صدام الأوهام… “دولة حماس” و”حركة إسرائيل”

فؤاد حطيط
فؤاد حطيط

كيف تصنع دولة، تركب لها تاريخاً من أساطير، تجلب لها شعباً من أنحاء الكرة الأرضية، تجعل منها متفوقة على جيرانها عسكرياً وإقتصادياً، وتوصلها الى مرتبة متقدمة بين دول العالم… وكل ذلك بـ75 سنة؟

كيف تسقط هذه الدولة في غضون أيام بل ساعات؟

التاريخ حافل بقصص صعود وسقوط ممالك وإمبراطوريات. لكن إسرائيل قصة فريدة في صعودها السريع، كـ”وهم” يؤسس كياناً، وفي سقوطها الخاطف في لحظة “صدام الأوهام” حين طوفانها.

اليوم ونحن نتابع التفاوض حول التبادل والهدنة في غزة، كأننا نشهد تفاوضاً بين “دولة حماس” الخارجة من طوفان أمني – عملياتي أطلقته على غفلة إستثنائية، وبين “حركة إسرائيل” التي شهرت “سيوفاً حديدية” دمرت وقتلت وجرحت عشرات الآلاف من الأطفال والمدنيين، حتى أن جدار “العداء للسامية” الذي بُني لحمايتها إيديولوجياً وإعلامياً، بدأ ينهار بقوة بشاعة الجرائم التي ترتكبها يومياً.

“دولة حماس” تخرج من شمال غزة، المدمر بآلاف الغارات وبالقصف المدفعي الثقيل والمتواصل لأسابيع، تخرج من تحت الركام بكل هيبة وبكل انضباط لتسلم أسراها المدنيين. فيما “حركة إسرائيل” تبلع غبار الدمار، الذي أحدثته، بذلّ وهي مشغولة أكثر بمستقبل رجلها القوي، بنيامين نتنياهو، بيبي، الذي بنى مجده السياسي على “الحزم الأمني” ضد السلطة الفلسطينية وضد “غزة – حماس” وضد ايران، مهدداً بمواكبة من المؤسسة العسكرية، بضربها في حال استشعار خطر من تقدم برنامجها النووي.

وإذ بدأ رمي السيناريوهات لـ”غزة بعد حماس” في التداول الإقليمي والدولي، باستعجال غير مبرر على الأرض حالياً، فإن السيناريو الأهم هو عن “إسرائيل بعد غزة” وهي التي باتت أقرب الى “ولاية أميركية” قرارها السياسي والعسكري والتفاوضي بيد واشنطن.

غزة أشبه بنفق دخلت فيه إسرائيل دولة ممتلئة أوهاماً، بانتظار أن تخرج من النفق… ربما “إسرائيل – حركة تصحيحية”.

شارك المقال