لـ”عيون جبران”… “الحزب” يقاطع جلسة التمديد الحكومية

رواند بو ضرغم

في الساعات الأربع والعشرين الماضية، أبلغ “حزب الله” موقفه الرسمي الى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في موضوع جلسة التمديد لقائد الجيش جوزيف عون، وهو وفق معلومات خاصة بموقع “لبنان الكبير”: “إذا دُعي الوزراء الى جلسة تأجيل التسريح فلن يحضر وزراء الحزب الجلسة”، وبالتالي سيطير نصابها.

بموقفه هذا، يُخضع “حزب الله” الرئاسة الثالثة بما تمثل من موقع سني، لإرادة حليفه “التيار الوطني الحر” الذي يقاطع جلسات الحكومة وينقضّ على صلاحياتها، بحيث يصارع الرئيس ميقاتي من أجل إبعاد حكومته عن حافة الهاوية ويحاول تجاوز العراقيل التي تعترضها لعدم فتح نيران الخصوم عليها، ويسعى جاهداً من خلال مبدأ التوافق الى أن يحافظ على ثلثي وزرائها بهدف انعقاد الجلسات وتمرير البنود الضرورية لتسيير شؤون الناس والمؤسسات وفقاً للدستور.

الا أن “حزب الله” يصرّ على إحراج كل المكونات اللبنانية إرضاء لحليفه المسيحي جبران باسيل من دون أي مقابل سياسي، أقله في ملف رئاسة الجمهورية. فما أعطاه جبران باسيل “شبراً” في دعم المقاومة بوجه العدو الاسرائيلي، أعطاه وليد جنبلاط “متراً” على الرغم من الخصومة السياسية. وما بين إرادة الغالبية (بمن فيهم حلفاء الحزب وخصومه الذين يغطون تأجيل التسريح في مجلس الوزراء)، وبين مصالح جبران باسيل، اختار الحزب “ما يناسب” باسيل وعمه ميشال عون، وقرر أن يقاطع جلسة التمديد الحكومية.

يستطيع أصحاب المنطق أن يتفهموا مدى إحراج “حزب الله” في حال سلّفه جبران باسيل موضوع الرئاسة ولو أعطاه وعداً بتسهيل وصول مرشحه الرئاسي، سليمان فرنجية، الى قصر بعبدا، ولكن ما هو غير منطقي أنه انجرّ الى خيار باسيل وخاصم الجميع في حين أنه حاول إقناعه بدعم فرنجية، وأصرّ باسيل على رفضه.

هي ليست المرة الأولى التي يتغاضى فيها “حزب الله” عن الاجماع الوطني إرضاء لباسيل، فهو الحزب نفسه الذي استقوى به باسيل لمحاصرة الرئيس السابق سعد الحريري سياسياً وعقّد تأليف الحكومات لفرض شروطه الوزارية، وهو الحزب نفسه الذي دعم باسيل في معركة التصويت على إحالة وليد جنبلاط على المجلس العدلي في قضية قبرشمون، وهو الحزب نفسه الذي تراجع عن تصويته في حكومة حسان دياب وأعاد التصويت على معمل سلعاتا الكهربائي وفقاً لمصلحة باسيل. واليوم يكرر “حزب الله” خطيئته باطاحة التوافق المسيحي (بكركي و”القوات” و”الكتائب” و”المردة”) والرغبة الدرزية وعدم اعتراض رئيس المجلس النيابي وحركة “أمل” على التمديد لقائد الجيش، للحفاظ على المؤسسة العسكرية في ظل الأوضاع الأمنية المتوترة جنوباً والفراغ الرئاسي والأزمات المتعددة، ويصطف وراء باسيل في معركته الشخصية مع جوزيف عون.

هذه المرة، لا مسؤولية على رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ولا يمكن لأحد أن يحمّله ما هو فوق طاقته، فـ”حزب الله” هو من طيّر جلسة التمديد ليس بقناعة منه، إنما تحت وطأة الاحراج من حليفه المسيحي.

أما ما استطاع أن يفرضه باسيل على الحكومة من خلال الحزب، فيتوقف عند عتبة عين التينة ويُسفك بضربة واحدة من مطرقة رئيس المجلس النيابي نبيه بري. مقاطعة “حزب الله” لجلسة التمديد الحكومية لا تعني مقاطعة الحزب لجلسة التمديد النيابية، ووفق مصادر نيابية لموقع “لبنان الكبير” فإن “حزب الله” سيحضر حتماً جلسة التشريع وإن لم يُصوّت على التمديد، لأن المعركة التي يخوضها الرئيس بري ليست معركة شخصية، إنما معركة صلاحيات شيعية ممثلة برئاسة المجلس، وتأكيد على المؤكد أن الجلسات التشريعية يجب أن تنعقد بين الجلسات الانتخابية في ظل الفراغ الرئاسي.

في الخلاصة، إن التعيين والتمديد باتا متعذرين في الحكومة، وملف قيادة الجيش أصبح في قاعة الهيئة العامة في مجلس النواب، ولا يتحمل رئيس المجلس نتيجته أيضاً، فإذا حضرت “القوات” يُمدد لقائد الجيش الذي يحتاج فقط الى 33 صوتاً في جلسة مؤمن نصابها (65 نائباً)، وإذا لم تحضر فتتحمل هي مسؤولية المؤسسة العسكرية. الا أن “القوات” ستحضر وستصوّت على التمديد للعماد جوزيف عون الذي بات أمراً واقعاً، ويُتوقع أن يستفيد أيضاً المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان من التمديد بناءً على مطلب نواب السنّة.

أما لقاء موفد “حزب الله” المعاون السياسي للأمين العام للحزب الحاج حسين الخليل مع رئيس الحزب “الاشتراكي” السابق وليد جنبلاط فكان بناءً على طلب من الأخير، وفق ما أكدت معلومات موقع “لبنان الكبير”، وذلك للبحث في آخر الوقائع الميدانية في غزة وفي الجنوب اللبناني. والتقى المجتمعون على فكرة أن الاسرائيلي قد يكون في نيته التصعيد، لذلك كرر جنبلاط موقفه باستمرار ضبط النفس وعدم التورط في حرب كبرى، مؤكداً حرصه على التعاون والاستعداد للمؤازرة وفتح أبواب الجبل أمام الجنوبيين. ولهذا الغرض أيضاً زار رئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب تيمور جنبلاط عين التينة مترئساً وفداً موسعاً، للتأكيد على عمق العلاقات الشيعية – الدرزية وتجذرها، والتاريخ النضالي الذي يجمع “الاشتراكي” مع حركة “أمل”.

وبالعودة الى الملفات التي بحثها جنبلاط مع موفد “حزب الله”، قالت مصادر المجتمعين لموقع “لبنان الكبير” إن الزعيم الاشتراكي أكد لـ “حزب الله” موقفه الداعم للتمديد لقائد الجيش، على اعتبار أنه لا يقبل بتعيين رئيس الأركان الدرزي في ظل فراغ قيادة الجيش، واضعاً نفسه في مواجهة المسيحيين في ظروف كهذه أمنية دقيقة، وكان الحزب متفهماً لهواجس جنبلاط وإيجابياً في قراءة موقفه.

شارك المقال