الاستعانة بـ “ستارلينك” لطوارئ الاتصالات… مخالفة للقانون ومخاوف أمنية

محمد شمس الدين

هاجس توسع رقعة الحرب إلى لبنان دفع الكثيرين إلى التفكير في تأمين بدائل للبنى التحتية القائمة حالياً لذويهم وعائلاتهم، كي يتمكنوا من الصمود خلال فترة الحرب، لا سيما أن اسرائيل معروفة بضرب البنى التحتية. وفيما لوحظ ارتفاع الطلب على المولدات الخاصة وتخزين كميات من الوقود، وكذلك الطلب المرتفع على أكياس الطحين، إلا أن ما كان لافتاً هو ارتفاع الطلب على الصحون اللاقطة وتجهيزات الانترنت عبر الأقمار الاصطناعية، تحديداً لدى بعض السياسيين والمؤسسات الاعلامية، على الرغم من أن ذلك مخالف للقانون اللبناني الذي يفرض على الدولة إدارة ملف الاتصالات والانترنت وليس الشركات الخاصة.

كلفة الانترنت عبر الأقمار الاصطناعية مرتفعة جداً مقارنة مع خدمة الانترنت الأرضي، الذي يستجره لبنان عبر كابلين بحريين، هما “قدموس” القادم من قبرص، و”IMEWE” الذي يمتدّ على 13 ألف كيلومتر بين الهند وفرنسا واشترك فيه لبنان في العام 2009، ويتحمل غالبية الحمولة الأساسية لتقديم خدمة الانترنت في لبنان، بينما يعمل الكابل الأول كرديف له.

وفي حين أن الحكومة أعدت خطة طوارئ للتعامل مع أي حرب قد تندلع، تبين أن خطة وزارة الاتصالات هي عبر “ستارلينك”، وهي شبكة الأقمار الاصطناعية التابعة لشركة “x” للملياردير الأميركي إيلون ماسك، وكشف وزير الاتصالات في حكومة تصريف الأعمال جوني القرم في إحدى جلسات اللجان النيابية أن طرح الإفادة من هذا النظام في لبنان ليس حديثاً، بل إن التفاوض حول إستحصال لبنان على هذه الخدمة بدأ منذ نحو عام تقريباً، بحيث تمكنت الوزارة من الاستحصال على الموافقات الأمنية المطلوبة لها، وقادت هذه المفاوضات الى حصول لبنان على عينات من تجهيزات هذا النظام، وتحاول الوزارة الاستحصال على ترخيص لتشغيلها، وتشير المعلومات الى أن الوزارة ماضية في مفاوضاتها مع الشركة الأم للتوصل إلى عقود طويلة الأمد.

وأثار اعتماد الوزارة على “ستارلينك” فقط كخطة بديلة في حال اندلاع الحرب الشكوك بين العديد من القوى السياسية، بحيث أن ليس هناك ما يضمن أن تؤمن الشركة الخدمة للبنان بعد أن تراجع مديرها التنفيذي إيلون ماسك عن تأمين الخدمة لغزة، وربطها بموافقة أميركية – اسرائيلية، فماذا يضمن أن يتوجه إلى قطع الخدمة في حال طلبت منه إحدى الدولتين ذلك؟ تحديداً أن هناك عدة بدائل موجودة، منها: Viasat، HughesNet، GlobalTT، وغيرها الكثير، فلماذا حصرت الوزارة خطتها بـ “ستارلينك”، تحديداً أنها تتأثر بالسياسات الأميركية؟

لا جواب محدداً على السؤال، ولكن تتخوف مصادر مطلعة من أن تكون هناك صفقة ما، مشيرة لـ “لبنان الكبير” إلى أن “وزارة الاتصالات قد تتحول إلى وكيل مبيعات لستارلينك، بدل أن تدير الدولة القطاع كما هو منصوص قانوناً، وتتعرض أوجيرو عندها للمضاربة منها”. وتلفت المصادر إلى أن “ما يثير الريبة أن هناك بدائل حتى للانترنت عبر الأقمار الاصطناعية يمكن أن تلجأ إليها الوزارة، مثل National Roaming، التي تقضي بدمج هوائيات شركتي تاتش وألفا، عندها يمكن لأي مشترك الافادة من الانترنت الأقرب إليه بغض النظر عن الشركة التي يتعامل معها”.

ومن جهة أخرى، تبرز مخاوف أمنية من خدمة الانترنت عبر الأقمار الاصطناعية، بحيث أن كل ما يحتاج إليه من يسعى الى الاشتراك بـ”ستارلينك” هو شراء العدة من الشركة، وهي عبارة عن صحن لاقط وRouter، بالاضافة إلى شريط (كابل) 15.2 متراً، وبالتالي هو لا يمر عبر أجهزة الدولة، وفي حال ارتكب مخالفات لا يمكن للقوى الأمنية تعقبه بسهولة كحال من يستعمل الانترنت المرخص من الدولة، وقد يمكن لأي مستخدم أن يتواصل مع العدو الاسرائيلي، أو جهات أجنبية وجماعات ارهابية بسهولة، من دون أن يخشى المراقبة من الأجهزة الأمنية.

ينص القانون اللبناني على أن الدولة هي التي تؤمن الاتصالات أو الانترنت، وأي خدمة تؤمن من غير “أوجيرو” مخالفة للقانون، ولذلك قبل أن تتم الاستعانة بـ “ستارلينك” أو غيرها، ألا يجدر تقديم اقتراح لتعديل القانون؟ وأليس من الأفضل القيام بدراسة شاملة قبل اللجوء إلى “ستارلينك”؟ وطبعاً يبقى السؤال الأساس من أين سيكون تمويل الاستعانة بهذه الخدمة؟ وهذه الخدمة ألا تعتبر ضمن قانون الشراء العام ويجب عندها أن يمر تمويلها عبر الهيئة؟

شارك المقال