“أبو عبيدة” في بيروت… ظاهرة طبيعية أم غريبة؟

عبدالرحمن قنديل

“الناطق بإسم الأمة” – “أبو عبيدة” صور ولافتات إنتشرت للناطق العسكري لـ “كتائب عز الدين القسام” الجناح العسكري لحركة “حماس” في مناطق بيروت فضلاً عن أعلام للحركة في شوارع العاصمة، هذه المشاهد أثارت جدلاً واسعاً خصوصاً على مواقع التواصل الإجتماعي وكما جرت عادة اللبنانيين إنقسمت الآراء حول من يؤيد هذه المظاهر ويعتبرها حالة طبيعية ليست غريبة عن بيروت التي لطالما حملت لواء القضية الفلسطينية تاريخياً، وبين من يراها شاذة ولا تشبه لبنان وبيروت على وجه الخصوص.

منذ حدوث عملية “طوفان الأقصى” تفاعلت بيروت بمناطقها وأهلها معها من خلال المسيرات، والوقفات الاحتجاجية الداعمة لهذا الطوفان والمتضامنة مع غزة وأهلها مع إشتداد العدوان الاسرائيلي عليهم، وإستمرار تداعيات الطوفان الذي عاد وحرّك مشاعر العروبة الموجودة داخل بيروت من خلال التضامن مع فلسطين، الا أن هناك أصوات اعترضت على هذه الظواهر معتبرة أنها غريبة عن بيروت وقد تساعد في عدم تحييد لبنان وإنخراطه في معركة “الطوفان” في ظل الأزمة الإقتصادية التي لا يزال يعيش تداعياتها، إضافة إلى أزمة الفراغ وإمتداداتها، لذلك تردد تلك الأصوات المعارضة “بكفينا اللي فينا مش ناقصنا حرب”، فضلاً عن وصفها مظاهر التضامن بأنها “ما بتشبهنا”. فالكثيرون عادت بهم الذاكرة إلى صفحات طويت من الحرب الأهلية وزمن “فتح لاند”، متخوفين من أن تمر طريق القدس ببيروت، ولكن هل هذه المخاوف في محلها؟

أشار النائب عماد الحوت في حديث لـ”لبنان الكبير” إلى أن “لبنان في واقع غير إعتيادي وغير طبيعي وذلك بسبب الاعتداءات الإسرائيلية عليه وعلى غزة حيث هناك جهة تدافع داخلها، والقضية الفلسطينية هي بوصلة للبنان عموماً ولبيروت وأهلها خصوصاً لذلك نحن لسنا حياديين تجاه القضية الفلسطينية”، معتبراً أن “من الطبيعي في ظل الحرب وتفاعل الناس مع ما يحصل في غزة أن يعبّروا عن تفاعلهم مع رمز المقاومة وهو أبو عبيدة وحركة حماس”.

ورأى أن “إنتشار هذه الصور في هذا الظرف الاستثنائي هو ظاهرة طبيعية جداً، والمشكلة اذا انتهت الحرب وبقي التركيز على هذا الجانب وإهمال الجوانب الأخرى المتعلقة بالواقع اللبناني، أما في ظل الحرب القائمة وكوننا غير حياديين تجاه القضية الفلسطينية فأمر طبيعي أن نشاهد هذا التعبير العفوي من الناس”.

وذكّر الحوت بأن “بيروت كانت عاصمة المقاومة في العام 1982 وحاربت العدو الاسرائيلي، وكانت رأس حربة في وجه العدوان أينما كان، لذلك هذا هو وجه بيروت الأصيل ومن يحاول أن يحرفها عن هذا الانتماء الى قضايا العالم العربي المحقة وعلى رأسها قضية فلسطين، فهذا يعني أنه يحاول تشويه تاريخها، وأي بيروت أخرى هي بيروت تعاكس طبيعة أهلها وناسها”.

أما عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب غسان حاصباني فأكد أن “من الأفضل أن لا ترفع في بيروت إلا الأعلام اللبنانية، أو في مناسبات معينة يكون أخذ فيها إذن مسبق من السلطات اللبنانية في حال كان هناك مهرجان أو حفل أو وجود ما”، موضحاً أن “بيروت عاصمة لبنان ولكل اللبنانيين فقط وليس لغيرهم، ومن هذا المنطلق يجب أن تكون خالية من الشعارات والصور بغض النظر عما إذا كان هناك أشخاص يحملون تحفيزاً أو تشجيعاً أو مناصرة لأي جهة كانت فهذا يعبّر عنه وفق ما يتيح له القانون”.

ولفت الى أن “كل شيئ مخالف للقانون لا يتناسب مع صورة بيروت وما نريده لها ضمن المؤسسات القانونية، فالتعبير عن الرأي متاح للجميع ولكن إنتشار الصور والشعارات في عاصمة بلد خلافاً لأي من القوانين هذه تضر ببيروت ضمن أي إطار كان”.

وقال النائب وضاح الصادق: “لا أحد يستطيع الإنكار أن بيروت كانت داعمة منذ عقود للقضية الفلسطينية ودفعت ثمن دعمها لها وذلك من خلال إجتياح بيروت عام 1978 و1982 الذي دمر بيروت إن كان من خلال الغارات المختلفة والمعارك الداخلية التي كانت تحدث وبالأخص المعارك السورية –الفلسطينية، فبيروت دفعت الكثير من الأثمان لإيمانها بالقضية الفلسطينية الذي لا يزال حيّاً حتى هذه اللحظة”.

وأشار إلى أن “الدعم الذي نشهده من الشارع لحماس يأتي من هذا المنطلق لأن الناس لديها حالة من القهر مما يحدث في غزة وخوف من أن تموت هذه القضية، فوجدوا في ما يحدث في فلسطين خلال طوفان الأقصى نوعاً من متنفس لهم بسبب الضربة التي تعرض لها الاسرائيلي في السابع من تشرين الأول”.

وشدد على أن “الضربة التي تعرضت لها إسرائيل في طوفان الأقصى كسرت الهيبة العسكرية لها وخلقت لدى الناس شعوراً بالقوة من جديد، لهذا السبب تحولت الى مظاهر دعم للمقاومة الفلسطينية من خلال حماس وأبو عبيدة بغض النظر عن الآراء المختلفة في هذا الخصوص سواء مع أو ضد”.

وأعرب الصادق عن إعتقاده أن “المشكلة الأساسية هي في محاولة جر لبنان إلى الحرب، ولكن هذه المظاهر هي مظاهر دعم طبيعية وصور حماس وأبو عبيدة المنتشرة في بيروت لا تعبّر عن أن أهلها بالمطلق هم مع الحركة أو مع أبو عبيدة، فهناك مجموعة من الأشخاص المؤيدة هي التي ترفع الأعلام والصور لإظهار وجهة نظرها”.

أضاف: “طالما أن هذا الموضوع مضبوط في إطار من الدعم فهذا ليس مشكلة، ولكن اليوم الخوف الكبير هو من التهديدات التي سمعناها من الجانب الاسرائيلي والصور التي وضعت عن بيروت أنه في حال إندلعت الحرب يمكن أن تدمر مثلما دمرت غزة”.

شارك المقال