شبهات حول Starlink… خرق شبكات الاتصال والتواصل؟

ليندا مشلب
ليندا مشلب

بتاريخ ٣ تشرين الثاني الجاري عقد اجتماع في مبنى وزارة الاتصالات بين الوزير جوني القرم ومدراء الانشاء والتجهيز، الاستثمار والصيانة، التخطيط الاستراتيجي وادارة المشاريع، مع ممثلين عن قيادة الجيش مديرية المخابرات والأمن العام وشعبة المعلومات. الاجتماع خصص للبحث في الجوانب الأمنية لخدمة starlink التي يفترض أن يحصل عليها لبنان عبر هبة تقدمت بها منظمة غير حكومية (NGO) p foundation، والتي تنص على تركيب ‏150 جهاز starlink توزع على الادارات الرسمية وجهات أخرى تحددها الوزارة تستعمل كبديل عن الانترنت الحالي في حال نشوب الحرب. وقد أبدت الأجهزة الأمنية عدم ممانعتها إدخال هذه الخدمة إلى لبنان وقبول الهبة، على أن تتولى الوزارة توزيع الأجهزة وتركيبها ومراقبتها بالتنسيق مع “أوجيرو” والجهات التي ستحصل عليها واستخدامها لمدة ثلاثة أشهر ثم إعادتها إلى المنظمة.

وخلال الاجتماع نفسه اقترح ضباط الأجهزة الأمنية الحاضرين استبدال الهبة بشراء الأجهزة المقدرة تكلفتها بـ 100,000 دولار أميركي من الدولة وذلك لحماية المستخدم من أي خرق يمكن أن يحصل، ‏لكن وزير الاتصالات أوضح أن الهبة المؤقتة هي لتفعيل إدخال الخدمة وإجراء التجارب بعدها يتم التواصل مع starlink ويتخذ القرار المناسب لناحية توقيع اتفاق دائم معها أو مع أي مشغل آخر لتأمين خدمة الإنترنت عبر السواتل الصناعية، وهي أحدث طريقة للحصول على خدمة الانترنت.

وفي الاجتماع نفسه عرض الأمنيون بعض الهواجس الواجب أخذها في الاعتبار لا سيما تلك العائدة الى المعاملات الالكترونية والبيانات ذات الطابع الشخصي الواردة في القانون رقم 81/ 2018، بحسب محضر الاجتماع الذي حصل عليه موقع “لبنان الكبير” (ننشره مرفقاً في الأسفل).

ولأن الأمر يحتاج الى موافقة مجلس الوزراء لتتمكن وزارة الاتصالات من قبول الهبة وابرام الاتفاق مع مزود الخدمة العالمية، أدرج البند على جدول أعمال الجلسة التي تأجلت من الثلاثاء الى الخميس، لكن البند لم يبت به وأرجئ بعدما أبدى بعض الوزراء هواجس تتعلق باحتمال وجود شبهات أمنية حول الشركة المشغلة والواهبة، وقد تولى وزير الأشغال العامة والنقل علي حمية الكلام باسم “حزب الله” والثنائي ناقلاً الاعتراض وعدم الموافقة بسبب عدم وجود تقرير أمني واضح حول هذا الأمر. ونقلت شكوك حول احتمال وجود أيادٍ خفية لشركات اسرائيلية أو “الموساد”، فرد وزير الداخلية بسام مولوي بأن التحقيق لا يزال جارياً من المعلومات والأمن العام، وأننا اكتشفنا عن طريق التدقيق وجود ٧٠ خطاً غير شرعي تعمل من دون معرفة مصدرها، تم توقيفها. وأكد ضرورة أن يكون هناك تقرير أمني واضح من كل الجوانب، وأن هناك عدة أسئلة تقنية وجهت الى وزارة الاتصالات وننتظر أجوبة عليها من بينها: هل لبنان شريك في الـdata، من الجهة التي ستطلع عليها، الجهات الممولة، بماذا سيتم تزويدها، منذ متى تعمل الشركة الواهبة وأين مقرها وهويتها؟

وأكد القرم أنه لا يناسبه ابرام الاتفاق مع وجود كل هذه الشكوك والأسئلة، وأنه سينتظر رأياً واضحاً من الأجهزة المعنية وخصوصاً الأمن العام المختص بالأمن القومي. وقد استطلع رأيه موقع “لبنان الكبير” فأكدت مصادره أن هذه الهواجس مشروعة وأن هناك شبهات حول الشركة ولا موافقة مبدئية عليها لكنه ينتظر اكتمال التحقيق والتدقيق. بدورها مصادر وزارة الاقتصاد والتجارة قالت لـ “لبنان الكبير”: “ان مكتب مقاطعة اسرائيل لم يتسلم أي طلب من هذا الخصوص وأن المرور عبره اجباري قبل عقد اتفاق مع أي شركة أجنبية”.

وزير الاتصالات كشف لموقع “لبنان الكبير” أنه تم الاتفاق على أن تتواصل الأجهزة الأمنية المعنية مع starlink بالمباشر، واذا كانت هناك موافقة على استخدام الخدمة لمدة ٣ أشهر فستقوم الوزارة بكل ما يلزم. وأوضح القرم أنه بالاتفاق معهم سيصار الى تعبئة الداتا يدوياً وتزويد الأمنيين بها يومياً بسبب عدم جهوزية الـ system الذي يوفر الداتا بصورة أوتوماتيكية، وسيكون هناك تواصل يومي لتحضير الطلبات الأمنية الضرورية بعد فترة الأشهر الثلاثة لتتحول الى أوتوماتيكية بدلاً من يدوية. وأشار الى أن هذه المدة ستكون محدودة بالجهات التي ستستفيد من الـ١٥٠جهازاً فقط أي مؤسسات الدولة وهيئات الاغاثة والمستشفيات والمنظمات الدولية. كما أكد أن العمل سيقتصر على الاتصالات والرسائل الالكترونية (e-mails)، وليس معلومات عن المرضى مثلاً أو عن الدولة ومؤسساتها وموظفيها ومعلومات الوزارات، ولن تكون موصولة على أي شبكة رسمية تابعة للدولة اللبنانية، مضيفاً: “نحن كوزارة لا ندخل في التفاصيل الأمنية والأجهزة تطلب معلوماتها من ستارلينك مباشرة وأنا أتصرف بحسب التوجيهات الأمنية لأن هذه المسألة خطيرة وأنا لا أدخل فيها ولا أتحمل مسؤوليتها ولا أتبناها”.

Starlink هي بمثابة صحن أو ساتل اصطناعي dish يوضع على سطح المنزل أو المؤسسة متصل بـ modem ويقوم بتقديم خدمة الانترنت وليس موصولاً لا على “أوجيرو” ولا على “ألفا” ولا “تاتش”Private net via satellite، كلفته صفر على الدولة بحسب القرم الذي كرر ما قاله أمام مجلس الوزراء: “نحن لا نستطيع الوقوف أمام التطور ومحاربته، بل يجب أن نبحث عن طريقة نتكيف بها مع التطور بصورة آمنة”.

يذكر أن أقمار “ستارلينك” تهدف الى توفير خدمات انترنت عالية السرعة من الفضاء عبر شبكة ضخمة من الأقمار الصناعية وتصل الى أماكن نائية جداً يتعذر على الانترنت العادي الوصول اليها، مملوكة من الملياردير ايلون ماسك، وضع نظامها بطريقة تستغني عن البنى التحتية وتوصيل الكابلات ورفع الأعمدة، ويجعل الاتصال بين القمر والأرض فائق السرعة وكلفته عالية قدرت بـ ١٠٠ دولار شهرياً في أوروبا مع تجهيزات تفوق الـ٥٠٠ دولار. ولا يمكن التشويش على اشاراته ويسير على شكل قطار في الفضاء ما خلق هواجس كبيرة من امكان حدوث اصطدامات. ويستخدم حالياً في ساحات القتال وخصوصاً أوكرانيا بين المقرات الرئيسة والقوات في الميدان.

فهل يدخل لبنان هذه التقنية العالية بصورة آمنة أم يتأخر كالعادة في ركب التطور؟ وما علاقة طرحه من منظمات غير حكومية في مناطق النزاع مجاناً؟ أسئلة كبيرة تحتاج الى التدقيق.

شارك المقال