إقتحام مستشفى “الشفاء”… فشل مخابراتي ونصر وهمي (۱)

زياد سامي عيتاني

أمام بشاعة الجرائم المروعة التي يرتكبها العدو الاسرائيلي في حرب الابادة الجماعية التي يشنها على قطاع غزة، روّجت إسرائيل لرواية إحتضان المستشفيات، ومنها “الشفاء” جزءاً من القيادة العسكرية لحركة “حماس”، وكذلك مكان احتجاز الرهائن الاسرائيليين، وذلك من خلال بث أكاذيب يومية بصورة منهجية وبصفة إغراق من أجل التضليل، عبر إستخدام حبكات ملفقة بصرية وصوتية وتمثيلية، بهدف ترويج رواية مضللة بشأن الوقائع.

وكانت الآلة الاعلامية الصهيونية قد ضخت منذ أسابيع أن أسفل مستشفى “الشفاء” أنفاقاً رئيسة تضم كبار قادة “حماس” و”كتائب القسام”، إضافة إلى مستودعات للأسلحة. وفي واحدة من أكثر الدعايات العسكرية سذاجة، مارست إسرائيل حملة “البروباغندا” هذه بمنهجية متصاعدة ومتأنية، في سبيل إقناع العالم بخطتها الارهابية التي دمرت خلالها قواطع عريضة من مدينة غزة وشمالها قبل أن تقتحم مستشفى “الشفاء” صباح أمس الأربعاء. وقبل ساعات من الاقتحام الفعلي، تبنى البيت الأبيض عبارات المتحدث باسم جيش الاحتلال، مدعياً أن إستخباراته توصلت إلى ما يؤكد إستخدام “حماس” و”القسام” حرم المستشفى لأغراض عسكرية، وذلك في ما يشبه ضوءاً أخضر أميركياً للدبابات الاسرائيلية لإرتكاب جريمة إقتحام المستشفى.

إزاء هذه الحملة الاعلامية الممنهجة والمنظمة، التي كان هدفها التمهيد لاقتحام المستشفى بعد إستهدافه بصورة متواصلة بالقصف المتعمد، دعت حركة “حماس” الأمم المتحدة الى تشكيل لجنة تحقيق لفحص الادعاءات الاسرائيلية حول مشفى “الشفاء”. كما طالبت وزارة الصحة وحركة “حماس” وكل الفصائل الفلسطينية الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، بالتواجد في المستشفيات المستهدفة والمهددة، وخصوصاً مستشفى “الشفاء”، لكشف الحقائق والوقوف أمام مسؤولياتها في حماية هذه المستشفيات، ومنع جيش الاحتلال وحكومته من تزييف الحقائق، لكن أحداً لم يستجب لذلك!

إذاً، في اليوم الأربعين للمجازر الصهيونية في قطاع غزة، إرتكبت قوات الاحتلال جريمة جديدة، لتضاف إلى سلسلة المجازر المستمرة، بحيث اقتحمت فجر الأربعاء مستشفى “الشفاء” الذي يضم 1500 من أفراد الأطقم الطبية وقرابة 700 مريض و39 من الأطفال المبتسرين و7 آلاف نازح جراء القصف المستمر، تحت ذريعة امتلاك معلومات استخباراتية تفيد بوجود الأسرى الاسرائيليين داخل المستشفى وهو ما فشلت تل أبيب في إثباته بعد الاقتحام!

فقد أعلن الجيش الاسرائيلي، فجر الأربعاء، اقتحام المستشفى، مطالباً جميع عناصر “حماس” فيه بالاستسلام. وقال في بيان إن وحداته “تنفذ عملية دقيقة ومحددة الهدف ضد حماس بمنطقة محددة في مستشفى الشفاء، وذلك بناء على معلومات استخباراتية وضرورات عملياتية”. وبحسب البيان، فإن الهدف الرئيس للمهمة هو “هزيمة حماس وإنقاذ الرهائن”. وقال مسؤول إسرائيلي: “إن جنود الجيش عثروا بالفعل على أسلحة خاصة بالمقاومة الفلسطينية في المستشفى”. وتابع: “رأينا دليلاً ملموساً على أن إرهابيي حماس استخدموا مستشفى الشفاء كمقر إرهابي”. وأعلن أن الدلائل ستعرض لاحقاً.

في مقابل ذلك، وبعد تنفيذ عملية الاقتحام، ذكرت إذاعة الجيش الاسرائيلي أن لا مؤشرات على وجود محتجزين في المستشفى. وفي وقت لاحق، نقل موقع “واللا” عن مسؤول إسرائيلي وصفه بـ”الكبير”، أن الهدف من الاقتحام هو الوصول إلى الأنفاق التي تنطلق من هناك. وصرّح المسؤول بأن “الهدف من العملية لم يكن العثور على رهائن، بل تحديد موقع فتحات أنفاق حماس، والتي وفقاً للمعلومات الموجودة في أيدي إسرائيل، تمتد من هناك إلى جميع أنحاء غزة”. ولكن تبين بعد عملية الاقتحام، خلو المستشفى من قيادات “حماس”، وأنه لا يضم ذخيرة حربية ولا مكاتب للتخطيط سوى ما قد تخترعه قوات الاحتلال من أكاذيب، كما أنه لم يحتفظ بالمحتجزين الاسرائيليين داخله. وهذا ما يعكس حالة العجز الاسرائيلي عن إيجاد ما يبرر جريمة إقتحام المستشفى، بعدما سقطت كل الادعاءات والتبريرات، وإنهارت إحدى الأساطير التي بنت عليها إسرائيل عملية القصف الوحشي ضد المستشفيات في قطاع غزة والتي بلغت ذروتها بإقتحام مستشفى “الشفاء”، إستناداً إلى المعلومات والتقارير المخابراتية، التي اعتمد عليها جيش الاحتلال!

هل تنتهي مسرحية المستشفى الدموية بحصول الاحتلال على صورة النصر الوهمية التي يتمناها، أم ستكون محطة على طريق جرائم إبادة أخرى، يحاول الاحتلال من خلالها تصفية من تبقى من أبناء غزة وتهجير النازحين على مرأى العالم ومسمعه؟

يتبع: الفشل الإستخباراتي

شارك المقال