“المنطقة العازلة”… بين واقعية الطرح ورأي “الممانعة”

محمد شمس الدين

منذ بدء زيارة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان الرابعة إلى بيروت، كثر الحديث عن تعديل قرار مجلس الأمن الدولي 1701، ليتضمن منطقة عازلة في جنوب لبنان، تدفع بـ “حزب الله” إلى التراجع جنوب الليطاني، الأمر الذي سيشكل بالتأكيد موضوع خلاف كبير في لبنان، في ظل رفض ممانع وتأييد “سيادي”، فما حقيقة الأمر؟ وماذا سيكون موقف “حزب الله” وقوى الممانعة؟

الناطق الرسمي باسم “اليونيفيل” أندريا تيننتي علّق على تزايد الحديث عن ضرورة تعديل القرار 1701 وإنشاء منطقة عازلة، بالقول: “إن مجلس الأمن الدولي هو الذي أصدر القرار، ولذلك لا يمكن البدء بأي مناقشات حول مستقبله إلا من خلال مجلس الأمن والدول الأعضاء فيه”.

وأكد تيننتي في حديث إذاعي أن “ركائز القرار 1701 لا تزال سارية”، مُشدداً على أن “الأولوية تبقى لمنع التصعيد، وحماية أرواح المدنيين، وضمان أمن حفظة السلام”.

موضوع تعديل القرار 1701 لم يتحدث به الموفد الفرنسي، أمام كل من التقاهم، إلا أنه وفق مصادر حزب أساسي، “المنطقة العازلة” ستكون عنوان المرحلة المقبلة، بحيث أن كلاً من قطر وفرنسا تطرحان الأمر، علماً أن الضيف الفرنسي أثنى على انضباط “حزب الله” على الحدود.

وتعليقاً على الحديث عن “منطقة عازلة”، قال أحد القياديين في “حزب الله” لموقع “لبنان الكبير”: “الحكي ما عليه جمرك”.

أما عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب حسن عز الدين فأشار إلى أن “الموضوع لم يطرح بعد مع الحزب، وهو حالياً في إطار التسريبات الصحافية، وعندما يصبح هناك كلام رسمي نعلق على الأمر”.

ومن جهة حركة “أمل”، أكدت مصادرها لموقع “لبنان الكبير” أن “هذا الكلام وكل شبيهاته مرفوض جملة وتفصيلاً، العدو الاسرائيلي يخترق القرار 1701 بصورة يومية منذ العام 2006، ولا نستطيع أن نسمح له بأن يخترق سيادة الأراضي اللبنانية في ظل وجود القرار 1701″، معتبرة أن “على الصهاينة أن يطبقوا جميع القرارات الدولية وفي مقدمها الـ 1701، ونجدد مطالبتنا بذلك لكل من يهمه الأمر من الدول الشقيقة والصديقة والمحبة. ”

ولفتت المصادر إلى أن “المقاومة اللبنانية هي قوة رسمية لبنانية على المستوى الشرعي والقانوني باعتراف جميع الحكومات المتعاقبة، ولا تهوى القتال حباً بالسلاح، بل وجدت للدفاع عن كامل الأراضي اللبنانية، ولو كانت الحدود مع العدو الاسرائيلي شمالاً لرأينا الامام موسى الصدر عاد ليؤسس مقاومة في الشمال”.

وأشارت مصادر قريبة من أجواء الثنائي الشيعي لموقع “لبنان الكبير” الى أن “إسرائيل هي المعتدية دوماً، وستحاول عبر السياسة فرض شروط على لبنان، وهذا لا يمر على المقاومة، وإن كانوا يريدون منطقة عازلة، فيجب أن تكون من الطرف المعتدي لا المدافع، ولتنشر قوات طوارئ دولية على الحدود من جهة الأراضي المحتلة، وليس قوات صورية وحسب، بل قوات مجهزة لمنع الكيان من التعدي على سيادتنا وأرضنا”.

وسألت المصادر: “من يستطيع وقف تحليق الطائرات الحربية الاسرائيلية في الأجواء اللبنانية؟ بالتأكيد ليس بيانات الادانة من قوات الطوارئ الدولية، بل إن هذا العدو لا يفهم إلا بالقوة، وهذا طبيعي كونه عصابات قتل جماعي أسست ما تعتبره دولة، وها هو اليوم يصفي دماء غزة والأمم المتحدة تدين وتدين وتدين ولا يتوقف العدوان، بينما يتمتع بفيتو أميركي يسمح له بالهروب بجرائم الحرب، لذلك المقاومة لن تتخلى عن دورها في الجنوب، وإذا طرح الأمر رسمياً على قيادات المقاومة فالرد لن يكون أقل من منطقة عازلة في الكيان”.

وعن آلية تعديل قرار دولي في مجلس الأمن، فقد تحدث النظام الداخلي للمجلس في فصله السادس عن هذا الأمر، ويمكن لأي دولة عضو في المجلس اقتراح مشروع أو تعديل على مشروع على الدول الأعضاء، ويجب أن يحظى المشروع بثلثي الأصوات كي يتم إقراره.

ويرى محللون أن لا طرح فعلياً لتعديل القرار 1701، كونه يتضمن القرارات الدولية السابقة مثل 1559 و1680، وكذلك يتضمن تنفيذ “الطائف”، ما يعني بصورة فعلية نزع سلاح الميليشيات في كل لبنان وليس الجنوب فقط، وهذا يتضمن “حزب الله”، وبالتالي لا حاجة الى تعديل الـ 1701، كون القرارات السابقة أصلاً تتحدث عن نزع السلاح.

أما عن المنطقة العازلة، فهو أمر مستبعد جداً، ويمكن أن يكون “التسريب” جزءاً من بروباغندا سياسية، فالطرح ليس واقعياً، كيف سيقبل “حزب الله” بمنطقة عازلة وهو في كامل قوته؟ هذا الأمر لا يمكن أن يحصل إلا بعد حرب، يقدم فيها الطرفان تنازلات، ويمكن أن تكون منطقة عازلة على جهتي الحدود في حينها، على الرغم من أن اسرائيل ترفض هذا الأمر، إلا أن الوضع الاقليمي والدولي اليوم يختلف عن ذي قبل.

شارك المقال