“لبنان لا يريد الحرب”… مخاوف من التصعيد وإشكالية مناصرة القضية

راما الجراح

“لبنان لا يريد الحرب” – لكي لا يتكرر الماضي حملة اعلانية ظهرت على مواقع التواصل الاجتماعي عقب الحرب على غزة، وانتشرت على الطرق رفضاً لخيارات امتداد هذه الحرب. وتصدر “الهاشتاغ” قائمة الـ”ترند” في لبنان على موقع “x”، تعبيراً عن رفض اللبنانيين اعادة سيناريو حرب ٢٠٠٦ في ظل أزمات اقتصادية واجتماعية ومالية صعبة، مع الابقاء حتماً على التضامن مع الأبرياء ومناصرة القضية الفلسطينية ولكن من دون الدخول في أي صراع عسكري. وتشير معلومات خاصة عبر “لبنان الكبير” إلى أن “نسبة كبيرة من المغتربين اللبنانيين هي من تقف خلف هذه الحملة وتمويل الاعلانات والتسويق لها نظراً الى عدم تمكن أهلهم في لبنان من تحمل أعباء إضافية وتكبد اقتصاد البلاد خسائر كبيرة”. وعليه، كيف يمكن أن يساند لبنان القضية الفلسطينية بعيداً عن خيار الحرب؟

النائب المستقل بلال الحشيمي أكد في حديث لـ “لبنان الكبير” أن “نسبة كبيرة من الشعب اللبناني ترفض الحرب، بسبب عدم توافر إمكانات لتحمل أعبائها، وعام ٢٠٢٣ يختلف كلياً عن العام ٢٠٠٦، حين كان لبنان يملك حضانة عربية ووطنية، كانت سوريا موجودة، وكنا نملك تعاطفاً غربياً، بالاضافة إلى وجود أموال ودعم كبير في لبنان لاعادة الاعمار وتأهيل البنى التحتية وغيرها، لكن اليوم لا شيئ مما ذكرناه بكل أسف. الدولة اللبنانية من ناحية حكومتها لا شك في أنها ترفض الحرب، لكن القرار ليس بيدها، بل في يد وزير خارجية إيران حسين أمير عبد اللهيان الذي يقرر ساعة الصفر، وجميعنا يعلم أن حزب الله يعتبر إيران الممول الأول له”.

ورأى أن “موقف لبنان اليوم مثل سيف ذي حدين، لا يمكن أن يتحمل أعباء الانخراط في حرب ضد العدو الاسرائيلي ونصرة لفلسطين، وفي الوقت نفسه رفض ذلك يمكن أن يأخذنا إلى منحى عدم التضامن مع القضية الفلسطينية والتخلي عنها، والتي تعتبر قضية عربية وإسلامية والدفاع عن الأقصى. محاربة العدو واجبة، ولكن علينا درس جميع المعطيات في الوقت الحاضر ونسبة الأضرار التي يمكن أن تتسبب بها الحرب مقارنة بإمكان الوقوف مجدداً”.

أضاف الحشيمي: “هناك قواعد اشتباك موجودة، ولكن على الرغم من ذلك شهدنا حركة نزوح كثيفة من الجنوب، وكانت هناك خروق واضحة بالنسبة الى هذه القواعد. الشعب الفلسطيني يعاني وغزة تعاني بقتل أطفالها ونسائها وشيوخها ويتم تهجيرهم قسراً، لذلك يجب أن نقف إلى جانبهم ديبلوماسياً ومن خلال عدة دعوات ومواقف لوقف إطلاق النار وغيرها، وقد اجتمعنا في منزل النائب فؤاد مخزومي مع السفير البريطاني بحضور مستشاره السياسي وتحدثنا بكل وضوح عن وقف إطلاق النار، والقرار ١٧٠١، وهواجس الشعب اللبناني، ورفضنا الاعتداء على غزة، وتهجير أهلها وعليه يجب أن يكون هناك ضغط على الديبلوماسيين لوضع حد لما يحصل في جنوب لبنان وفلسطين”.

أما عضو تكتل “التغيير” النائب ياسين ياسين فاعتبر أن “لكل مقام مقال، ولكل مرحلة قول خاص، واليوم المجتمع الدولي غائب وإعطاء الضوء الأخضر لاسرائيل في عملية قتل الأخوة الفلسطينين، وهناك قول للدكتور القصيبي جاء فيه: أن تكون على الحياد في معركة بين الظالم والظالم ذلك ذكاء، أما أن تكون على حياد في معركة بين الظالم والمظلوم فهذا غباء، ونحن لسنا أغبياء. اليوم مطلوب أكثر من أي وقت مضى أن نحصّن جبهتنا الداخلية، والحساسية في الاختلاف والخلاف الحاصل سابقاً بين اللبنانيين يجب أن تكون في أدنى مستوياتها، وأن نرفع الحساسية من الوحدة الوطنية”.

وأكد أن “لبنان لا يريد الحرب، ونستطيع أن نُحصّن أنفسنا داخلياً وتنظيم المؤسسات السياسية، وتنظيم المؤسسات العسكرية عبر إبقاء قائد الجيش جوزيف عون في موقعه، وتشريع الضرورة في الوقت الحالي. إذاً في حال وحّدنا صفنا الداخلي لمواجهة العدو الاسرائيلي يمكن أن يصبح لصوتنا صدى عربياً ودولياً، ويصبح لبنان أقوى في دعمه للقضية الفلسطينية من منطلق علاقات دولية. واجهنا في السنوات السابقة حرباً اقتصادية ومالية، حرب كورونا، وتدهوراً في العلاقات الدولية، ونحن اليوم أصبحنا عاجزين حتى عن تأمين حبة دواء، وقمت بعدة جولات على مستشفيات البقاع ومدارسه وبلدياته على سبيل المثال وإمكاناتنا ضعيفة جداً”.

ونبّه على أن “هذه الحملة في حال ساهمت في شق الصف الداخلي فهي خطيرة، لأن اليوم المطلوب بالحد الأدنى أن نكون متحدين ضد العدو الاسرائيلي، ونقف إلى جانب المقاومة الفلسطينية والقضية الفلسطينية وداعمين لها سياسياً من دون جر لبنان إلى حرب”.

وأشار الناشط السياسي محمد حمود الى أن “الحرب القائمة في غزة أخذت أبعاداً كبيرة عالمياً، وأصبحت للأسف أشبه بلعبة بين الدول وأبعد من حرب بين أصحاب الأرض والمحتل، وبالتالي في لبنان القرار ليس بيد حزب الله لفتح أي جبهة من الحدود اللبنانية بل في يد إيران التي تملك عدة حسابات بالنسبة الى الدول التي تتصارع معها وعلى رأسها أميركا، خصوصاً أن إيران تتبع محور الصين وروسيا، وفتح جبهة بالنسبة اليهم خيار صعب له أثمان كبيرة”.

ولفت الى أنهم “بنوا على مدى ٤٠ عاماً قوتهم ونفوذهم في العواصم العربية الأربع تحت شعار فلسطين والقدس، واليوم في حال لم يتدخلوا لمساندة هذه القضية سرديتهم هذه ستصبح في خبر كان. خيار الحرب ليس سهلاً، وخيار ترك الجبهة على ما هي عليه ليس سهلاً أيضا بالنسبة اليهم. في لبنان، النسبة الأكبر من كل الطوائف والأحزاب لا تريد حرباً، حتى مناصرو حزب الله لا يؤيدون هذا الخيار ولا يملكون قدرة على تحملها، ولكن الشعارات الرنانة لا بُد منها”، معرباً عن اعتقاده أن “حزب الله يدرك أن رفض الحرب اليوم بناء على رغبة الشعب اللبناني هي نقطة قوة بالنسبة اليه ويمكن أن يستند اليها، وأيضاً في حال إنتهاء حرب غزة وعدم دخول الحزب في الحرب يمكن أن يدخل علينا كبطل في تجنيبه لبنان لها فضلاً عن الأثمان السياسية التي سينالها في عدم مشاركته فيها”.

شارك المقال