محددات مسار الجولة الثانية من العدوان على غزة

زياد سامي عيتاني

في اليوم الـ56 من الحرب على غزة المدمرة، ومع إنتهاء سريان الهدنة الممدة بين إسرائيل وحركة “حماس”، بعدما لم يعلن أي من الجانبين عن اتفاق لتمديدها، إستأنفت إسرائيل عمليتها العسكرية على القطاع، ضاربة عرض الحائط بكل الجهود والاتصالات الدولية والاقليمية لتمديد الهدنة وتثبيتها، إفساحاً في المجال للوصول إلى إتفاق أولي يفضي إلى وقف إطلاق النار. فقد أعلن الجيش الاسرائيلي إستئناف عملياته ضد حركة “حماس” في غزة، واتهمها بخرق شروط الهدنة وإطلاق النار باتجاه إسرائيل، في إشارة إلى إعلانه في وقت سابق عن اعتراض صاروخ أُطلق من غزة. كما أكد أن طائراته الحربية تقصف جميع أنحاء القطاع. ونقلت إذاعة الجيش الاسرائيلي عن مصدر سياسي رفيع قوله: “عدنا إلى القتال بكل قوة ولا تُجرى أي مفاوضات لتحرير مخطوفين”.

في موازة ذلك، قال رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو في بيان: “مع العودة إلى القتال سنؤكد التزام الحكومة الاسرائيلية بتحقيق أهداف الحرب وإطلاق سراح الرهائن وتدمير حماس والتأكد من أن غزة لن تشكل تهديداً مرة أخرى لسكان إسرائيل”!

ومع الجولة الثانية من الحرب على غزة، ما هي المحددات التي ستتحكم بتلك الجولة؟

يحدد المتابعون تلك المحددات لمسار العدوان المتجدد وحجمه التدميري ورقعته الجغرافية بالعوامل المؤثرة التالية:

-أولاً: ضغط الشارع الاسرائيلي لتسلم بقية المحتجزين، وهذا من الممكن أن يشكل دافعاً لتجديد العدوان بصورة واسعة، لأن العائلات الأخرى تريد أن تتسلم أبناءها أيضاً.

-ثانياً: العامل الأميركي، بحيث يبدو من تصريحات واشنطن أن ديبلوماسيتها لا تزال ناشطة مع الدول المؤثرة لمنع توسع الحرب، وفي الوقت نفسه تنصب جهودها مع الدول المذكورة على العودة إلى الهدنة.

-ثالثاً: قدرة “حماس” وصمودها قبل كل هدنة وبعدها، سيجعلان إسرائيل تنخرط في مفاوضات لاحقة.

-رابعاً: جدية “حزب الله” والحوثيين في الاستمرار في حرب “الاسناد”، لأن غياب الطرفين يعطي إسرائيل قوة للاستمرار في القتال في غزة، ومن الممكن الانخراط بصورة أكبر في حال إقتضت التطورات الميدانية ذلك.

-خامساً: تأثير الوزراء في اليمين المتطرف الاسرائيلي على قرارات الحكومة والجيش في الأيام المقبلة.

-سادساً: تأثير العلاقات العربية على الادارة الأميركية خلال فترة الهدنة. إن الأولوية التي تركز عليها جهود المجتمع الدولي في الوقت الراهن هي تقليص مساحة الصراع، وتجنب تحوله في غزة إلى حرب إقليمية كبرى، وهذا ما لا تريده الولايات المتحدة. غير أن القرار الاسرائيلي متغير حسب ظروف المعارك في غزة، حيث لا تزال إسرائيل تعيش على سيناريو حافة الهاوية في توسع الحرب، على الرغم من ضغط الولايات المتحدة من أجل المزيد من التهدئة الجزئية والمتقطعة. فإذا إستمرت إسرائيل في حربها، تكون هناك فرصة سانحة لتوسعها على مستوى المنطقة، لذلك نحن أمام سيناريو متغير يعتمد على ظروف المعارك على الأرض، التي ستتحكم بها الظروف السياسية في المنطقة.

شارك المقال