ما بعد الهدنة… هل تبقى الحرب “مضبوطة” جنوباً؟

محمد شمس الدين

دخلت الهدنة في غزة أخيراً حيز التنفيذ، بعد 50 يوماً من الحرب، وانسحبت تلقائياً على الحدود الجنوبية اللبنانية، التي شهدت أعنف جولات القصف عشية الاعلان عنها، ويمكن القول انها تخطت قواعد الاشتباك.

وبما أن الحكومة الاسرائيلية أكدت أنها هدنة مؤقتة والقتال سيستمر لشهرين بعد انتهاء مفعولها يبقى السؤال: هل ستبقى قواعد الاشتباك نفسها قائمة في حال استكملت اسرائيل عملياتها العسكرية؟

لا شك في أن “حزب الله” تلقى ضربة كبيرة باستهداف وحدة “الرضوان” قوة النخبة لديه، ولكن كما قال الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله في أخر خطاباته “ان هذه المعركة ليست كبقية المعارك”، وإعلان الحزب أن عملياته الأخيرة التي وصلت إلى 22 في يوم واحد هي لنصرة غزة وليس للرد على الغارة التي استهدفت مقاتليه، هو رسالة واضحة للعدو الاسرائيلي بأن الرد سيكون قاسياً جداً، وفق ما أكد مصدر مقرب من الممانعة لموقع “لبنان الكبير”، لافتاً إلى أن “الحزب لا يزال يلتزم بقواعد الاشتباك على الرغم من أن العدو خرقها عشرات المرات، ولكن هذا الالتزام لن يطول في حال استمرت الغطرسة الصهيونية، والأمر سيعود لتقدير المقاومة، التي سترى الوقت المناسب لتخطي قواعد الاشتباك من جهتها، وهي لا تزال حتى الآن تترك مجالاً للديبلوماسية، قبل شن هجمات مدمرة على الكيان الصهيوني، سيكون أثرها مدوياً جداً”.

وعن التهديدات واتصالات الوسطاء، يؤكد المصدر أن “المقاومة وعلى الرغم من البراغماتية التي تتحلى بها، إلا أن الكلام في نهاية الأمر سيكون للميدان، أما التهديدات فلم تفد من يطلقها منذ تأسيس المقاومة، وهي تؤثر فقط في خصوم المقاومة في الداخل اللبناني كي يحاولوا تشكيل ضغط عليها، وهو أمر فشل في السابق وسيفشل الآن”.

لا قواعد اشتباك مع العدو، هذا ما يراه مقاتل سابق في إحدى فصائل المقاومة، قائلاً لـ”لبنان الكبير”: “في زمننا حاولنا كثيراً فرض قواعد الحرب أو الاشتباك بطريقة أو أخرى، ولكن الكيان الصهيوني هو الذي يرفض الالتزام بها، ويحاول عبر آليته الحربية نشر الرعب والتأثير في عزيمة المقاومين وبيئتهم الحاضنة، ولا يعرف إلا الاجرام والمجازر وسيلة للردع، واستطاع في بداية الصراع فرض شروطه، أما اليوم فهو الذي يخضع للشروط، وأكبر دليل هو حرب تموز وبقاء المقاومة بكامل قوتها بعدها، بل انها تطورت أكثر، وتستطيع تنفيذ عمليات مدمرة ضد جنوده، بل لا يمكن استبعاد امكان اقتحامها المستوطنات في أي تصعيد مستقبلي، وسيكون 7 تشرين الأول في حينه، بمثابة نزهة مقارنة بما يمكن أن يأتي الكيان من الشمال”.

ويشير المقاتل الى أن “لا وجود في الحروب كلها فعلياً لما اسمه قواعد الاشتباك”، متسائلاً: “هل التزمت أميركا مثلاً بهذه القواعد في العراق أو أفغانستان، أو حتى ليبيا، هل التزمت أي دولة في أي حرب بهذه القواعد؟”. ويوضح أن “أميركا نفسها دمرت مدينتين يابانيتين بقنابل نووية في الحرب العالمية الثانية لتنتصر في الحرب”، معتبراً أن “هذا أمر طبيعي، فأي بلد أو جهة، سيفكر بأفضل الأساليب الممكنة لتحقيق انتصار بأقل خسائر ممكنة، وما كان يجري في جنوب لبنان هو حرب مضبوطة على هوى المقاومة، فعندما تقرر أن الوقت مناسب، ستصبح قواعد الاشتباك في خبر كان، ولن تعود الحرب مضبوطة، وهي لن تجر إليها على التوقيت الاسرائيلي”.

شارك المقال