تعويضات القرى الحدودية… موقف “القوات” مبدئي و”الحزب”: هؤلاء خارج التاريخ

محمد شمس الدين

في آخر جلسة حكومية، أقر مبدأ التعويضات للقرى الجنوبية الحدودية، ودار الحديث عن 10 ملايين دولار، الأمر الذي تسبب بجدل في لبنان بعد أن رأى بعض أطراف المعارضة، لا سيما “القوات اللبنانية” وجوب عدم دفع المبلغ وليتحمل من أدخل لبنان الحرب المسؤولية ويدفع هو، علماً أن هذا الأمر سبقه إعلان “حزب الله” عن بدء مسح الأضرار للبدء بالتعويض عليها خلال الهدنة التي استمرت أسبوعاً.

وانقسم البلد بين ثلاثة آراء، الأول هو الرأي الممانع، أن هذا واجب الدولة، الرأي الثاني هو رأي المعارضة أن محور الممانعة أدخل البلد في هذه الحرب وعليه هو أن يدفع، أما الرأي الثالث، فيقول حتى لو أن “حزب الله” هو المتسبب بهذه الحرب، الدولة تتحمل مسؤولية كونها أصلاً لم توقفه عن فعلته، وهي المسؤولة أمام المواطنين.

وأشار مصدر وسطي لموقع “لبنان الكبير” الى أن “الدولة هي المسؤولة دوماً أمام المواطن، ولا يمكن أن تتخلى عن مسؤولياتها، وحتى لو كان الخطأ يقع على الحزب، لا يمكن للدولة أن تتحجج بهذا الأمر، وهي أصلاً لم تحاول منعه من تنفيذ هجماته على المواقع الاسرائيلية”.

وبالنسبة الى رأي “القوات”، قال عضو كتلة “الجمهورية القوية” النائب فادي كرم لموقع “لبنان الكبير”: “الموقف هو تحميل المسؤولية لمحور الممانعة، لأنه من أخذ قرار ادخال لبنان في حرب لا طائل منها ولا قدرة له على تحملها، وهي ليست مرتبطة بالبلد، بل بالمنظمات والأنظمة التابعة لمحور الممانعة ووحدة ساحاته، وبالتالي عليه هو تحمل المسؤولية ودفع التعويضات، لأن التاريح سيلاحقه”.

وفضّل كرم عدم الدخول في التفاصيل حول التعويضات في الجنوب، مشيراً إلى أن المهم هو الموقف المبدئي. وأكد أن “من جلب الدمار عليه أن يتحمل العواقب، ونحن نحاول أن ندافع عن الناس كي لا يدمر لبنان”، لافتاً الى أن “محور الممانعة اعتاد العيش على حساب اللبنانيين، وهو يريد أن يأخذ أموالنا وأموال الشعب، ونحن علينا أن نذكره بأنه هو من أفلس لبنان ودمره، وأبعده عن أصدقائه الخليجيين، وتسبب بمشكلات ديبلوماسية له”.

ومن جهة “حزب الله”، اعتبر عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب ايهاب حمادة أن “المسار عند هؤلاء، واضح منذ اللحظة الأولى أنهم في مكان آخر، والرهان لديهم خاسر دوماً. سمعت أحداً من هذا الفريق السياسي في إحدى المقابلات، وقد اجتهد لدرجة شعرت أن نفسه سينقطع ليقول ان حزب الله يعتدي على اسرائيل، هؤلاء لا يقرأون في التاريخ ولا في الجغرافيا، ولا يعرفون الماضي ولا ينظرون الى المستقبل، وعليهم القاء نظرة فقط على علم اسرائيل، ليعرفوا أطماعها التي لا تخفيها”.

وأشار الى أن “المواطن اللبناني يتوقف عند البعد الانساني للأمر، ويشعر بالقرف من مواقف مماثلة”، قائلاً: “فعلاً نقول هؤلاء لا يشبهوننا بل لا يشبهون معظم اللبنانيين، فاسرائيل هذه تحتل أرضاً لبنانية، باقرار من المجتمع الدولي، الذي أكد لبنانية قرية الغجر”.

وأوضح حمادة أن “الرأي العام الغربي بدأ بالتحول وواجه حكوماته نتيجة ما شهده في فلسطين من عداء للانسان والانسانية، بينما البعض في لبنان غارق في اسرائيليته أكثر من الصهيوني نفسه”.

وشدد على أن “الدولة من واجبها التعويض على مواطنيها، وأهالي القرى الحدودية لبنانيون منذ أكثر من ألف عام وليس 10 سنوات، وهم لبنان الحقيقي، بينما غيرهم الذي يريد أن يكون مع العدو هو الذي يشك دائماً في لبنانيته وانتمائه، وفي كل الأحوال لا يستغرب موقف كهذا منه، وإن جاء ليغلفه بالقول انه إذا حصل نزوح فإن بيوتنا مفتوحة للنازحين، وعليه أن يعلم أن هؤلاء النازحين، لا يمكن أن يقبلوا ببيوت نجسة، وبالتالي بلاه وبلا بيوته. الدولة واجبها الوقوف إلى جانب شعبها ودعمه والتعويض عليه أمام هذا العدو الغاشم الذي في السياق التاريخي لا يحتاج إلى سبب للاعتداء على آخر، فماذا ارتكب الفلسطيني في الـ 1948، كي يحتل الاسرائيلي أرضه؟ على من اعتدى كي يأتي من يحتل أرضاً من البحر إلى النهر؟”.

أضاف حمادة: “تجد نفسك إذا أردت التعبير عن موقف تجاه هؤلاء، تأسف للتعبير، هذا النسق من اللبنانيين نحن لا نراه، ولا يشبهنا، ولا يشبه أحداً في لبنان، ونحمد الله أن لا صلة شبه بيننا وبينهم، الأمور تسير والدولة تقوم بواجبها من أجل اعلاء الثمن الذين يقبضونه من مشغليهم، وهم دائماً بحاجة الى تقديم أوراق اعتماد، بينما نحن في مكان آخر، وقد شاهدنا أين أصبحوا هم، وأين أصبحت مشاريعهم، أما تصويبهم على حزب الله والمقاومة، فهو نيشان شرف لنا، وموقع الحزب والمقاومة في قلوب الشرفاء، ليس في لبنان والمنطقة فحسب، بل على مستوى العالم، هو موقع مشرف، فحزب الله يؤثر في الخريطة العالمية، لا يلتفت إلى صراخ هؤلاء، الذي يسيء اليهم أصلاً، وقد كان المجتمع المسيحي صوته أعلى من الآخرين باستنكار المواقف وتوصيفهم بما يليق بهم”.

وقال: “هؤلاء ينحتون كي يكونوا خارج التاريخ والجغرافيا، وخارج اللبنانية والانسانية، وهذا المآل الذي سيصلون إليه”.

كالعادة، كل المواضيع في لبنان تصبح موضع تجاذب، ولا يمكن الاتفاق على مبدأ واحد بين القوى المتناحرة سياسياً، حتى في وجه العدو الاسرائيلي، وهذا سببه ضعف الدولة بحد ذاتها، فلو كانت هناك دولة قوية، لكان بامكانها أخذ قرار حاسم لجهة السلم والحرب، يمكن أن يكون “حزب الله” من ضمنه وأحد نقاط القوة لديها عسكرياً، ويمكن للدولة أن تكون أقوى فلا تحتاج لا الى “حزب الله” ولا الى غيره، والاعتماد يكون على مؤسساتها العسكرية فقط، وبدلاً من أن تبادر القوى السياسية الى بناء الدولة القوية، تتقاتل في كل الملفات، من الصغيرة إلى الكبيرة.

شارك المقال