غزة: إسرائيل تستخدم تكنولوجيا أميركية مدعمة بالذكاء الاصطناعي؟

حسناء بو حرفوش

تزايدت في الآونة الأخيرة طلبات إسرائيل للحصول على أسلحة مزودة بتكنولوجيا دفاعية متطورة، وفقاً لمقال في موقع “بوليتيكو” الالكتروني. ووفقاً للمقال، “في غضون ساعات من هجوم حماس الشهر الماضي، بدأت Skydio، شركة طائرات مسيرة في وادي السيليكون، بتلقي رسائل إلكترونية من الجيش الاسرائيلي. وتتعلق الرسائل بطلبات للحصول على مسيرات قصيرة المدى يستخدمها الجيش الأميركي عادة للتغلب على العوائق بصورة مستقلة وإجراء مسح ثلاثي الأبعاد للهياكل المعقدة كالمباني.

أسلحة خارج الإطار الدولي التقليدي

وتجاوبت الشركة مع الطلبات وأرسلت Skydio في الأسابيع الثلاثة التي تلت الهجوم، أكثر من 100 مسيرة الى القوات الاسرائيلية، مع توقع إرسال المزيد في المستقبل، وفقاً لمارك فالنتين، المدير التنفيذي المسؤول عن العقود الحكومية في الشركة. وليست Skydio شركة التكنولوجيا الأميركية الوحيدة التي تلقت الطلبات بحيث يزداد طلب إسرائيل، في ظل حملتها الشرسة ضد قطاع غزة، على التكنولوجيات الدفاعية المتطورة والتي تتميز بتقنيات عالية وتوفرها في كثير من الأحيان الشركات المصنعة الأحدث والأصغر حجماً بصورة مباشرة خارج المفاوضات التقليدية بين الدول للحصول على الامدادات العسكرية. 

فعالية الذكاء الاصطناعي في بيئات حضرية

وبالفعل، تستخدم إسرائيل مسيرات ذاتية القيادة من شركة Shield AI للقتال الداخلي عن قرب، ويقال إنها طلبت 200 مسيرة من طراز Switchblade 600 Kamikaze من شركة أميركية أخرى. وفي هذا السياق، بيّن جون غروين، الرئيس التنفيذي لشركة تقنيات فورتيم، التي زودت القوات الأوكرانية بالرادار والطائرات المستقلة المضادة للمسيرات، أنه يجري محادثات مبكرة مع الاسرائيليين. أما محور هذه المحادثات فهو فعالية أنظمة الذكاء الاصطناعي الخاصة بالشركة في البيئات الحضرية الكثيفة في غزة.

وأثار الباحثون حول أخلاقيات الذكاء الاصطناعي مخاوف من استخدام الجيش الاسرائيلي التكنولوجيات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي لاستهداف الفلسطينيين، مشيرين إلى تقارير تفيد بأن الجيش استخدم الذكاء الاصطناعي لضرب أكثر من 11 ألف هدف في غزة منذ هجوم حماس في 7 أكتوبر (تشرين الأول). ولم تقدم وزارة الدفاع الاسرائيلية إجابات حول هذا الموضوع.

تحد جديد لإدارة بايدن

وتمثل منصات الأسلحة المتطورة أحد التحديات الجديدة لادارة الرئيس الأميركي جو بايدن. وفي 13 نوفمبر (تشرين الثاني)، بدأت الولايات المتحدة بتنفيذ سياسة خارجية جديدة تحكم الاستخدام العسكري المسؤول لمثل هذه التقنيات. وتعكس هذه السياسة، التي كشف عنها للمرة الأولى في لاهاي في فبراير (شباط) الماضي وأقرتها 45 دولة أخرى، محاولة لإبقاء الاستخدام العسكري للذكاء الاصطناعي والأنظمة المستقلة في إطار القوانين الدولية للحرب. لكن إسرائيل وأوكرانيا لم توقعا على المعاهدة، ما يترك فجوة متزايدة في الجهود الناشئة للحفاظ على عمل الأسلحة عالية التقنية ضمن السياقات المتفق عليها.

ورداً على سؤال حول امتثال إسرائيل للإعلان الذي قادته الولايات المتحدة حول الذكاء الاصطناعي العسكري، قال متحدث باسم وزارة الخارجية إن من السابق لأوانه استخلاص استنتاجات حول سبب عدم تأييد بعض الدول للوثيقة، أو الاشارة إلى أن الدول غير المؤيدة لا تتفق مع هذا الاعلان أو لن تلتزم بمبادئه.

وحسب مارك كانسيان، أحد كبار المستشارين في برنامج الأمن الدولي التابع لمركز CSIS، من الصعب للغاية تنسيق الاتفاق الدولي بين الدول بشأن الاستخدام العسكري للذكاء الاصطناعي لسببين: الأول، هو أن التكنولوجيا تتطور بسرعة كبيرة بحيث إن القيود الوصفية التي تضعها عليها اليوم قد تفقد مغزاها بعد خمس سنوات لأن التكنولوجيا ستكون مختلفة تماماً. وثانياً، الكثير من هذه التكنولوجيا مدنية، ومن الصعب تقييد التطوير العسكري من دون التأثير أيضاً على التطوير المدني.

وفي غزة، تستخدم المسيرات إلى حد كبير للمراقبة واستكشاف المواقع والبحث عن المسلحين من دون المخاطرة بحياة الجنود، وفقاً لمطوري التكنولوجيا العسكرية الاسرائيلية والأميركية والمراقبين الذين شاركوا ملاحظاتهم. ولا تكشف إسرائيل عن التفاصيل حول كيفية استخدامها لهذه التكنولوجيا، ويشعر البعض بالقلق من أن الجيش الاسرائيلي يستخدم أنظمة توصيات غير موثوقة للذكاء الاصطناعي لتحديد أهداف العمليات المميتة. واستخدمت القوات الأوكرانية أنظمة الذكاء الاصطناعي التجريبية للتعرف إلى الجنود الروس والأسلحة ومواقع الوحدات من وسائل التواصل الاجتماعي وقنوات الأقمار الصناعية.

ويقول المراقبون إن إسرائيل تعدّ مسرحاً سريع التحول خصوصاً للأسلحة الجديدة لأنها تمتلك جيشاً متطوراً تقنياً، وميزانية كبيرة، والأهم من ذلك، علاقات وثيقة مع صنّاع التكنولوجيا الأميركية. وقال آرون سيرافين، المدير التنفيذي لمعهد التقنيات الناشئة التابع للجمعية الصناعية الدفاعية الوطنية: يكمن الفرق اليوم، وربما أكثر من أي وقت مضى، في السرعة التي تتغير بها التكنولوجيا واستعداد موردي تلك التكنولوجيا للتعامل مباشرة مع إسرائيل. وعلى الرغم من أن تجارة الأسلحة تخضع للتدقيق والتنظيم، تثير الأنظمة المستقلة تحديات خاصة. وعلى عكس الأجهزة العسكرية التقليدية، يستطيع المشترون إعادة تكوين هذه المنصات الذكية لتلبية احتياجاتهم الخاصة، ما يضيف طبقة من الغموض إلى كيفية استخدام هذه الأنظمة.

وفي حين أن العديد من المسيرات المزودة بتقنية الذكاء الاصطناعي التي تصنعها الولايات المتحدة وترسلها الى إسرائيل ليست مسلحة وغير مبرمجة من الشركات المصنعة لتحديد مركبات أو أشخاص محددين، صممت هذه الروبوتات المحمولة جواً لتترك مساحة للعملاء العسكريين ولتمكنهم من تشغيل برامجهم المخصصة. وأكد براندون تسينغ، المؤسس المشارك لـ Shield AI، أن المستخدمين قادرون على تخصيص طائرات Nova 2 المسيرة التي يستخدمها الجيش الاسرائيلي للبحث عن الرماة والمدنيين المتحصنين في المباني التي يستهدفها مقاتلو حماس.

وقال متحدث باسم Skydio إن الشركة ليست على علم حالياً بأي مستخدمين ينتهكون القواعد الخاصة بها مشيرة إلى أنها ستتخذ الاجراءات المناسبة للتخفيف من سوء استخدام مسيراتها. وقال متحدث باسم Shield AI إن الشركة واثقة من عدم استخدام منتجاتها لانتهاك المعايير الانسانية وإنها لن تدعم الاستخدام غير الأخلاقي لها. ويشير بعض المراقبين إلى أن البنتاغون يستمد بعض الفوائد من مراقبة الأنظمة الجديدة التي اختبرت في أماكن أخرى. وقال كانسيان من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية إن ما يحصل يتيح للولايات المتحدة اختبار كل هذه الأشياء الجديدة ميدانياً، وهي عملية كانت لتستغرق وقتاً أطول بكثير على الأرض في أوقات السلم وهذا يسمح للبنتاغون بالرهان في النهاية على التقنيات الجديدة بثقة أكبر”.

شارك المقال