائيل مسؤوليتها كقوة احتلال تقوم بحرمان القطاع من كل المواد الأساسية وأيضاً التشديد على ضرورة اتخاذ المجتمع الدولي خطوات فورية وسريعة لوقف قتل المدنيين الفلسطينيين واستهدافهم. كما دعا البيان إلى وقف تصدير الأسلحة والذخائر لاسرائيل، وفي الختام جاء التأكيد على التمسك بالسلام في حل الصراع العربي – الاسرائيلي وبمبادرة السلام العربية لعام 2002 والتي عقدت في بيروت ونصت على أن الشرط المسبق للسلام مع إسرائيل وإقامة علاقات طبيعية معها، هو إنهاء احتلالها لجميع الأراضي الفلسطينية والعربية، وتجسيد استقلال دولة فلسطين المستقلة كاملة السيادة على خطوط 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

كل من راقب الاجتماعات في الرياض ورصد النتائج، لفتته أهمية وجود الرئيس الايراني والاستقبال السعودي له، واعتبره الجميع استثنائياً لما يمكن أن تمثله مرحلة ما بعد الحرب من عملية إشراك ايران في مفاوضاتها، على أساس مبادرة السلام العربية وعنوانها الأرض مقابل السلام في إطار حل شامل للقضية الفلسطينية.

على الرغم من كل القرارات والنتائج، لم تسلم القمة من الانتقادات، على اعتبار أن البيان صدر وغزة لا زالت تحت القصف، وأن الزعماء اكتفوا بالتنديد من دون التوصل الى حدوث أي خرق لما يجري في غزة، لكن القمة التي وصفت بغير العادية، يعمل الجميع وعلى رأسهم منظموها للضغط على دول القرار لوقف نزيف الدم، خصوصاً أن ما يجري في غزة أيضاً غير عادي إن كان خلال الحرب أو ما بعدها.

بالانتقال الى الحدث الثاني في 11/ 11، كان الكلمة الثانية للسيد نصر الله، والتي يبدو من خلالها أن الامين العام لـ “حزب الله” ليس في وارد جر لبنان الى حرب واسعة، على الرغم من أنه تحدث عن ارتقاء كمي على مستوى عدد العمليات وحجم الاستهدافات، وأيضاً ارتقاء على مستوى نوع السلاح، كما عاد وأكد أن العمليات مستمرة منذ ٨ تشرين ليس من لبنان وحسب، بل أيضاً من العراق واليمن، وإذا أراد الأميركيون أن تتوقف العمليات ضدهم فعليهم وقف الحرب على غزة.

بين خطابين يعتبران هادئين نوعاً ما، تتوسع رقعة الاشتباكات على الحدود جنوباً، وهذا ما يشير اليه العدو الاسرائيلي عندما يتحدث عن أن “حزب الله” يجر لبنان الى حرب، وما نفعله في غزة يمكن أن نفعله في بيروت.

الاسرائيلي مع الضوء الأخضر المعطى له من الأميركي، من الممكن أن ينفذ تهديداً كهذا، لكن يبقى السؤال هل يحمل الهدوء في كلام نصر الله شيئاً على غرار ما حدث يوم الأحد من هجوم صاروخي أدى الى اصابة اسرائيليين، ليخرج الوضع جنوباً عن قواعد الاشتباك ويتدحرج؟ أم من المهم أن يعي الحزب استفزازات نتنياهو ويكون الأهم بالنسبة اليه عدم الانجرار الى ما يريده خصوصاً أن وسائل اعلام العدو اعتبرت هذا اليوم هو الأعنف عند الجبهة الشمالية مع لبنان، محمّلاً الحكومة اللبنانية واللبنانيين المسؤولية عن أفعال “حزب الله”، وعليه اجتمع “الكابينت” لاتخاذ قرارات حول لبنان؟

شارك المقال