صفقة الأسرى (١)… نتنياهو رضخ لشروط “حماس” بعدما توسل واشنطن إنجازها

زياد سامي عيتاني

خلافاً للآلة الاعلامية الاسرائيلية المضللة، بأن إسرائيل هي التي لم تكن حريصة على الهدنة المؤقتة وعلى صفقة تبادل الأسرى، فإن صحيفة “بوليتيكو” الأميركية، كشفت في تقرير لها حقيقة ما كان يدور في الغرف المغلقة، وكيف كانت الاجتماعات في ثلاث دول رئيسة في التفاوض، وهي مصر وقطر وإسرائيل، بحيث أن الاخيرة كانت تلح على مبعوث واشنطن في المنطقة، لإتمام الصفقة، كاشفة أن “حماس” هددت عدة مرات بوقف المفاوضات، في وقت كان هناك تنسيق بين الجيش الاسرائيلي وأميركا في العمليات الحربية، بما يتوافق مع مسارات التفاوض حول الصفقة. ومن خلال رصد تحركات الفريق الديبلوماسي الذي أنجز الصفقة على الرغم من الصعوبات الشاقة للتوصل إليها، خصوصاً لجهة إقناع “حماس” بها، فإن ذلك يظهر بما لا يقبل الشك أن الجانب الاسرائيلي قد رضخ لشروطها.

وبحسب ما كشفته صحيفة “بوليتيكو”، فقد أمسك رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو بذراع كبير مسؤولي البيت الأبيض في الشرق الأوسط أثناء خروجهما من اجتماع مثير للجدل في إسرائيل يوم 14 تشرين الثاني الجاري، وهنا استدار بريت ماكغورك ليجد الزعيم الاسرائيلي ينظر إليه مباشرة، قائلاً: “نحن بحاجة إلى هذه الصفقة”. ومنذ ذلك الوقت، أصبحت قضية الرهائن عنصراً أساسياً في مكالمات الرئيس جو بايدن الهاتفية المتعددة واجتماعاته المباشرة مع نتنياهو، إلى جانب الضغط على إسرائيل للسماح بوصول المساعدات الانسانية إلى المحتاجين وضمان إعطاء الأولوية لسلامة المدنيين في غزة، وحصر العمليات باستهداف “حماس” (حسب الوراية الاسرائيلية).

وحققت هذه الجهود أول انتصار لها في 23 تشرين الأول، حين قامت “حماس” بالتخلي عن المواطنتين الأميركيين، ناتالي وجوديث رانان، وهي أم وابنتها. حينها، كانت المحادثات الرامية إلى تأمين إطلاق سراح 240 رهينة احتجزتها “حماس” متوقفة والتوترات شديدة، مع اجتياح القوات الاسرائيلية قطاع غزة في نهاية تشرين الأول، إذ قيل ان خطة الغزو تم تكييفها لتكون تدريجية ومصممة لدعم التوقف المؤقت في حال التوصل إلى اتفاق.

وتجدر الاشارة إلى وجود تنسيق بين تل أبيب وواشنطن حول تلك التحركات على الأرض داخل المعركة، وكانت هناك أهداف قصيرة المدى يتم إنجازها على الأرض بحيث تسمح في أي وقت بالتوقف في حال إتمام صفقة تبادل الأسرى. وفي موازاة ذلك، بذلت الديبلوماسية الأميركية جهوداً جبارة مع كل من مصر وقطر، للتوصل إلى تسوية ولو جزئية.

وكانت الاتصالات الديبلوماسية تجري خلف الأبواب المغلقة، وملامح الصفقة تتقارب، ففي البداية قدمت “حماس” معلومات عن 50 من الرهائن لديها، في إشارة إلى بايدن بإمكان إخراجهم، وقد نقل الرئيس الأميركي وجهات نظره الى نتنياهو في مكالمة هاتفية أجراها معه في 14 الجاري، ووافق الأخير على ذلك، معبّراً عن مدى أهمية إنجاز إسرائيل للاتفاق. إلا أن “حماس” أبلغت مصر وقطر بوقف المفاوضات من جانبها بشأن الأسرى، بعد قطع إسرائيل الاتصالات في قطاع غزة، ومن ثم محاصرة مستشفى “الشفاء” وقصفه قبيل إقتحامه.

وبالفعل بعد أسبوع تقريباً تم الاعلان عنها، بحيث من المقرر أن يتم تسليم وتسلم الأسرى بين “حماس” والجانب الاسرائيلي عقب دخول الهدنة الانسانية حيز التنفيذ، إذ ان الحركة ستنقل عبر الوسطاء وعلى الأرجح الجانب المصري أسماء 12 أو 15 أسيراً إسرائيلياً ليتم نقلهم إلى الجانب الاسرائيلي. في المقابل فإن الفلسطينيين المفرج عنهم، يبلغ عددهم 221 من الضفة الغربية، 74 من مدينة القدس، 5 من قطاع غزة، والمنتمون الى حركة “حماس” 47 مقابل 62 ينتمون الى حركة “فتح” وعدد من المنضمين الى حركتي “الجهاد الاسلامي” و”الجبهة الشعبية” والمستقلين، أما أبرز الأسيرات اللائي سيتم تحريرهن فهي الأسيرة إسراء الجعابيص.

هل هذه الصفقة التي كان يسعى اليها نتنياهو بشتى الوسائل الديبلوماسية و”الاجرامية”، تشكل إنتصاراً سياسياً له في الداخل الاسرائيلي للتخفيف من حجم الضغوط والحملات المناوئة التي يتعرض لها؟

شارك المقال