محمد دحلان… الفتى الذي أعجب بوش

حسين زياد منصور

على الرغم من الهدنة التي تسيطر على غزة وأجوائها، لا تزال أحداثها طاغية على المشهد السياسي. لكن البارز في كل ما يحصل كانت عودة السياسي الفلسطيني محمد دحلان الى الواجهة وبقوة، وهذا ما أثار العديد من التساؤلات والاستغراب، فمن بين كل السيناريوهات المطروحة لما بعد انتهاء فترة الهدنة في قطاع غزة، يرى المراقبون أن طرح دحلان هو الأقرب الى التنفيذ، ويقضي بوقف شامل لاطلاق النار، يحصل بعد انهاء ملف الأسرى، والاتفاق على مستقبل غزة السياسي والأمني. وتستند خطته الى أكثر من خطوة تبدأ بـ”تبييض السجون” ومن ثم تشكيل حكومة تكنوقراط فلسطينية تعيد اعمار غزة وتنظيم انتخابات فلسطينية عامة، وهذا مقابل هدنة تمتد من 5 أعوام إلى 15 عاماً مع تقديم ضمانات أمنية للاحتلال، ويكون الراعي مصر وقطر وتنضم إليهما لاحقاً تركيا والأردن والامارات، ويمكن أن تنتشر قوات محدودة في نقاط محددة عند حدود غزة.

في كل مرة وبين الحين والآخر، يعود اسم محمد دحلان الى الواجهة، لتوسطه في قضية معينة أو خلاف أو أي حدث فلسطيني. فمن هو العقيد محمد دحلان الذي يرسم مستقبل غزة؟ من هو هذا الرجل الذي أعجب رئيس أكبر دولة في العالم الرئيس الأميركي جورج بوش الابن؟

محمد يوسف شاكر دحلان، سياسي فلسطيني، وقيادي مفصول من حركة “فتح”، ترأس جهاز الأمن الوقائي بعد توقيع اتفاق أوسلو، ثم فصل وأحيل على القضاء بتهم عديدة نفاها هو. ولد في مدينة خان يونس في قطاع غزة في 21 أيلول عام 1961. أواخر السبعينيات درس في مصر التربية الرياضية، ثم عاد الى غزة وحصل على بكالوريوس في إدارة الأعمال من الجامعة الاسلامية.

العمل السياسي

اعتقلت قوات الاحتلال الاسرائيلي دحلان عام 1981، وبقي في السجن 5 سنوات، ثم تم ترحيله الى الأردن عام 1988. وما لبث أن أبعد عن الأردن، وانتقل الى جانب القيادة الفلسطينية في تونس.

أصبح عضواً في لجنة العلاقات في منظمة التحرير الفلسطينية، وانتخب عضواً في المجلس الثوري لحركة “فتح”.

عاد الى قطاع غزة، بعد توقيع اتفاقية أوسلو، وتسلم قيادة جهاز الأمن الوقائي الذي شكل أساساً لمنع عمليات المقاومة ضد إسرائيل وذلك وفقاً للاتفاقية. كما شغل منصب عضو في فريق التفاوض على القضايا الأمنية المتعلقة بإعادة الانتشار الاسرائيلي في الضفة الغربية. كما شارك في مفاوضات في منتجع “واي بلانتيشن” 1998.

استقال دحلان من رئاسة الأمن الوقائي في تشرين الثاني 2001، احتجاجاً على معالجة الرئيس الفلسطيني حينها ياسر عرفات للقضايا الأمنية. لكن في سياق تغييرات في أجهزة السلطة عيّن مستشاراً للأمن القومي في تموز 2002، لكنه عاد وقدم استقالته بعد أشهر قليلة بسبب تجدد الخلافات بينه وبين عرفات. في نيسان 2003 شكل رئيس الوزراء محمود عباس حكومته، وعيّن دحلان فيها وزير دولة لشؤون الأمن.

وبعد انتخابات 2006 التشريعية وفوز “حماس”، وسلسلة اغتيالات لشخصيات مهمة لم يعد دحلان الى قطاع غزة، وسحب أفراد عائلته الى مصر. وفي حزيران من العام نفسه، سيطرت “حماس” عسكرياً على القطاع، وطردت جهاز الأمن الوقائي، لتقوم قيادات من “فتح” بتحميل مسؤولية ما جرى لدحلان.

الفصل من “فتح”

في حزيران من العام 2011، فصلت حركة “فتح” ببيان رسمي دحلان، وأحالته على القضاء، وذلك على خلفية قضايا جنائية ومالية. ومن بين التهم أيضاً التخطيط لتجنيد خلايا عسكرية في الضفة الغربية للسيطرة على زمام الأمور. هذا القرار جاء بعد أشهر من اتهامه الرئيس عباس بالعديد من القضايا المالية والسياسية، وتجميد حضور دحلان اجتماعات اللجنة المركزية.

وفي العام 2012، رفع عباس الحصانة البرلمانية عن دحلان. وفي العام 2016 اعتبرته المحكمة فاراً من العدالة، وصدر بحقه حكم بالسجن لمدة 3 أعوام، وطالبته بإعادة مبلغ 16 مليون دولار إلى خزينة السلطة.

ويقول متابعون ان كل ذلك حصل بسبب خوف الرئيس عباس من انقلاب دحلان عليه وتسلم السلطة.

اتهامات بالمؤامرات

بعد فصله من حركة “فتح” أقام دحلان في الامارات، لكن شبهات تورطه في المؤامرات ضد أنظمة وقيادات عربية وإقليمية لا تزال تلاحقه.

فعلى صعيد غزة، يرى الكثيرون أنه من الحاكمين في القطاع ميدانياً، على الرغم من سيطرة “حماس”، وذلك من خلال الأموال التي يدفعها ويقدمها.

ويشاع عن دحلان تورطه في مواجهة الثورات في مصر وتونس، كونها أتت بالاخوان المسلمين الى الحكم، وأنه قدم الدعم الكبير للاحتجاجات التي مهدت للانقلاب العسكري ضد نظام محمد مرسي.

وتشير تقارير عدة الى أن دحلان يقوم بالعديد من المهمات في المنطقة، من مشاركته في مفاوضات الخرطوم لبناء سد على نهر النيل، الى مد الجنرال الليبي خليفة حفتر بالسلاح والمرتزقة، وتأسيس حزب سوري معارض.

وتفيد بعض التقارير بأنه يمتلك مخازن ضخمة للأسلحة في البلقان، أما في لبنان فله دور في بعض المخيمات خصوصاً عين الحلوة، من خلال الأموال والمساعدات التي يقدمها عن طريق جمعيات غير حكومية.

الى جانب كل ذلك تتهمه تركيا بضلوعه في محاولة الانقلاب الفاشلة وتغيير النظام الدستوري بالقوة، وذلك منذ سنوات، وأدرجته ضمن “القائمة الحمراء”.

شارك المقال